مواضيع اليوم

عاطفة الموت

Riyad .

2015-03-15 08:56:01

0

عاطفة الموت

المتتبع لتاريخ أمة المجد كما يحلو للبعض تسميتها يجد أنها أمة عاشت أزمنة تحت وطأة الكذب والتضليل تسوقها العواطف والخٌطب الرنانة وتٌهديها الشعارات والأحلام , تلك الأزمنة الغابرة تٌكرر نفسها فلا يكاد يمضي عام على الأقل الإ وتبرز حقائق تدل وبشكل قطعي على جهل الأمة وضياعها بين شعار يٌرفع وخطبة عصماء وأحلام هلامية كاذبة الشكل والمضمون !.

أختلف الأوائل فعهد الرعيل الأول " الصحابة " شهد الكثير والكثير من الشعارات والمعارك أسبابها في العلن دينية كما حكاه لنا الرواة وفي الباطن سياسية بحته أطلق شرارتها من فسر النصوص على هواه وهوى من أتبعه  , كل فرقة وطائفة سعت لتحكيم الدين وكأن ذلك الرعيل لم يشهد ولادة الدين من قبل فعن أي دين كان يبحث  من أنخرط في تلك  الصراعات وأوقد ناراً رمادها عصبيات قبلية وعرقية وجمرها دموية واستحلال للأنفس والأموال , صراعات ذلك العهد بذرت بذرة أولى للصراعات السياسية المغلفة بغلاف الدين والتدين , أجيال ماتت في سبيل الشعارات وأجيال قاتلت أخرى في سبيل الدين كما خٌيل لهم وخيل لمن أوقع بهم , دفعت المجتمعات ثمناً باهظاً أحقاد وصراعات تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل حتى وصل بها الأمر إلى نقطة الصفر فالصراعات عادت من جديد بين أخوة الأمس أعداء اليوم !.

أٌحتل الحرم المكي الشريف وبرزت تيارات هدفها سياسي في المقام الأول أنخرط البعض في التنظيم والتنظير ونقل تجارب الآخرين ومحاولة مد جسور الثقة مع فرق وجماعات لها نفس الهدف والطموح فكانت النتائج خلق صراعات داخل الأوطان وإدخال المجتمعات بنفق الصراعات والتكفير والقتل وهدم أبنية الثقة وسماحة الإسلام , دولٌ تحولت لأشلاء وأجسادٌ تحولت لقنابل مفخخة وعقول باتت لا تفكر الا في الموت وكيفية الموت , كل ذلك كان بسبب تسييس الدين والصراعات على السلطة فأفكار الموت والحزبية والأحقاد بٌثت داخل المجتمعات , أستغل الكاذبون العواطف والجهل فنسجوا خيوط المؤامرة والقصص والقوها على الشباب فكانت النتائج موت بعضهم بمناطق الصراعات وعودة البقية لتنفيذ مخطط الموت والدمار بأوطانهم , تحول الشباب لأداة موت وتنفيذ مخططات بعد أن كانوا أدوات بناء ومعرفة وعوامل نهضة وتنمية , سنوات تلو سنوات والمشكلة تتفاقم وفي كل حدث يخرج من داخل المجتمعات من يمارس التنظير والتكفير ومن ينفذ النظريات القاتلة على الأرض , المٌنظر والمٌنفذ  شخصيتان مريضتان جاهلتان والا كيف يتجرأن على قتل أنفس معصومة وتزوير النصوص ولي أعناقها لتوافق الهوى والغريزة النتنة .

على مدى سنوات طوال لم ينجح الجراح في استئصال ذلك الورم الدموي الخبث لكنه قلل من أثاره ومن مناطق تواجده , اليوم ومع دخول المنطقة العربية دائرة الصراعات المتعددة الأوجه والأشكال تضخم ذلك الورم الخبيث وأصبح نقطة التقاء وتجمع لأصحاب العواطف والأمراض النفسية والفكرية والعقلية مبررين تواجدهم بنصوص مكذوبة ومزورة ومٌفسرة وفق الهوى معتمدين على منظرين جٌهال ومتلبسين بعباءة الدين والتدين وكأن التاريخ يكرر صورته القديمة البعيدة والقريبة وهو كذلك فكل شيء مٌكرر ولا إختلاف يٌذكر سوى في المسميات والزمان فقط !.

العاطفة غريزة والجهل حالة مريضة وتحالف الجهل مع العاطفة يخلف كوارث دموية وعصبيات وأحقاد , فكم من شاب أمسى جثة هامدة على قارعة الطريق بسبب عاطفة وجهل وكم من فتاة أستيقظت من منامها وهي بقبضة من يظن أنه يطبق أمر الله فيضاجعها ويبيعها بثمن بخس في سوق النخاسة .

تلك الفيروسات المريضة تظن أنها تتقرب إلى الله بأفعالها وسلوكياتها الدموية النجسة تعبد الله بإرتكاب جرائم فأي عبادة قذرة تٌقرب العبد من ربه !.

لن تموت تلك الفيروسات فالطبيعة البشرية تقتضي وجودها وسنة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أخبرتنا بذلك ففي قوله عليه الصلاة والسلام كلما ظهر لهم قرن قٌطع حتى يظهر أخرهم مع الدجال , في ذلك درس على أن تلك الفيروسات تتكاثر ولا تموت لكن بتغليب الحكمة وأخذ العلوم من مصادرها الصحيحة والحقيقية ونشر المعرفة ومختلف العلوم والاتجاه نحو المنطق والوسائل الحديثة في مختلف مناحي الحياة علمياً ومعرفياً وفنياً وعسكرياً كفيلٌ للتقليل من مناطق تواجدها وتجنيب المجتمعات شرورها المختلفة.

عواطف الشباب تم استغلالها والسبب دخول تلك الفيروسات من باب الجهل والحماقة , فالجاهل لا يعني قلة العلم أو عدم العلم بل تعني عدم التفكير وقياس الأمور وترجيحها وسؤال من هو أعلم وأجدر عن الإشكالات المختلفة , فكم من متعلم سقط بوحل تلك الفيروسات فأصبح أداة للقتل والتكفير بعد أن كان أداة معرفة وتفكير فالجهل داء الأمم والمجتمعات  .

للموت طعم وتلك حقيقة لكنه اليوم أصبح ذو عاطفة فالكثير يتمنى الموت بمناطق الصراعات ظناً منه أنه سيقدم روحه في سبيل أمرٍ عظيم , تلك العاطفة المغلفة بالجهل ساقت الكثير والكثير ذكوراً وإناثاً لمناطق صراعات فخسروا الكثير وأظن لسان حالهم يقول عاطفة الموت كذبت علينا مثلما كذب من أوقعنا بكلامه في شباك الكوارث والصراعات السياسية والمذهبية والطائفية والدينية التي لم يخرج أحدٌ منها منتصراً على مر التاريخ فالكذب نتائجه كذب وخيالات وأوهام كاذبة ! .





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات