عادت حماس لعادتها القديمة
من ضمن القضايا اليومية التي تقع على كاهل اجهزة الأمن الاسرائيلية هي التعاطي مع المحاولات المتكررة من قبل الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس للنيل من أمن اسرائيل.. وما عملية اعتقال الشاب عبد الرحمن بن خليل طلالقة الشهر الماضي من قبل اجهزة الامن الاسرائيلية الا نموذجا لعمليات الردع المستمرة التي تقوم بها هذه الاجهزة.. فقد نجح جهاز الأمن العام الاسرائيلي "الشاباك" بالتعاون مع جهاز الشرطة في احباط مخطط حمساوي أوكلت مهمة تنفيذه الى الشاب عبد الرحمن طلالقة البالغ من العمر خمسة وعشرين عاما ويسكن في مخيم اللاجئين نصيرات وسط قطاع غزة.. والذي حاول في مطلع حزيران المنصرم ان يتسلل الى اسرائيل قادما من قطاع غزة عبر شبه جزيرة سيناء، حاملا مخططا يهدف الى انشاء قاعدة ارهابية في اسرائيل تتألف من مجموعة من النشطاء يحملون في جعبتهم مخططات جاهزة لتنفيذ سلسلة من الأعمال الارهابية متعددة الأهداف والوجهات..
وفي غضون ذلك تم تقديم لائحة اتهام ضد عبد الرحمن طلالقة في محكمة الصلح في مدينة بئر السبع.. وقد اعترف طلالقة في اطار التحقيق معه انه تلقى دورات عسكرية تأهيلية وتدريبية واعدادية على أيدي نشطاء لجان المقاومة الشعبية في جنوب قطاع غزة.. وقد اشتملت التدريبات فيما اشتملت على حمل السلاح والتدرب على اطلاق النار من أسلحة حربية متنوعة، وتصنيع مواد كيماوية تستخدم في اعداد متفجرات ووسائل قتالية ملائمة لهذا النوع من العمليات الميدانية، واعداد سيارات مفخخة وأحزمة وحقائب ناسفة وتشغيل عبوات ناسفة، واستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وقراءة الخرائط والقدرة على الملاحة الارضية وجمع المعلومات وما الى ذلك..
وفي الوقت الذي تمتنع حماس في الآونة الأخيرة عن اطلاق الصواريخ باتجاه الاراضي الاسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، وتعمل على اتباع نهج ضبط النفس وفرض حالة وقف اطلاق النار على بقية الفصائل الفلسطينية "المقاومة".. بل تبادر احيانا الى اعتقال المخالفين.. نرى انها من الجانب الآخر تعمل خفية على اعداد الخلايا وتدريبها وتجهيزها ومن ثم زرعها في الاراضي الاسرائيلية بغرض القيام بمهمات وعمليات ارهابية في العمق الاسرائيلي.. وما الكشف عن المخططات الاخيرة الذي رافق القبض على عبدالرحمن طلالقة الا دليلا صارخا على ان قطاع غزة ما زال يشكل قاعدة انطلاق لعمليات ارهابية فردية وجماعية ضد اهداف اسرائيلية فيما يعتبر استغلالا فاضحا لسهولة العبور والتنقل عبر الحدود الاسرائيلية المصرية..
تبين لائحة الاتهام التي قدمت ضد طلالقة انه تم تجنيده في صفوف حركة الطلاب الاسلامية التابعة لحماس عام 1999 حين كان لا يزال طالبا في المدرسة، علما ان الحركة المذكورة تعتبر تقليديا مرتعا خصبا للعثور على نشطاء مناسبين وتجنيدهم ضمن صفوف الحركة.. وقد شارك طلالقة بحكم عضويته في الحركة بالجلسات السرية التي كانت تعقد مرتين اسبوعيا في احد مساجد مخيم النصيرات.. وقد أحيلت اليه مهمة تنظيم احدى الخلايا التي كانت تضع على رأس سلم اولوياتها تنسيق موضوع المشاركة في المسيرات وكتابة الشعارات والملصقات.. هذا اضافة الى انخراط عبدالرحمن في تلقي العلوم الدينية ضمن أطر الحركة، وكان من ضمن ما قام به زيارة الى منزلي القائدين السابقين في حركة حماس عبدالعزيز الرنتيسي والشيخ احمد ياسين..
هذا وتبين ايضا ان الشاب عبدالرحمن طلالقة انخرط في وقت لاحق في عضوية احدى الخلايا التنفيذية التابعة لحركة حماس.. غير ان نشاطه في الخلية توقف عام 2006 اثر نشوب خلاف بينه وبين قائد الخلية.. اما خلفية هذا الخلاف فكانت تتعلق بنزعة عبدالرحمن الى تعميق الثقافة الدينية بين اعضاء الخلية.. ليتوجه عبدالرحمن بعدها الى احد عناصر الذراع العسكرية التابعة للجان المقاومة الشعبية ظنا منه ان العنصر المذكور ينتمي الى تنظيم القاعدة وخاض الاثنان في موضوع تنفيذ عمليات انتحارية حيث أعرب طلالقة عن استعداده للقيام بعملية انتحارية واتفق بينهما ان يشرع عبدالرحمن في تلقي التدريبات العسكرية اللازمة.. وقد تضمنت التدريبات التي تلقاها حوالي ستة لقاءات استغرق كلّ منها ساعتين واشتملت على اعداد القنابل وتفجير الأحزمة الناسفة وإطلاق النار من أسلحة متنوعة، والتحرك بين الجماهير دون إثارة الريبة، واستخدام النظام العالمي لتحديد المواقع - الـ GPS ، والرصد الميداني، والقدرة على جمع المعلومات والتعرف على أساليب التحقيق المتبعة لدى قوات الأمن الإسرائيلية فيما لو تم اعتقاله.. وبالاضافة الى كل هذا فقد حصل طلالقة على تمويل للانخراط في دورة لتعليم القيادة .. ويلاحظ من خلال طابع التأهيل الذي تلقاه طلالقة أنه لم تكن ثمة نية لإرساله من أجل تنفيذ عملية انتحارية..
هنا حان الوقت لدخوله الى اسرائيل.. وتم بالفعل تهيئة الظروف ليتسلل عبدالرحمن الى الاراضي الاسرائيلية حيث يحصل بموجب الخطة على هوية إسرائيلية وسيارة مسجلة باسم مواطن إسرائيلي ويقوم باقتناء هاتف نقال.. واضافة إلى ذلك، أنيطت بطلالقة مهمة جمع المعلومات حول القواعد العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي ومحطات الشرطة الإسرائيلية.. وكانت الخطة تتضمن تنفيذ سلسلة من العمليات الارهابية وفق المخطط التالي :
• اختطاف جنود إسرائيليين وقتلهم.. حيث كانت تتضمن هذه الخطة قيام عبدالرحمن بتنفيذ عملية اختطاف جندي إسرائيلي والقيام بقتله ومن ثم دفن الجثة وتحديد موقع الدفن بواسطة جهاز الـ GSP وارسال هذه المعلومات إلى قادته في القطاع لاستخدامها كورقة مساومة لإطلاق سراح سجناء فلسطينيين..
• تنفيذ عملية انتحارية.. حيث كانت الخطة تشتمل على ارسال المزيد من النشطاء من قطاع غزة الى اسرائيل في حال فشلت عملية الاختطاف، بهدف تنفيذ عملية انتحارية، وفيما لو تعذر ذلك يقوم عبد الرحمن شخصيا بالعثور على انتحاري من عرب الداخل او من سكان الضفة الغربية المتواجدين في اسرائيل، حيث يمكنه ان يجد ضالته في احد المساجد داخل الاراضي الاسرائيلية، ليقوم الشخص الذي يتم تجنيده بتنفيذ العملية الانتحارية التي اقتضت الخطة ان تنفذ بواسطة حزام ناسف أو حقيبة كبيرة تحتوي على مواد متفجرة..
• تفجير سيارة مفخخة.. ذلك عن طريق تلغيم السيارة التي من المفروض ان طلالقة قام باقتنائها في وقت سابق، وتفجيرها عن طريق التحكم عن بعد بواسطة الهاتف النقال أو بواسطة ساعة على ان يتم ذلك في مكان يعجّ بالناس أو في محطة شرطة..
• اوكلت الى عبد الرحمن طلالقة مهمة التزود بالمواد اللازمة لإعداد المواد المتفجرة.. حيث كان من المفروض ان يستلم هذه المواد من مجندين يتم ارسالهم خصيصا لهذه المهمة، أو يقوم باقتنائها بنفسه من الصيدليات والمراكز الطبية والمحلات المتخصصة ببيع المعدات الزراعية.. بحيث كانت الخطة تملي عليه ان يقتني كميات صغيرة من هذه المواد في كل مرة للحيلولة دون اثارة الشكوك..
وجاء اليوم الموعود.. حيث أقدم عبدالرحمن على التسلل الى رفح المصرية عبر احد الانفاق مستعينا بزملاء له عملوا على اجراء الترتيبات اللازمة لهذا الغرض.. حيث قضى عبدالرحمن نحو اسبوعين لدى احدى العائلات مقابل مبلغ قيمته 1000 دولار دفعه طلالقة للعائلة المضيفة.. ومع حلول اليوم الاول من حزيران قام عبدالرحمن باختراق الحدود الاسرائيلية المصرية بمساعدة مواطنين مصريين.. وفور دخوله إلى الأراضي الإسرائيلية استقل حافلة كانت في طريقها إلى مدينة بئر السبع حيث ألقي القبض عليه من قبل قوات الأمن الإسرائيلية التي كانت بانتظاره..
-------------------------------
الهوامش :
1. تقرير جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، مضافا اليه لائحة الاتهام التي تم تقديمها في الخامس من تموز في المحكمة المركزية في مدينة بئر السبع.
2. نود ان ننوه ان القيادي المذكور الشيخ احمد ياسين تم استهدافه من قبل القوات الاسرائيلية في عملية تصفية عينية ودقيقة ومحددة في تاريخ 22 آذار 2004 .. فيما لقي خلفه عبد العزيز الرنتيسي المصير ذاته في يوم 17 نيسان 2004 ..
--------------------------------
المصدر : مركز المعلومات حول الإستخبارات والإرهاب التابع لمركز تراث الإستخبارات
www.terrorism-information.com/
التعليقات (0)