عالم أمريكي متعدد
يعيش العالم أسوأ حالاته متغيرات جيوسياسية وضبابية تُحيط بالاقتصاد العالمي وملفات كانت مادة دسمة لوسائل الإعلام العالمية على رأسها الإرهاب والجماعات المتطرفة ، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي 1990م هيمنت أمريكا على العالم وفرضت نفسها بقوة على عرش الهيمنة يدعمها اقتصاد كبير و آلة إعلامية مؤثرة وقوة عسكرية لا تعرف القيود، تلك الهيمنة جعلت من أمريكا قوة تمسك بجميع الملفات تتدخل متى ما رغبت وتقف موقف المتفرج متى ما آرادت، العدالة والمساواة والديمقراطية قيم أمريكا سعت وتسعى لنشرها قيم مستوحاه من طبيعة الشعب الأمريكي المتنوع والمتجانس إلى حد كبير، ثلاثة عقود امضتها أمريكا كقطب واحد يتحكم في العالم لكن ماذا عن الصين وروسيا والهند كدول يقال أنها ستفرض نفسها وتسحب البساط من تحت قدم تمثال الحرية!
سقوط الدولار وانتهاء حقبة القطب الواحد امنية يتداولها سكان الكرة الأرضية، أمنية قد تتحقق إن ادرجناها تحت قاعدة السنن الكونية، لكن كيف تتحقق والقوة الأمريكية العسكرية تجوب المحيطات وتتمركز حول العالم؟
لا بديل عن حرب عسكرية مباشرة ينخرط فيها العالم وفق مصالحه يتكرر بسببها سيناريو الحربين العالمتين الأولى والثانية بإخراج نووي عنيف، عند ذلك قد تصمد أمريكا كقوة وتبدأ في إعادة ترتيب العالم وفق مصالحها ومبادئها أو تنهار ويتشكل نظام عالمي جديد لا يعترف بالبلدان الصغيرة والفقيرة ..
أمريكا ليست بذلك الغباء وأقصد هنا من يتحكم في صنع القرار من الساسه والمؤثرين فلن تدع هيمنتها عُرضه لأمنيات ولن تتخلى عن ذلك مهما كلف الأمر!
هناك إدراك سياسي لتكلفة الهيمنة والتدخل العسكري طوال العقود الماضية تلك التكاليف المالية والبشرية جعلت الساسة يفكرون في التخفيف من آثارها عبر نشر فكرة عالم جديد متعدد الاقطاب بصلاحية مقيدة يتحكم فيه قوة واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية..
العالم الجديد الذي يُراد له أن يرى النور هو عالم متعدد القوى ومساحة عمل واسعة للقوى الجديدة التي تفرض نفسها اقتصادياََ وتنموياَ وعسكرياً تلك القوى تعمل تحت إدارة وارادة القوة الأمريكية ولا يسعها الخروج من تلك الدائرة..
تخلي أمريكا برغبتها عن بعض ما كانت تقوم به ليس ضعفاً كما يعتقد البعض بل إدراك سياسي لتكاليف ما كانت تقوم به وهي بذلك تعيد تجديد نفسها وتنأى بنفسها عن التدخل المباشر في ملفات استنزفت طاقتها ووضعتها محل اتهام مباشر..
انسحاب الترسانة العسكرية الأمريكية من الشرق الأوسط ليس بداية التخلي عن وجودها ونفوذها فذلك الانسحاب يندرج تحت الدبلوماسية العسكرية فكما هناك انسحاب هنالك انتشار سريع، فكرة العالم الجديد تتعاطى مع المتغيرات الجيوسياسية بطريقةِ مختلفة عن السابق فهناك رغبات وهناك امنيات وهناك واقع لا يمكن تجاوزه بسهولة، أمريكا كقوة عالمية ستبقى ليس إلى الأبد بل إلى ما يمكن تسميته بالبقاء تبعاً للواقع والمعطيات التي تمكنها من البقاء ، من يتأمل في السياسة الأمريكية واستراتيجيتها يجدها تهرب إلى الأمام لصالح ولادة نظام دولي متعدد الأقطاب تكون فيه "الولايات المتحدة الأمريكية" ضامنه لتماسكه واستمراره وصاحبة اليد الطولى فيه .
التعليقات (0)