مواضيع اليوم

عاشت ملكة.. ماتت ملكة

 عاشت ملكة.. ماتت ملكة

في ذكرى رحيل 

(الملكة فاطمة أحمد الشريف السنوسي)

عاشت ملكة.. ماتت ملكة وستبقى في قلوبنا ما حيينا ملكة، لقد عاشت حياتها هادئة رصينة معززة كريمة، وماتت في هدوء على فراش المرض، ولم نسمع منها شكوى أو أنين، ولم تكن قانطة من رحمة الله رب العالمين، وستبقى ذكراها في قلوب كل الليبيات والليبيين، أبد الدهر ما حيينا وإلى يوم الدين.

أنها جلالة الملكة فاطمة، السيدة الليبية الكريمة، سليلة الحسب والنسب، ابنة المجاهد أحمد الشريف السنوسي، الرجل الذي حارب المستعمر الإيطالي، و ضحى بكل ما لديه، من أجل استقلال وحرية تراب وطنه، وزوجة ابن صفوة النجبِ، الملك محمد إدريس السنوسي، ملك ليبيا المجد، ليبيا العز، ليبيا الوطن.

لقد عانت الملكة فاطمة رحمها الله وأحسن مثواها، طيلة الفترة التي سبقت وفاتها، أشد الآلام وذاقت مرارة المرض، بعد أن أذاقها نظام القذافي، "نظام الخزي و العار"، مرارة 40 عاماً من الغربة والاغتراب. فبالرغم من إدعاء نظام القذافي بأنه قدم لها عروض، إلا أن عزة نفسها وثبات عزيمتها، وإصرارها على مواقفها اتجاه هذا الانقلابي، وإيمانها بأن الله الذي خلقها لن ينساها، وإن بيده القادر أن يحتسب لها، ولن يضيع لها حقاً معه، فكان موقفها أن لا تدخل في أي جدال ولا نقاش، حول هذا الموضوع أو غيره، من خلال أي وسيلة من وسائل الإعلام المختلفة.

يخبرنا أحد الصحفيين العرب،"خالد محمود" في مقالة له بعنوان "تغريبة ملكة" وعلى حد قوله، بأنه حاول أن يجري معها لقاء، ويسمع وجهة نظرها حول ما يدعيه نظام القذافي، إلا أنها ومن رجاحة عقلها وطيب أخلاقها، أجابت إجابة مقتضبة وقالت: "حسبي الله ونعم الوكيل". هذا والله أعلم.

لا أدرك ولم أعيش فترة حكم سيدي إدريس، ووجود زوجته الملكة فاطمة – رحمهما الله- ، وجمعنا بهما في جناته عند المصطفى حبيب الله-، إلا أنني ما سمعته وما قرأته عنهما، من نبل وتواضع وحسن وطيب أخلاق، وحبهما العظيم والمخلص للشعب الليبي، طيلة فترة حكم سيدي إدريس لليبيا وقبلها وبعدها، يعد من بين الأسباب التي دفعتني لكتابة هذه الكلمات، مع إصراري الدائم للمحافظة على إحياء كل ذكرى كريمة لهما، و تشبثي أيضاً بتخليد تلك الفترة، بكل ما يحتويني من مشاعر الحب والإخلاص، والتقدير والاحترام إليهما.

فهذه هي ملكتنا، وهذه هي أمنا، أم كل الليبيين والليبيات الأحرار، وهذه هي رمز المرأة الليبية الحرة الكريمة، هذه هي زوجة سيدي إدريس الرجل الذي أعطى لليبيا الوطن كل ما يملكه من تفاني للعمل لأجل ليبيا والليبيين، وهذه هي المرأة الليبية التي لم تبيع أرضها ووطنها، والتي لم تتاجر يوما بقضيتها ومأساتها وظلت ساكتة ساكنة تعاني الآم غربتها في هدوء، لم تمد يدها لأحد، ولم تتنازل ولم تتواطأ، للصعاليك من شلة الانقلابيين، بل أنها ظلت تحافظ بكل جد واجتهاد، على أن تعيش حياتها بما يرضي الله، إلى أن لاقته بإذن الله راضية مرضية.

في ذكرى رحيلك الأولى لا يسعنا ألا أن نتضرع إلى الله داعينه أن يرحمك مولاتي فاطمة، ويدخلكِ الجنة بدون حساب ولا عقاب، وأن يجعل الله لكِ في جناته قصوراً بين الأبرار والصديقين، بصحبة سيد الخلق أجمعين، حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته أجمعين. يقول الحق في كتابه العزيز: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي".

"إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصورة الأصلية (قبل التعديل) للأستاذ الفاضل/ فتحي العريبي

كتب هذا المقال السنة الماضية بعد رحيلها - رحمها الله - مباشرة وأعدت نشره اليوم في الذكرى الأولى لرحليها (بتصرف)

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !