مواضيع اليوم

عاجل: الثورة بدأت من جنوب المغرب بشتوكة ايت بها التي تحولت"رأس لنوف"و"أجدابيا"....

منير القدرة

2011-04-18 14:09:18

0

تحقيق:دواوير تنبت بأسماء " اجدابيا " و " راس لانوف " و "البوعزيزي " باشتوكة أيت باها

 

 

ثورة عمرانية حولت الأطفال والنساء والشيوخ والشباب إلى " طاشرونات " في البناء !!

دواوير " أجدابيا ، راسلانوف ، بوعزيزي " إضافة إلى دوار " بزز " ، من بين المئات من الدواوير، التي تنبت في ليلة واحدة هذه الأيام بمنطقة " أيت اعميرة " التابعة لإقليم اشتوكة أيت باها ، في خضم أخطر ثورة للبناء العشوائي يشهدها المغرب . بورصة البناء ، جعلت أسعار الياجور والرمال والحديد ، ترتفع إلى أعلى المستويات ، وأجرة " البناي البسيط " تنتقل إلى 250 درهما لليوم الواحد ، بعدما ظلت في حدود 60 درهما . المئات من الشاحنات تحمل أطنان الياجور من مدن بني ملال وشيشاوة وتارودانت لتغطية " الحاجة " . زبناء مؤسسات مالية بالمنطقة ، يستردون نحو مليون درهم من ودائعهم في يوم واحد لتوجيهها نحو هذه " الهمزة " التي أحالت الوضع إلى كارثة ينفلت أمر وقف نزيفها الخطير من يد السلطات ، والأهالي يهددون بإحراق أنفسهم في حال تنفيذ الهدم...

 

" حنا مابقينا كانحلموا غير بالسيمة ولابريك .." ، حين لايجد السواد الأعظم من الأهالي بمنطقة " أيت اعميرة " ، مبررا لهيستيريا البناء العشوائي ، الذي انخرطوا في صناعة ثورته هذه الأيام ، فإنهم يؤكدون أن الوضع ، هو محصلة حلم جماعي ، بالإنعتاق من بؤس "الأعشاش " البلاستيكية ، الذي ظل واقعا قاتما يلازمهم منذ عشرات السنين . مايجري الآن بأيت اعميرة ، هو تحضير عفوي لأخطر قنبلة للتعمير لم تشهد نظيرا لها أية مدينة بالبلاد . الجميع تحول ، بقدرة قادر، إلى " طاشرون " يفقه في البناء ، وينخرط في الهوس الجماعي لإقامة " قبر حياته " ، ولو بالتحدي ، وتجاهل كل تشريعات التعمير وتدخلات السلطات . المئات من " الصناديق " العشوائية ، ستستقبل القادم إلى كل شبر بالمنطقة ، تتحول إلى " دواوير " قائمة الذات ، وسط دواوير أصلية معروفة . من دوار " احساين ، تين عمارة ، جاموض ، أكَرام ، باخير... " انطلقت الشرارة الأولى ، معلنة بداية ثورة البناء العشوائي ، ضدا على القانون و" انتقاما " من طول انتظار تراخيص البناء ، التي كانوا مستعدين للاستجابة لكل الشروط المالية والمسطرية للحصول عليها ، قبل أن " يتفقوا " على هذه الانتفاضة الجماعية غير المسبوقة .

من حياة البلاستيك إلى الإسمنت

وداعا لحياة " الميكة " ، هو التعبير، الذي يرد على كل لسان من يغتنم فرصة موجة البناء بالمنطقة . ويحكي " بوشتى " (47عاما ) ، والأب لستة أطفال ، عن مظاهر المذلة والغبن ، التي تسم حياته داخل كوخ ، كله من البلاستيك ، يتقاسم مساحته التي لا تتجاوز 5 أمتار ، مع أسرة ثانية مكونة من أب وزوجته ، رفقة ثلاثة أطفال . " دايرين خامية قاسمين بها هاد البلاصة للي جرداتنا من الآدمية . وخا تعيا ما تجمع فالفلوس ماتقدر تدير والوا بلا رخصة وفينا هيا " . ويظل هذا الأب ، الذي يشتغل ، هو وزوجته ، في الوحدات الفلاحية بالمنطقة ، مجبرا على إخراج أبنائه خلال الخلوة الشرعية مع زوجته ، فيهيم هؤلاء الأطفال ، وسط الحقول إلى الهزيع الأخير من الليل ، ثم يعودون ، لينعموا بفرصتهم الطبيعية في " النوم " حتى منتصف النهار، بعد أن ينصرف الأبوان إلى " الخدمة " مع انبلاج نور الفجر . ويزداد الوضع تعقيدا ، في ظل الظروف ذاتها ، والتي تحرم هؤلاء الأطفال من الحق في التمدرس ، والرعاية الحقيقية ، وأخطر من ذلك ، في الحالات الكثيرة التي تغيب فيها حتى وثيقة الحالة المدنية ووثائق التعريف .

وضعية، صنعت الحاجة إلى السكن الطبيعي، بعيدا عن حياة الأكواخ و" الأعشاش "، وفي أشكال سكنية أخرى، تنتفي فيها كل شروط الحياة الإنسانية. حاجة، لم تهتدي الجماعة، ولا السلطات المحلية ولا حتى الوكالة الحضرية، إلى الخيط الرفيع الذي سيقود لإنهاء المأساة التي خلقتها بالمنطقة. والسبب ، كما يرد على لسان المسؤولين ذاتهم ، يكمن في كون العقار كله ، يحمل صفة أرض " الجموع " ، وهي الأرض التي " لا تباع ولا تشترى " . وبالرغم من إمكانية تبسيط المساطر ، فالجهات المعنية تفضل ، في أحيان كثيرة ، الرجوع إلى المقاربة القانونية الصماء ، التي تفرض على الساكنة أن " يتكيفوا " مع وضعهم البئيس ، والإدلاء بشواهد الملكية لتقديم ملفات البناء ، وهو ما يعتبره السكان أنفسهم ، ثامن المستحيلات ، بالنظر لتلك الوضعية العقارية الشاذة . الجماعة المحلية لأيت اعميرة ، كانت قد وفرت وثيقة تصميم التهيئة في المركز ، ووثائق إعادة الهيكلة في مجموعة من الدواوير ، بيد أن تفعيل تلك الوثائق ، يظل بطيئا ، ويتعرض لتوقفات في أحايين كثيرة ، لأسباب " مزاجية " . وأكثر من ذلك، فالملفات المعدودة، التي تحظى بالترخيص، تأخذ وقت طويلا، يستغرق أسابيع أو شهورا. ومنذ الثمانينات بدأت الرساميل الأورو مغربية ، تجد طريقا سلسة نحو المنطقة ، تم توظيفها لإطلاق ثورة هادئة من الاستثمار في الاستغلاليات الفلاحية الضخمة ، ووحدات التلفيف التابعة لها ، والتي تبتلع ، يوميا ، ما يزيد عن 70 ألفا من اليد العاملة ، ولا تلفظها إلا حين تطوي الشمس أذرعها في المساء . ولأنها " مسقط الرزق " بالنسبة لهؤلاء، الذين يفدون عليها من سائر جهات البلاد، فهي لم تفتح مجالات إضافية وقانونية، لاستيعاب تلك البشرية كلها، والتي جعلت المنطقة ضمن قائمة الضواحي السكانية الأكثر حركية على المستوى الوطني، بنسبة 6 بالمائة. وبحسب معطيات تحليل المجال الاقتصادي للمنطقة ، فيبدو ، أن كثيرا من تلك الوحدات الزراعية ، وإن كانت تشغل يدا عاملة كثيفة ، فإن مساهمتها ، تبقى ضعيفة ، حين يرتبط الأمر بالرقي ب " أيت اعميرة " إلى جماعة ذات بنيات تحتية واستقبالية ، قادرة على احتضان تلك الوفود العمالية ، بطموحاتها ومشاكلها ، فضلا ، عن حقوقها في الحياة الكريمة . بهذا الوضع ، توجد الساكنة المحلية ، تحت وطأة واقع موسوم ، في مجمله ، بالهشاشة وعدم الاستقرار ، الأمر يفرز ظواهر اجتماعية خطيرة ، تبدو جلية في الارتفاع المطرد لأعداد الأمهات العازبات ، اللائي يقدمن طاقة عملهن لهذه الضيعات ويتحملن ، إضافة إلى ذلك ، عبئ التكفل بأبنائهن وأسرهن ، وسط أتون عالم " الميكة " في العراء . وبفعل الشساعة ، فالمنطقة ، ترسم مساحة فيحاء لبؤر مسجلة " خطر " في الإجرام ، وترويج المخدرات ، بسائر أصنافها ، فهي توفر، تربة خصبة لدى الكثير من العمال ، لخلق " زبناء " ومتعاطين لهذا النشاط الموازي ، دون إغفال ما يصاحبه من "ازدهار " ملفت للدعارة ، وهو ما أنتج العشوائية في كل شيء ، لتفيض الكأس في التعمير..

الغضب " يرتقي" إلى الثورة

" ممنوع دخول المخزن " ، شعار ينطق به لسان حال معظم الأهالي ، الذين ينخرطون بوثيرة هستيرية في إقامة " دواوير " ، وسط الدواوير الأصلية ، حيث تتحول الهكتارات من الحقول في الليلة الواحدة إلى مباني عشوائية ، لا تصميم ولا تناسق يحكمها . فأينما وُجدت بقعة فارغة، إلا وتصير في الصباح " صندوقا إسمنتيا " بغرض تشييد بيت للسكن. بيد أن الأخطر في العملية ، أنها فتحت المجال واسعا للوبيات جديدة في البناء العشوائي ، التي لاتفوت " الفرصة " ، دون أن تمارس نشاطها غير القانوني في التجزيء . فسعر المتر المربع الواحد ، لا يتجاوز الثلاثمائة درهم ، في ظل هذه الموجة غير المسبوقة ، حيث يلجئ بعض المضاربين ، إلى اقتناء حقل بكامله بمبلغ لا يتعدى ثلاثة ملايين من السنتيمات ، وبعد عملية التقسيم إلى بقع ، يصل العائد المالي إلى ضعف ثمن الاقتناء ، ثلاثاً إلى خمس مرات. الأمر، دفع بالجماعة المحلية إلى مراسلة وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية لإنزكان وعامل إقليم اشتوكة أيت باها ، تلفت انتباهه إلى أن أعداد المجزئين في ارتفاع كبير ، ويفدون حتى من خارج مجال أيت اعميرة ، بغرض شراء وتجزيء وبيع الأراضي ، ومن ثم إعدادها للبناء غير المرخص . وتشير المراسلة ، إلى أن بعض الجماعات ، لا تتحمل مسؤوليتها في الامتناع عن المصادقة على عقود للتجزيء غير القانوني لأراضي خارجة عن نفوذها الترابي ، مخالفة بذلك رسالة وزير الداخلية تحت عدد D6370 .

حالة " الطوارئ العمرانية " ، التي تعيشها الدواوير العشوائية الجديدة ، " تحميها " مجموعات اليقظة ، التي يتم تكوينها ، وتتألف في غالبيتها من النساء ، تظل مهمتها محددة في تطويق كل مداخل الدواوير و" التأهب " للتدخل ، في حال ما أتى القائد وأعوانه لتنفيذ قرار بالهدم ، أو ثني هؤلاء عن الاستمرار في هذه العمليات. " من حقنا أن نتوفر على سكن ، لقد انتظرنا ما يكفي لإعمال القانون ، لكننا الآن مستعدون لإعمال " شرع ايدينا " هذه المرة " ، يبرر " الطاهر " ، ما هو قائم به رفقة " جيرانه الجدد " . ويصل الأمر بالعديد من هؤلاء ، إلى نهج كل الأساليب ، التي يعتبرونها قادرة على دفع السلطات إلى التراجع ، من خلال تثبيت العلم الوطني فوق " الصندوق " ، ووضع قنينات مملوءة بالبنزين ، في محاولة للتهديد بإحراق الذات في حال ما نفذت السلطات إجراء الهدم . هذا التحدي الخطير الذي يرفعه السكان ، تجسد حتى في اختيار بعض أسماء دواويرهم العشوائية الجديدة ، من بينها دوار تواضع هؤلاء على تسميته بدوار " بزز " ، دلالة على التحدي . وتوجد دواوير أخرى ، يقول السكان إن أسماءها مستلهمة من رمزية الثورة الشعبية الليبية والتونسية ، من بينها دواوير " أجدابيا " ، " راسلانوف " و"بوعزيزي" ، يبرزون من خلالها ،أنهم اختاروا أشكال الاحتجاج من آخر نسختها العربية .

طوال هذه الحركة البنائية ، التي تأخذ منحى جد سريع ويصعب التحكم فيه ، لا يستنكف معظم السكان ، عن ملئ فوهات مدفعيات وعيدهم للسلطات عن آخرها ، حتى أفرغوها بكاملها يوم الخميس الماضي ، والذي اعتبروه يوم "الغضب الأسود" ، في وجه الجهات المعنية . فمباشرة ، بعد شيوع خبر قدوم وشيك للقوات العمومية ، من طريق " بيوكرى " نحو مركز " أيت اعميرة" ، انطلقت ، وبشكل فاجأ المراقبين ، وأربك القائمين على الوضع، فورة غضب من الدواوير ، حيث سارع السكان ، نساء ورجالا ، أطفالا وشبابا ، إلى حمل صور جلالة الملك و العلم الوطني ، في اتجاه الطريق الرئيسية في الوقت الذي كانت تمر فيه السيارات التي كانت تحمل العناصر الأمنية . السكان ، حصل لديهم " اتفاق جماعي " على عدم قبول أي حوار، أو مقترح من السلطات لوقف البناء ، فبحسبهم فقد "فات الفوت " ، وما على الجهات المعنية ، سوى تركهم وشأنهم ، يصنعون ، بأيديهم ، مصيرهم العمراني ، قاتما سيكون أو مشرقا . اضطرت السلطات إلى سحب القوات العمومية المستقدمة ، دون أن تكون قد نفذت أي تدخل ، بعد أن دخل عدد من " الثائرين" في سجال حاد أمام الكاتب العام للعمالة.

" شر لا بد منه " ، هكذا يبدو أمر استمرار السكان في عمليات البناء العشوائي المتسارعة ، فأي تدخل أمني مقرر، قد يوقع كارثة في الأرواح ، كما يذهب إلى ذلك المراقبون للوضع . ويجد هذا التوقع مبررا ، من خلال شهادات عدد من السكان ، الذين انخرطوا في هذه الدوامة ، تقول واحدة من نساء دوار " تين عمارة " ، وهي في قمة غضبها : " إيلا غادي ايريبو لينا إيقتلونا عاد ايديروها " . ويعتبر المراقبون، أن الظرفية الراهنة، التي تعيشها البلاد، بما يرتبط بها من سياق دولي وإقليمي، " حفزت " هؤلاء السكان، نحو انتهاز فرص الاحتجاج، والتكتل المتاحة لهم، كي " ينتزعوا " بالقوة ما لم يستطع القانون الجاري به العمل منحهم إياه. فمن العبارات التي يرددها عدد من السكان، أن "الدولة فتحت باب البناء لمدة ثلاثة أشهر " !!. ، كما أن المؤسسات القائمة – في اعتبارهم- " متجاوزة " ، وأنهم قد طالبوا بحقهم في السكن منذ عشرات السنين ، دون أن يحصلوا عليه . وتعتبر الجماعة المحلية ، من جهتها ، أن " المعالجة المتذبذبة للسلطة المحلية لمشكل خروقات التعمير فتح المجال أماما استنكار السكان وشجبهم لعدم المساواة في " حق الغش " وفي " الحق في خرق القانون " . وتضيف المصادر الجماعية أن الأمر " أفاض الكيل وفتح باب انتشار أوراش عشوائية للبناء في كل الجبهات ، جاعلا مهمة ضباط الشرطة القضائية وأعوان الشرطة الإدارية ، مستحيلة " . بالمقابل ، اتهمت السلطة المحلية ، رئيس الجماعة بأنه ، وأعضاء من حزبه " ينتقلون ليلا إلى الدواوير لتشجيع السكان على البناء العشوائي " . بيد أن المصادر الجماعية أكدت أن " لا علاقة إطلاقا لمكتب المجلس الجماعي بما يقع من البناء العشوائي على تراب أيت اعميرة " ، وذهبت المصادر ذاتها ، إلى حد اعتبار " صراع أعوان السلطة فيما بينهم أحد الأسباب التي أوصلت الأمور إلى ماهي عليه " .

وبمكتب عامل الإقليم ، تم عقد اجتماع طارئ حضره ، إلى جانب المسؤول ذاته ، رئيس جماعة أيت اعميرة ، وقائد المنطقة ورئيس دائرة بيوكرى ، خصص لبحت السبل القمينة بوقف النزيف ، حيث تم الاتفاق على اتخاذ إجراءات من بينها ، وقف استمرار التدهور أولا ، وانتهاء باقتراح بدائل بالتشاور مع الوكالة الحضرية ومفتشية الإسكان والتعمير والتنمية المجالية ومصالح وزارة الداخلية . وكانت السلطة المحلية لأيت اعميرة ، حررت نحو 400 محضر لمخالفات التعمير، بما فيها ما يرتبط بحوالي 40 تجزئة عشوائية بالمنطقة . وتؤكد مصادر إقليمية ، أن على المصالح المعنية أن توفر الشروط القانونية لتنظيم عمليات البناء ، حيث يسجل تأخر غير مبرر لوثائق التعمير وتصاميم التهيئة والنمو. فبالرغم من أن إقليم اشتوكة أيت باها ، أُحدث منذ عام 1994 ، فإن معظم الجماعات المحلية التابعة له ، لا تتوفر على تلك الوثائق ، بالإضافة إلى سوء التقدير للوضعية العقارية ، حيث الغالبية من الأراضي تدخل في إطار ما يسمى " جموع " . ويظل الوضع مرشحا للأسوأ ، فمستقبل غير باعث على الارتياح ، يهدد مركز أيت اعميرة النابض، حيث يمكن أن ترحل معظم الضيعات الفلاحية في أية لحظة ، في ظل التهديد المحدق بالفرشة المائية ، والضغط السكاني القوي .

الضارة النافعة

ووسط هذه الموجة ، التي لم يكن يتوقع أحد اندلاعها بهذه السرعة الغير المسبوقة ، وجدت فئات مهنية تشتغل بقطاع البناء ، الفرصة الحقيقية لإعادة " الدفء" إلى جيوبها وإجلاء العطالة القسرية ، التي لازمتها منذ توقف عمليات البناء القانوني قبل شهور ، فانتعشت معها حركية " بورصة مواد البناء " والوسائل المواكبة لها . في هذا الصدد، قالت مصادر بعين المكان، إن العديد من العمال والعاملات الزراعيين، اضطروا إلى استرداد جميع ودائعهم المالية من عدد من المؤسسات المالية، بقصد توجيهها لاقتناء مواد البناء، وفاق مجموع المبالغ مليون درهم في يوم واحد ، ما يؤكد أن بوادر أزمة اقتصادية خانقة تهدد الرواج التجاري بمركز أيت اعميرة ، خصوصا وأن أسعار الخضر والفواكه بالسوق الأسبوعي ، الذي ينعقد يوم الخميس ، نزلت إلى أدنى المستويات ، بسبب الضعف السريع ، الذي طرأ للقدرة الشرائية .

ويدق المراقبون ناقوس خطر عمليات التجزيء، التي يتم مباشرتها، بشكل ملفت بالمنطقة، وهي العمليات التي تفتح المجال واسعا، للمضاربة، وإمكانية إعادة بيع البقعة الواحدة أكثر من مرة، أو الترامي على الأراضي دون بيع ولا شراء. وتشدد فعاليات تنموية محلية ، على أن الدولة مدعوة إلى تشجيع التجزئات السكنية ذات التجهيز المتدرج بالمنطقة ، دون إلزام أصحابها بالملكية النهائية ، بحيث يمكن ، فقط ، اعتماد مطلب التحفيظ خال من التعرضات ، ودون الإلزام بالتوفر على وثيقة تعميرية ، وإلا سيتم إقصاء جماعات المنطقة التي تشهد إقبالا مطردا للوافدين عليها من بقية أقاليم لا تتوفر على وثيقة التعمير . وتعتبر المذكرة "الاستباقية" ، التي كان قد رفعها الحزب الاشتراكي الموحد إلى مدير الوكالة الحضرية وعامل الإقليم ، أن اعتماد هذه الإجراءات ، سيمنح ضوءا أخضر لبداية عقد مصالحة بين الإدارة والمواطنين ، ونزع فتيل هذا الاحتقان الشعبي ، والأصوات المتعالية للسكان ، الذين باتوا يعتقدون أن لا جدوى من تقديم ملفاتهم من أجل الدراسة ، فتتحول معه الجماعات المحلية إلى " مكاتب ضبط " فحسب . ويشدد فاعلون في مجال العقار، على أن إشكالية صبغة " الجموع "، التي تلصق بأراضي المنطقة، خلقت وضعا استثنائيا، ولا ترتبط بتصميم التهيئة، لكنها تمس، بالأساس، حال الوضعية القانونية للعقار. وتتساءل الفاعلون ذاتهم ، عن مبررات منع المواطن العادي من البناء ، في الوقت الذي يسمح فيه لكثير من وحدات التلفيف ، بإقامة محطاتها فوق تلك الأراضي . وتضيف المصادر، أن الساكنة ، لم تستطع مسايرة الأثمنة التي تم تحديدها لاقتناء البقع المعدة للسكن الاجتماعي ، والتي تتجاوز في أحايين كثيرة ألف درهم للمتر المربع ، الأمر الذي يفوق القدرة الشرائية لدى الأهالي ، بالنظر إلى أن معظمهم عمال زراعيون موسميون ، أصبحوا ، بحكم الواقع ، قارين ، يشاركون ويؤثرون في العمليات السياسية ، ما يفرض ضرورة إعادة تقويم سعر بيع البقع الأرضية بالتجزئات الاجتماعية ، حتى يتناسب ، وقدرة العامل / المقتني، مع أهمية خلق شراكات بين أصحاب محطات التلفيف والإدارة ، بغاية استفادة الجميع .

 

الأسعار تلتهب داخل " بورصة مواد البناء "

ارتفع ثمن الوحدة من الياجور بشكل صاروخي ليصل إلى خمسة دراهم بعدما كان سعرها لا يتجاوز قبل ثورة البناء الأخيرة درهمان وأربعة وأربعون سنتيما ، في حين وصل ثمن شحنة واحدة من الرمال إلى نحو 950 درهما بعدما كان في حدود 650 درهما لثلاثة أمتار مكعبة، أما شحنة الأحجار فيبلغ ثمنها لدى العديد من أصحاب الشاحنات حوالي 900 درهم لثلاثة أمتار مكعبة في الوقت الذي لم يكن يتعدى سعرها قبل هذه الموجة نحو 450 درهما.
وتتحدد أسباب هذا الارتفاع الكبير في الأسعار في التكلفة الباهضة للتنقل ، خصوصا وأن شاحنات تستقدم الياجور من خارج الإقليم ، كمدن شيشاوة وبني ملال وتارودانت ، في الوقت الذي يتم فيه توجيه تحذيرات إلى عدد من أرباب مستودعات الياجور داخل الإقليم بعدم تسليم الشحنات إلا لمن يدلي بترخيص البناء . هستيريا البناء في المنطقة ، لا تضع برنامجا زمنيا للعمليات المقامة ، فمثلما يتم إطلاق الأوراش علنا بالنهار ، تتحول ربوع المنطقة ليلا إلى ورش كبير مفتوح تحت أضواء الفتائل التي يتم إيقادها في كل مكان ، حيث ينتشر "بناءو الظلام " بالمئات . كما أن العديد من النساء ينخرطن ، رفقة أطفالهن في العمليات بأهم مراحلها ، خصوصا بعد أن يُنهين يوم عملهن بالوحدات الفلاحية في المساء.
وانتقلت أجرة " المعلم " في البناء إلى نحو 450 درهما بعدما كانت لا تتجاوز قبل هذه " الثورة " مبلغ 200 درهم، في حين وصلت أجرة " العامل البسيط " إلى نحو 300 درهم في الوقت الذي لم تكن تتعدى فيه مبلغ 60 درهما. كما أن سعر المتر المربع الواحد، في ظل هذه الموجة، لا يتعدى 300 درهم بعد عملية التجزيء. وتصل أجرة إقامة " صندوق إسمنتي " إلى 6000 درهم، في الوقت الذي لم تكن تتجاوز فيه نصف المبلغ المذكور.

 


"مصطفى واغزيف"

 

 


 

ننتظر تعليقاتكم و إقتراحاتكم اسفل هذه الصفحة؟؟؟؟

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !