عاصفة الحزم ستطيل بقاء البشير في السلطة
مصعب المشرّف
30 مارس 2015م
على الرغم مما يقال بأن عمر البشير قد أجبر على الدخول في تحالف عاصفة الحزم .. أو ما يقوله البعض بأنها عزومة ... فإن الشاهد هو أن السودان يشارك اليوم بأربع أو ثلاث طائرات سوخوي .. ويتوافد على أرض السعودية مشاة من الجيش السوداني ؛ كانت هي الأسرع من غيرها بالحشد والتنفيذ .. وبما يدل على جهوزية وقدرات حشد ملفتة .
إذن ومن بين سطور المشار إليه أعلاه يتضح لنا الآتي:
1) ربما كان في مقولة أن عمر البشير قد أجبر على المشاركة في التحالف قولان كلاهما مبرر ومنطقي... ولكن الذي أراه هو أن عمر البشير قد وجد في العرض السعودي بالإنضمام إلى تحالف عاصفة الحزم الفرصة المواتية للعودة إلى الصف العربي مرة أخرى . والدفع بحراك جلب الإستثمارات الخليجية المغدقة نحو السودان حثيثا.
2) لا يوافق عاقل مدرك على أن مشاركة السودان في عاصفة الحزم جاءت "عزومة" .... وأبلغ دليل على ذلك هو مشاركة السودان بقوة مشاة قدرت مبدئيا بـأربعة آلاف مرشحة للتزايد .. وجميعنا يدرك أن المشاركة في الحروب البرية هي أكثر ما تخشاه الجيوش العربية والغربية اليوم ؛ بوصفها الأخطر والأكثر كلفة بشرية.... وأنها تحتاج إلى تعبئة خاصة لجهة الجاهزية وإزكاء الروح والعقيدة القتالية .. وربما لو كان العراق أو سوريا أو بعض العرب تتمتع جيوشهم بعقيدة قتالية محفزة .. لما كان بمقدور داعش والنصرة والقاعدة وغيرها لتجد لنفسها مكاناً تحت الشمس . وتحقق هذه الإنتصارات السهلة الإستثنائية السرعة في تلك الأصقاع المكشوفة ؛ التي لا تصلح في الأصل ميداناً لشن حرب عصابات أو حراك مليشيات.
إذن نذهب إلى الزعم هنا بأن عمر البشير اليوم قد تعلم من أخطاء الأمس فيما يتعلق بإستراتيجية العلاقة مع مصر ودول الخليج العربي الثرية ؛ لجهة مساهمتها الفاعلة في الإبقاء على الكيان العربي الأفريقي المزدوج المكون للهوية السودانية ... ولكونها الأقدر (مالياً) على تزويد نظامه السياسي بأوراق التوت حين يحتاجها .. ومداراة عورته المغلظة عند اللزوم... ورفده بالإستثمارات التي تلبي طموحات الأغلبية الصامتة من المواطنين. ورغبتهم في عيش كريم والحصول على خدمات الدولة المشروعة من مسكن وصحة وتعليم وأمن.
لقد اختار عمر البشير هذه المرة الخندق الصحيح عوضا عن الخطأ .. فكان قراره الأصوب على مدى حياته السياسية في الحكم ؛ حين لم ينجر وراء بروبجاندا إرهاصات الهيمنة الفارسية المتوقعة المزعومة ؛ مثل إنجراره في السابق وراء أوهام كيماوي العراق المزدوج. وإندفاعه في تأييده غير المبرر لصدام حسين لحظة غزوه الأرعن للكويت. مؤملاً آنذاك أن يناله من الحب جانب.
جاءت عاصفة الحزم إذن هدية من السماء إلى عمر البشير ونظامه الذي تكالبت عليه المعارضة السياسية والعسكرية من كل جانب .... جاءت عاصفة الحزم إذن لتشد من أزره وتطيل بلا أدنى شك من عمر بقائه على كرسي الحكم .. وتؤكد هذه المرة أن نتائج فوزه (المضمون سلفاً) بفترة أخرى من الرئاسة لن يعقبها إحتجاجات مستهجنة رافضة ؛ قد تؤدي إلى إشتعال ثورة أو إنتفاضة شعبية عارمة.
لقد كان المتوقع أن تدفع المعارضة بجناحيها العسكري والسياسي بالكثير من أوراقها في الساحة السودانية عقب إعلان فوز عمر اللبشير بولاية جديدة مشكوك في أمر دستوريتها ومصداقيتها ...... وبالفعل فقد بدأت الحركات والمليشيات المعارضة المسلحة في تنفيذ الأدوار المنوطة بها . وكان أولها إحتلال عدة مناطق في أراضي العمليات ؛ ومنها على سبيل المثال هبيلة ..... وبدأ ياسر عرمان ينشط إعلاميا من جديد .. وتزايد حراك الصادق المهدي في الخارج .... وبدأ واضحاً أن التعبئة قد إمتدت لتشمل حتى الإعلام البديل المتمثل في المواقع الألكترونية ، ومنافذ ووسائل التواصل الإجتماعي .
أما الآن وقد جاءت الرياح لعمر البشير بما كان يشتهي . ورمت إليه بما كان يحلم به على طبق من ذهب . فإن الأرجح أن تمر إنتخاباته ونتائجها بسلام . وأن لا يلبي الشارع أية محاولات للمعارضة بالثورة والإنتفاضة .....
ستذهب الرياح بإنتصارات المعارضة في ميادين القتال سُـدَى ... وستضيع أصوات الصادق المهدي ويسر عرمان وغيرهم وسط ضجيج الفرحة بحراك إستثماري خليجي متوقع زاهر يعم بنفعه البلاد والعباد على نحو تأمل به الأغلبية الصامتة ....
وفي الختام سيؤدي الرئيس البشير القسم لولاية جديدة وفي بطنه بطيخة صيفي.
أما كيف جاء ذلك ؟ فالمسألة برمتها تصاريف أقدار وحظوظ ... ورمية من غير رامي ... فعجبي أن يتحول عمر البشير ما بين عشية وضحاها من "مكروه" في شريعة المولى السعودي إلى "ركن سابع" من أركان تحالف عاصفة الحزم العشرة.
وعجبي أن يتحول عمر البشير من "حرام قاطع" في شريعة السيسي المصري ؛ إلى "مندوب" يسعى للتوافق والتوفيق بينه وبين أثيوبيا ... ويفلح في الجمع بين الإثنين على فراش وثيقة سد النهضة ..... وبدون أن يخسر كَـــوْزَ ماء.
مصعب المشرّف
30 مارس 2015م
التعليقات (0)