مواضيع اليوم

عالم آل محمد

بدر الشبيب

2009-04-03 08:25:23

0

من يخسر عندما يحجب النور؟

 بالتأكيد النور لا يخسر شيئا، وبالتأكيد أيضا الخاسرون هم من حجبوا النور ومن حجب عنهم النور فصاروا ﴿  كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ  (122) سورة الأنعام

قفز إلى ناصيتي عنوان الكتاب المعروف ( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ) لمؤلفه الراحل أبي الحسن الندوي وأنا أفكر في سؤالين يسبقان هذا السؤال:

الأول: لماذا وقع انحطاط المسلمين؟

الثاني: ماذا خسر المسلمون أولا والعالم ثانيا بإبعاد أهل البيت عليهم السلام عن مواقعهم وإزالتهم عن مراتبهم؟

أما ما الذي أوقد شعلة هذين السؤالين، فهي الذكرى التي مرت علينا قريبا وبالتحديد في الحادي عشر من شهر ذي القعدة، وأعني بها ذكرى مولد ثامن الأئمة الهداة الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام. هذا الإمام الذي قلده جده الإمام جعفر الصادق عليه السلام وساما من أرفع الأوسمة قبل ولادته ملقبا إياه بـ (عالم آل محمد ). لنقرأ هذه الرواية الشريفة:

عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: سمعت أبي جعفر بن محمد عليه السلام غير مرة يقول لي: إن عالم آل محمد لفي صلبك وليتني أدركته فإنه سمي أمير المؤمنين عليه السلام.

إن الإمام الصادق عليه السلام لا يمنح الألقاب جزافا أو محاباة، فهو الصادق المصدق، ومن هنا فإن هذا اللقب يكشف عن خصوصية معينة لدى أبي الحسن الثاني الإمام الرضا عليه السلام، حيث استطاع من خلال الظرف الذي أتيح له أن يبرز من علوم آل محمد عليهم السلام ما جعل الجميع يعترف بفضله ويقر بصوابية قوله.

إن التراث الذي خلفه الإمام الرضا عليه السلام يحفل بالكثير من المناظرات والحوارات والاحتجاجات مع المسيحيين ممثلين في الجاثليق  واليهود ممثليين في رأس الجالوت  والزرداشتية ممثلة في الهربذ الأكبر  ومع رموز الفرق الإسلامية المختلفة مثل أبي قرة المحدث ويحي بن الضحاك السمرقندي، بل حتى مع الزنادقة.

وفي تلك الحوارات يحتج الإمام عليه السلام على كل فريق من كتبه ومصادره.

يقول الإمام الرضا عليه السلام لأحد أصحابه قبيل إحدى المناظرات التي جمع فيها المأمون العباسي أصحاب المقالات من مختلف الطوائف ليناظروا الإمام الرضا عليه السلام:
يا نوفلي أتحب أن تعلم متى يندم المأمون ؟ قلت : نعم ، قال : إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم ، وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وعلى أهل الزبور بزبورهم ، وعلى الصابئين بعبرانيتهم ، وعلى أهل الهرابذة بفارسيتهم ، وعلى أهل الروم بروميتهم ، وعلى أصحاب المقالات بلغاتهم ، فإذا قطعت كل صنف ودحضت حجته ، وترك مقالته ورجع إلى قولي ، علم المأمون أن الموضع الذي هو بسبيله ليس بمستحق له ، فعند ذلك تكون الندامة منه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وقد سجل تفاصيل هذه المناظرة الطويلة وغيرها علماؤنا الأعلام كاالشيخ الطبرسي في كتابه الاحتجاج وكالشيخ الصدوق في التوحيد والعلامة المجلسي في البحار..
إن النصوص متكاثرة في بيان ما كان عليه الإمام الرضا من علم وفضل:

- عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا ، ولا رآه عالم إلا شهد له بمثل شهادتي ، ولقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد ، علماء الأديان ، وفقهاء الشريعة والمتكلمين ، فغلبهم عن آخرهم ، حتى ما بقي أحد منهم إلا أقر له بالفضل ، وأقر على نفسه بالقصور . ولقد سمعت علي بن موسى الرضا عليهما السلام يقول : كنت أجلس في الروضة والعلماء بالمدينة متوافرون ، فإذا أعيا الواحد منهم عن مسألة أشاروا إلي بأجمعهم وبعثوا إلي بالمسائل ، فأجيب عنها.

- قال محمد بن عيسى اليقطيني : لما اختلف الناس في أمر أبي الحسن الرضا عليه السلام ، جمعت من مسائله مما سئل عنه وأجاب فيه ، ثمانية عشر ألف مسألة .

- عن أبي ذكوان قال : سمعت إبراهيم ابن العباس يقول : ما رأيت الرضا عليه السلام سئل عن شيء قط إلا علمه ، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره ، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب فيه . وكان كلامه كله وجوابه وتمثله ، انتزاعات من القرآن ، وكان يخـتمه في كل ثلاث ، ويقول : لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة لختمت ، ولكني ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها وفي أي شيء أنزلت وفي أي وقت ، فلذلك صرت أختم في كل ثلاثة أيام.

هكذا عندما أتيحت الظروف للإمام الرضا عليه السلام ظهر من علمه ومن فيوضاته ما عاد على الأمة منه الخير الكثير، فقد استقبله في نيسابور حيث مركز الحوزة العلمية لأتباع المذاهب الإسلامية الأخرى ما يصل إلى عشرين ألف عالم منهم الحافظ الكبير أبو زرعة الرازي، وقد أملى عليهم الإمام ما عرف بحديث السلسلة الذهبية المتصل سنده بالله عز وجل:
حدثني أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرائيل قال سمعت ربّ العزّة يقول: كلمة لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن عذابي، لكن بشروطها وأنا من شروطها.

  • أخيرا أعود لأطرح السؤالين السابقين مرة ثانية:

الأول: لماذا وقع انحطاط المسلمين؟
الثاني: ماذا خسر المسلمون أولا والعالم ثانيا بإبعاد أهل البيت عليهم السلام عن مواقعهم وإزالتهم عن مراتبهم؟

1 / 12 / 2007م




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !