العالم الافتراضي الذي يتحدثون عنه في الفيس بوك وما شابهه أوحى لنا نحن الأزواج القدامى أن نصنع لأنفسنا عالما افتراضيا نعيش فيه كلما أردنا التخلص من عالمنا الحقيقي المليء بالمنغصات...نعم أنا مثلا أفضل أن نذهب بخيالنا (زوجين .. زوجين) إلى عالمنا الافتراضي ونشكله كما نريد.....هي تمر بطلعتها البهية تسير كأنها القمر نزل على الأرض يبتسم في براءة الصبية التي تسرح وراءها روحي ممسكة بيدها وأنا أنظر إليها خلسة حتى لا ينكشف أمرنا..... أنا أحاول أن يستتر ما بيننا من تواصل ...هي لا تنظر إلى مجلسي بين أصدقائي بعين جريئة وأنا لا أنظر إليها صراحة وبوضوح ....تتلاقي العينان لحظيا فتسري بيننا لفحة الهوى... ويفصل بيننا فراغ تملؤه أشعة الحب الذي ننتظر إعلانه...هي تفكر متى أصطحب الوالدين إلى بيت أبيها لنخطب الود ونطلب اليد...وأنا أنتظر بفارغ الصبر شغل الوظيفة المحترمة في هيئة قناة السويس كي أتقدم لخطبة الحبيبة....تسرح أفكاري في الوظيفة التي وعدني بها رئيس القطاع بعد نجاحي في (الإنترفيو) ...يعود فكري يؤنبني كيف أترك التفكير في أملي الذي يمشي أمامي وأفكر في الوظيفة إنها خيانة للحب ...وكيف لا أفكر في وظيفتي التي سوف تؤهلني لنيل الثقة والموافقة...وهي تفكر كيف تستقبل زيارتي مع أهلي وماذا تقدم لنا من صنع يدها وترش عليه ماء الورد وتقرأ عليه الفاتحة والمعوذتين وآية الكرسي حتى يتم الارتباط المقدس....أنا أفكر في الأعوام القادمة حين تسير هذه الجميلة بجواري وتمسك بيدها ابنتها الفاتنة التي تجري خطوات وتمشي خطوات ...وهي تفكر في ساعة نزور فيها شاطئ النيل ونأكل الحمص والسوداني ونشرب المثلجات من كشك عبده....آه إن البلدية قد أزالت الكشك وربضت مكانه مركب سياحية لا يرتادها سوى الأغنياء ...لقد حرمنا منظر النيل هنا...كانت خطواتها أسرع من تفكيري فمرت حتى تعذرت رؤيتها بين المتنزهين على الشاطئ...لماذا ضيعت أنا هذه الوقت حتى انقضت لحظات سيرها أمامي؟....لقد غرقت في تفكير شغلني عن إمعان النظر في هيئتها وشم النسيم القادم من أنفاسها العطرة...لقد ضيعت الفرصة ...لا بأس فقد تكون ذاهبة في شأن سريع تعود بعده لأراها....هي تحاول أن تشتري أغراضها بسرعة وتعود قبل أن أغادر المكان...بعد أن تأكدت أنها ابتعدت عن نظري أسرعت لكي تعود في لحظات وتراني في نفس المكان ....تقول لنفسها لو ظل جالسا لتأكدت من حبه ... ليتني أجده في مكانه...أنا أبحث في رأسي عن أغنية (أنا في انتظارك لأم كلثوم) وهي تبحث في رأسها عن أغنية نجاة (ما أحلى الرجوع إليه)......كانت عيناى شاخصة إلى الكورنيش حيث أنتظر عودتها....لا أدري لماذا كانت أغنية شادية ترن وتتردد في أذني....(تقابلني واقابلك وعينيك تيجي ف عينيا..... وأول ما ابتسملك تبص ف ناحية تانيه.....بتعمل قاسي لكن...... الشوق في القلب ساكن..... من غير ما تقول لنا إنك مشغول بنا ....عرفنا خلاص عرفنا..... من غير ما تقول لنا.... إنك مشغول بنا...)....ربما لأنني أتمنى أن أكون مثل هذا الذي فاز بحب فتاة ذكية لمحت لهفة الصب وخجل الحبيب...إنني فعلا أشبه هذا الفتى وأخجل من النظر إلى فتاة ...أنني أستحي أن تنكشف مشاعري أمام أحد ولو كان أمام المحبوبة نفسها فكرامة الرجل هي الاحترام والتعفف....(مت المحكمة على عز بعشر سنوات وعلى......هزت الكلمات رأسي وجسدي كله وعدت من الشاطئ ولم أنتظر حبيبتي.....وتابعت مشاهدة نشرة الأخبار
التعليقات (0)