ظهور طبقة العاملين المعدمين ..
ناقوس خطر !!
إن التسليم بان تفاوت الناس في اقتسام الأرزاق هو سنة إلهية , وان انقسام الأمم إلي طبقات تتفاوت بحسب ما تملك من متاع الحياة وخيراتها ,إنما هو أمر طبيعي , وإيراد بعض الآيات لتسويق هذا الرأي مثل قوله تعالى ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما أتاكم إن ربك سريع العقاب وانه غفور رحيم ) " الأنعام 165" إن كل هذا سخف و لوي لمعاني الآيات لإثبات أن القدر هو من يحدد الأرزاق وان ليس للعمل و الاجتهاد دور , وهذا ديدن" القدرية".. إن معنى الآيات السابقة حسب تفسير المفكرين من العلماء , هو أن الله استخلف الناس في الأرض ليعمروها وفاوت بينهم فيما منح من الوسائل الأدبية والمادية التي تعين على ذلك , ليصبح التفاوت في المواهب الإنسانية والاجتهاد هو الفيصل في ترتيب الطبقات .. ولكن هل هذا هو ما يقع اليوم في بلادنا ؟.. بالطبع لا ! .
لقد قامت نهضتنا في السنوات القليلة الماضية على طبقة وسطى ينتمي إليها معظم أفراد الشعب ومنهم موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين , فقليلا ما كنت تجد تفاوت- لنقل تجاوزا " طبقي"- بين من يقع في قاع السلم الوظيفي ومن هو في وسطه .. بل لعلي أقول من هو في أعلاه , فقد كان مرتب رب الأسرة العادي يكفي حاجات الأسرة بل ويفيض منه قدر جيد يمكن أن يدخر , فلم يكن هناك مدارس خاصة و مستوصفات خاصة ولا كماليات هي ضرورات في هذا العصر العجيب !.. إن ما يحدث ألان هو أمر يحتاج إلي وقفه من ذوي الاختصاص , فهناك طبقة عامله معدمه , وينتسب إليها أيضا طبقة المعدمين الغير عاملين !! .هذه الطبقة التي لا تجد حد الكفاية من الحاجيات الإنسانية المعتادة في هذا الزمان , فسد رمق العطش و الجوع ليس مقياس للحاجة في لهذا الزمن , الذي أصبح فيه الهاتف النقال حاجة .. وحتى أكون منصفا أقول : الزمن تغير ولا شك , ولكن علينا أن نتغير نحن أيضا , ونغير الآليات و القوانين السائدة , والتي لم تتغير بتغير الزمن .. إنني لست مع من يتصور أن البشر يجب أن يكونوا سواسية , فان المساواة المطلقة خرافه , كما أن التفاوت المفتعل لغير سبب معقول مرفوض أيضا , ولكن السؤال ما هو الحل ؟ الحل برائيي هو توفير الظروف المعينة على الارتقاء , واحترام قدرة آحاد الناس في السمو و التطور وطلب الكمال , فإذا كانت آليات الارتقاء في المجتمع واضحة و تعتمد على القدرات الطبيعية للإنسان , جسدية كانت أو عقلية , هنا يتحقق ميزان العدل في المجتمع , الذي يجعل الجميع يتنافس ويجتهد لتحقيق الذات و الطموح أولا ثم تحقيق الغايات لمجتمعه الكبير , وهذا يحقق للمجتمع طبقة عاملة جادة , تسير ركاب المجتمع نحو التطور المنشود .
إن بزوغ طبقة محرومة ليس لها أن تأخذ ما تستحق من مردود يوازي قدراتها العقلية والجسدية , بحيث أنهم إن حصلوا على وظيفة فالمردود قليل جدا , وان كان لهم القدرة على عمل أخر فهم لا يجدون , و هؤلاء من المؤكد أحسن حالا ممن لم يجد عمل بعد عشرات السنين قضاها في ردهات المدارس و الجامعات .. إن هذا كله لأمرا خطير , فالدول التي لا تحترم مواطنيها ولا توفر لهم أسباب العيش الكريم , هي دول لا يحترمها مواطنوها ولا يكنون لها الولاء , فهل نحن بحاجة الي جيل لا يحترم وطنه وليس له ولاء !!, والله من وراء القصد
عبدا لعزيز بن عبدالله الرشيد
التعليقات (0)