أيام قليلة ويحل على المسلمين بطوائفهم المتعددة يوم عاشوراء , ففي ذلك اليوم يستذكر الناس قضايا حلت بالأمم والمجتمعات فمابين الشيعة والسنة وطريقة إحياء ذلك اليوم المجيد نظراً لإرتباطة بنكبات وقضايا حلت بالأمم السابقة يبرز تساؤل لماذا لا يتم جعل ذلك اليوم يوم للتقارب والحوار بين أكبر طائفتين في الإسلام . السنة والشيعة كطائفتين تتصارعان أدلوجياً فحدة الإحتقان بلغت مستويات خطيرة جراء الأحداث السياسية الإقليمية الحالية وجراء اللعبة السياسية التي تقتات على تقسيم المجتمعات وإختلاق الصراعات الفكرية والمذهبية والطائفية . يوم عاشوراء يحيه السٌنة غالبية السٌنة بالصيام تطوعاً ويحيه الشيعة بمجالس عزاء ومواكب حسينية فلكل طائفة طريقتها التعبدية الخاصة , متطرفوا الجانب السني والشيعي لا ينفكون عن تلهيب مشاعر المجتمعات بأراء وخطب ودروس تنال من الطرف الأخر فتلك الأراء والخطب والدروس باتت تحسب على الموروث وباتت تستخدم كمأخذ على كل الأطراف التي لا يمكنها التعايش والتسامح في ظل وجود تلك الأراء والخطب والدروس التي تقف ضد التنوع والطبيعة البشرية . الطرق التعبدية في غالبيتها عادات وتقاليد أنتقلت من جيل إلى آخر وليست من صميم المذهب أو الدين فالطرق التعبدية المختلفة كإحياء يوم عاشوراء أو المولد النبوي إجتهادات بشرية وليست تعاليم ربانية مقدسة فالحديث عن تغيير تلك الطرق التعبدية أو رفضها بشكل قطعي يتعارض مع العقل والمنطق فلكل شيخ طريقته الخاصة ولكل مجتمع طريقته التي يرتضيها ويرى صحتها فالطرق التعبدية إجتهادات بشرية هدفها الولوج لمناطق الخير والإحسان. إحترام طرق المجتمعات التعبدية إحترام للإنسانية , ومقاومة الأراء المتطرفة والمواقف المتصلبة ليست بحاجة لسكب الزيت على النار فالطائفة الشيعية لن تلغي الطائفة السنية والعكس كذلك وبالتالي فإن التقارب والحوار وإصلاح وترميم العلاقة بين الطائفتين بعيداً عن التجاذبات السياسية مطلب ملح في ظل إزدياد حدة الإحتقان بين الطائفتين بشكل كبير . إستثماريوم عاشوراء في التقارب بين الطوائف الإسلامية يمكنه أن يحقق نتائج ملموسة على مستوى التعايش المجتمعي وتحصين وحدة المجتمعات والقضاء على التطرف الفكري المتغلغل داخل المجتمعات ذلك الإستثمار المنشود يحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع . هناك من يرفض التقارب بين السنة والشيعة وعلة الرفض نقاط الخلاف أكثر وأعمق هكذا يرد من يرفض التقارب ولغة الحوار وتحقيق التعايش والإحترام بين الطوائف السنية والشيعية وغيرها , رافضي التقارب يحاولون تبرير الرفض بأراء ومواقف لمتطرفين سواءً سنة أو شيعة متغافلين عن أن تلك الأراء نتيجة طبيعية وردة فعل طبيعية لمواقف أو أراء متطرفة ولا يمكن لتلك المواقف والأراء أن تموت في ظل التنافر فالتقارب يقتل الأراء المتطرفة والمواقف المتصلبة . مثلما للسنة الحق في إختيار طريقة تعبدية لإحياء يوم عاشوراء وغيره من الأيام ذات الصبغة الدينية فإن للشيعة ولغير الشيعة الحق في ذلك فالإنسان كائن بشري يختار ما يراه صحيحاً ومفيداً له فكيفينا مواقف متصلبة ومتشنجة وأراء متطرفة فعاشوراء لكل مسلم ولكل إنسان على أرض البسيطة فاليهود أحيوه والمسلمون كذلك يحيونه بطرق مختلفة ومتعددة فلنحول الأيام المشتركة لأيام تقارب لا تنافر بين الطوائف الإسلامية المتعددة .
التعليقات (0)