هذا العنوان استقيته من فكرة جوهرية تتمحور حولها الرسالات السماوية جمعاء.فبقراءة متأنية لآيات القرآن الكريم، نلحظ أن الهدف النهائي للرسالات السماوية، ولرسالة نبينا محمد بن عبد الله (ص)، يتجلى في تحقيق كرامة الإنسان، كانسان، بغض الطرف عن لونه أو جنسه أو اثنيته، والى هذا المعنى تشير الآية الكريمة رقم (70) من سورة الإسراء {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} وهي إشارة واضحة إلى أن الهدف هو كرامة الإنسان، وليس المسلم فحسب أو الشيعي على سبيل الفرض، إنما الهدف هو كرامة(بني آدم) وهي عبارة تعني كل البشر بغض الطرف عن انتماءاتهم وأصولهم ومعتقداتهم، والى ذلك أشار الرسول الكريم بقوله(ص) {من آذى ذميا فقد آذاني} و{من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة} أو في قوله عليه وعلى آله أفضل التحية والسلام {من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت أنا خصمه، خصمته يوم القيامة}.السؤال الذي يلح هنا للإجابة عليه هو؛
أين تتجلى كرامة الإنسان؟ وكيف؟.
برأيي، فان كرامة الإنسان تتجلى في ثلاث قيم أساسية واستراتيجية، هي اليوم محور الديمقراطية التي يكتب ويتحدث عنها ويبشر بها العالم، تلك القيم الثلاث هي:
أولا؛ الحرية، والتي تتمثل في حرية العقيدة والرأي والاختيار، وكذلك في حرية التعبير عن الذات.
ثانيا؛ المساواة بين الناس، وعدم التمييز بينهم على أساس خلق الله سبحانه وتعالى، كالتمييز على أساس اللون والجنس والانتماء القومي أو الجغرافي، كما تتجلى المساواة في مبدأ تكافؤ الفرص، إذ لا يحق الاستئثار بالفرص لجماعة وحرمان أخرى منها، إذ لا بد أن يتمتع الجميع بالفرص نفسها وعلى كل الصعد وفي كل المجالات.
ثالثا؛ الشراكة الحقيقية والواقعية بين الناس في الشأن العام، فلا يجوز احتكار فئة للشأن العام، وحرمان الآخرين منه، بأية ذريعة، ولذلك، ليست الملكية من الإسلام في شيء، وان أية سلطة تقوم على أساس النظام الملكي الذي يفاضل بين الناس في الشأن العام على أساس القبيلة أو العائلة، التي يولد مولودها أميرا يتمتع بامتيازات خاصة على حساب سائر المواطنين، فهي باطلة لا أساس لها من واقع الدين أو الإنسانية أو حتى العقل، في شيء.
إن أي انتقاص من أية واحدة من هذه القيم، يعد بمثابة الانتقاص من كرامة الإنسان.
فتحديد حرية الإنسان، أو سلبها منه، بمثابة اعتداء على كرامة الإنسان، لأن العبودية ضد الكرامة، وان الإنسان إما أن يكون حرا أو أن يكون عبدا، ولا وجود لمنطقة وسط بين الحرية والعبودية، وان السلطة التي تنتقص، ولو ذرة من حرية الإنسان، إنما هي في حقيقة الأمر، تسلب كل حريته وليس بعضها، وبالتالي فهي تسلب كل كرامة الإنسان، لأن الكرامة كالحرية، وحدة واحدة لا تتجزأ، فإما أن يكون الإنسان كريما، أو أن يكون ذليلا.
كما أن التمييز بين الناس على أساس اللغة أو اللون أو الجنس أو ما أشبه، يعد بمثابة انتهاك ....
http://beladitoday.com/index.php?iraq=عاشوراء-..-جوهر-الديمقراطية&aa=news&id22=21777
التعليقات (0)