مواضيع اليوم

ظلال الشمس قصة قصيرة لسعيف علي الظريف

سعيف علي

2009-07-22 00:13:55

0


ظلال الشمس
قصة قصيرة لسعيف علي الظريف


يا ولدي قم أَدخِلنِي للتِّلفاز، فقد رأيتُ دجَاجَاتِي الحمْراءَ هناكْ و رأيت أمِّي
.
بَيْ الصَّادِق وقد بلغ من العمر عِتِيًّا

كانت تتمشي و أنا أجلس خارج التلفاز و سيجارة في يدي تفنى في أنفاسي .مرت في الشاشة متهادية تتمايل في مشيتها كأن الطبيعة ترفل و تتغنج .كان انتباهي مشدودا الى خطوتها اقعد إليها مستسلما الى روج عميق .أحسست إن الحديقة التي كانت تحويها انتقلت الى شقتي و أكملت جنتها عندي .
ضلت تمشي الهوينا في المسارب الترابية التي تقطع الخضرة و الناس حولها شغل و مرح و لعب ، امتلأت المتكآت الإسمنتية بالجلوس و أخرجت عجوز منديلا تتنخط فيه و حاول طفل إن يقفز محاولا إمساك فراشة .كأن الناس شبه واحد . الكل يبدو عليه سرور غريب.الضحك و القهقهة أصوات للجميع.كنت أرى الابتسام و لا اسمعه و أراها تعبر في صمت و التفات. اوحت إلي أنها تهتم بأمر خارج الربيع الذي ينتصب حولها .
كان أكثر انتباهها مركزا على الجهة اليمنى ، كانت تضع فيها عينها و تميل بخطواتها نحوها. وقفت حينا عند كشك صغير للجرائد و الحلوى يشبه في شكله الفطر .استلمت جريدة أجنبية من البائع و دفعت بنقودها إليه .كانت تمرر نظراتها الى العناوين ، قلبتها في سرعة ثم دفعتها الى أبطها و سارت .كانت هذه المرة أكثر سرعة و اشد قلقا . غارت الأشياء من حولها و غاصت و أصبحت الخيالات من حولها تتساقط إمام وضوحها و احتلالها المربع العجيب حتى وقفت فجأة و ظهرت البغتة على محياها .أبصرت من بعيد أربعة رجال في لباس أنيق يتجهون نحوها .
بدأت المطاردة و بدأ نبضي يتسارع و دهشتي تزداد أمام هذه الأنوثة . كانت تجري كرياضي محترف تتفادى في حرفة كل ما يعترضها من حواجز .كانت تجري هاربة و كانوا يجرون يرجون اللحاق و كان الدم يندفع الى كل شراييني كأن حركة متدافعة دخلت جسمي تمكنت من اجتياز باب الحديقة و شرعت تخوض النجاة في شارع واسع كثير الحركة .كانت تحاول أن تضع ورائها مسافة تمكنها الغياب فجأة عن عيونهم .محترفة تضع الخطة و التنفيذ و الكرة في لحظة واحدة و تمكنني من التقاط الثقة ،دخلت عمارة و قفزت الى سلالمها حتى وقفت عند شقة طرقتها بقوة و هي تسترجع أنفاسها .
كان الرجال الأربعة قد بدؤوا يخففون سرعتهم و قد غابت عنهم أمل فجأة فلم يستطع أحد أن يحدد اتجاه الصحيح للاتجاه الذي اختارت .كانت الحيرة بادية على وجوههم ، و قد غاص الهدف في ضجيج الطريق .تكلم رجل فيهم و قد ندى الغضب واضحا في نبرته ،
" لقد هربت مرة أخرى.... ".
" اللعينة أنها سريعة جدا "
" لا أرض أنها تقرى على الجهد الطويل. لا بد أنها قريبة من هنا ".
" في كل مرة تفلت تقول نفس الكلام "
" اللعنة.. . لا بد أنها تحدد مخبأها قبل أن تحل بأمكنة لقاءاتها "
" يجب أن نعيش من طرق عملنا .."
" أرجو أن نتمكن في الإخبارية القادمة من الحصول عليها .لقد أصبحنا في حرج أمام الرؤساء "
" لماذا لا نقوم بالسؤال عنها .لا بد أن أحدا رآها "
" لفت أمل باب الثقة بسرعة دون إن تنبثق بكلمة و أستقبلها كرسي خشبي كانت يدها تمسك جبينها ثم تمر الى كامل شعرها الأسود . محاولة استرجاع بعض الهدوء في حين بادرها شاب قوي و هو يتجه الى شباك الشقة المطل على الطريق ."
" هل تعرضت الى مطاردة."
" نعم "
" هل كانت عنيفة "
" لا......كانت سريعة فقط " .
"أ لم يرك أحد "
" لا أضن "
" سنضل حذرين حتى نتمكن من مغادرة المنطقة "
" ليس هذا ما تملكني ، لقد تكرر حضورهم في أمكنة اللقاء ...أنا لا أشك بأحد لكنهم يبدؤون يضيقون الخناق .."
" أنها الحرب فما لشيء فيها غرابة "
" هذه حكمة "
قامت أمل الى المطبخ تبحث عن لقمة تسترجع بها بعض الجهد الذي ضاع و عبه ماء .كان توردها قوة تعمل داخلي.تعلقت أنا بسؤال في الفن و أغواني النقد.إني أمام حكاية بوليسية أم بطولة قومية ، يرتفع النسق و أرتفع معه و ]خبرني انتباهي أن سبيلا في هذه الحانثة يمر الى فضاء رحب . قلت أحدثها في نفسي لماذا تحتملين هذا القطع و تتركينا المسافة و الحياة و الدعة دونك خلاء. لماذا تفتحين أمامي السؤال لأتعرى قبل أبصر في جسدك قطعة مساحة عارية.
كنت أعجب و إنا انفخ دخان سيجاري عن الدقائق تمر ولا تطرى الحادثة لا تقطع ثباتا الموقف وتقطعني عن أسئلتي أو تبتعد إلى مرقص آخر للعب السينمائي حتّى أصابت عيني في مقلتيها إرتجافة عندما سمعت طرقا غير عادي على الباب. رجعت إلى الصّالة مسرعة وخاطبت الشاب في همس حتّى يسكت لكن الطرق بدأ يقوى حتّى أصبح دفعا لفتح الباب.
استبدت بي مخيّلاتي وحركة همي لغتي ينقب حيطان الغائب ثمّ حارب القط العصفور في قفصه وصارت أمل من بعد قوّة كتلة تقاوم أيدي قويّة وغاب رفيقها عن الوعي بعد أن باغتته ضربة بمقبض المسدّس وهو يحاول أن يقاوم. كانت قسمات أمل متّسعة وجحظت عيناها وأنتقل لون الأحجار البغتة إلى وجهها. كنت أسبّ الغادرين وبدأت اللّعن وامتطيت الحماسة لكن عالمي وعالمها لا يتّفقان إلاّ في نفسي يكون فيها التوهيم حياة ومسرّة وارتجاف.
صعدت أمامي الأسماء واحتلّت الألقاب الشاشة ورجع الأمر إلى التقنية وتسلّطت النهاية على قسم الحكاية. تركت الشوق في غير إشباع وتركتني إلى التأويل والتخمين. بقيت الأسماء كسياج حتّى ختمها المخرج في خطّ عريض وانتهت الموسيقى المبلّلة بصعود في الإيقاع جفّ وانقلبت معه الصورة إلى قطعة أخرى، لحظات مرّت كجنازة تسير على الميّت.
ضربت يداي على متكئ الأريكة وانتصبت ممتعضا. أغلقت الجهاز ونظرت حولي. اتجهت إلى مرآة كبيرة مثبتة خلف الباب الخارجي وأمعنت النظر في كتلتي. مررت بيدي على بطني أتّحسس تكورها واقنع نفسيا أنّها منسجمة مع قوامي. أنا كما أنا منذ الصباح لم أزد ثقلا وتمنيت لو أدخل المرآة وانقلب إلى عالم الضلال والمنعكسات ورأيت نفسي في رسم أرجواني أحاول أن أمسك أمل لكنّها تتمنع.

سعيف علي الظريف

saifdrif@gmail.com





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !