كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مقالا نشرته أربع صحف عربية مهمة مثل السفير اللبنانية، والشروق المصرية، والرأي الكويتية والشرق القطرية، تناول خلاله ضرورة إصلاح ذات البين وضرورة إصلاح ما أفسده السنوات السابقة بين يران والدولة العربية. متوعّداً بفتح صفحة جديدة بين بلاده والعرب. لم يسبق لوزير إيراني نشر هذا الكم من الكلام في وسائل الإعلام العربية ليعبّر عن فكرة أويسوّق عن رأي كما أثاره ظريف. حيث أوجد بيئة ملائمة لنشرالتساؤلات لدى المتابعين للشأنين العربي والإيراني . فهل هذا التوجه الإيراني يعكس تغييراً نمطياً في تصرفاتها الإقليمية أم أنها سياسة الهدوء ما قبل العاصفة؟ هدوء و مرونة إيرانية قبل أن تحصل على ما تريده من الإتفاق النووي ومن ثمّ تعيد الكرّة في التعامل مع جيرانها العرب؟ أم أنّ استخدام المقولة الأخلاقية تعبّر عن وعض ديني إيراني أم أنها سياسة استراتيجية جديدة متبعة من قبل طهران؟
تناول ظريف في مقاله الأخيرعلى إيصال رسائل إيرانية الى الدول العربية فحواها تركيزعلى تشكيل لجنة حوارية إقليمية تشمل إيران والدول العربية لمعالجة أزمات المنطقة باستخدام السبل الحوارية واستناداً الى مبادئ احترام سيادة الدول و استقلالها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وهذا ما يطالب به العرب منذ سنين بالإلتزام بهذه الأصول لكنّ طهران كانت تتنصل دوماًعنها بدافع تصديرالثورة ونصرة المظلومين، لكنّ الإتفاق النووي الأخيرحسبما يبدو أوجد أجواء جديدة في طهران غيرت من معادلات التدخل في المنطقة.
يفتتح ظريف مقاله للشروق بالإستناد الى الميراث الإسلامي الذي يشد على الإهتمام بالجار و تدارك احتياجاته بقوله أنّ "فى تقاليدنا العريقة وفى ديننا الإسلامى الحنيف (الذى يجمعنا معا) توصية حكيمة تقول: الجار ثم الدار، وهى توصية اخلاقية ذات رؤية عميقة، وصلتنا عبر القرون، وباتت ضرورة لا يمكن انكارها فى عالمنا المعاصر؛ ان الرفاه والأمن يتحققان فقط فى البيئة التى يمكن ان تحظى بهاتين النعمتين العظيمتين."
من ثمّ يأتي دور التسويق للإتفاق النووي وربطه بما يدور في المنطقة من عدم استقرار و ثبات قائلاً:" إن اتفاق فيينا كان بداية ضرورية للمنطقة، فهو ليس فقط لا يشكل أى ضرر لجيراننا، بل إنه مكسب لمنطقتنا برمتها لأنه وضع نهاية لتوتر كنا فى غنى عنه دام اثنى عشر عاما، هدد المنطقة أكثر من غيرها، وقد حان الوقت للتفرغ إلى أعمال أهم وفى مقدمتها البحث عن آليات، تساعد جميع بلدان المنطقة على اجتثاث جذور وعوامل التوتر وغياب الثقة فيها.إن تشكيل مجمع للحوار الإقليمى فى منطقتنا ومن ثم بين جميع الدول الإسلامية بالشرق الأوسط، لغرض تسهيل التعامل، حاجة ماسة كان ينبغى المبادرة إليه قبل هذا بكثير، ولابد أن يكون الحوار الإقليمى وفق أهداف مشتركة ومبادئ عامة تعترف بها دول المنطقة، وأهمها:
احترام سيادة ووحدة تراب جميع الدول واستقلالها السياسى وعدم انتهاك حدودها، الامتناع عن التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، تسوية الخلافات سلميا، منع التهديد أو استخدام القوة، والسعى لإحلال السلام والاستقرار وتحقيق التقدم والسعادة فى المنطقة."
ويختم قوله بالإستناد الى المقولة الأخلاقية نفسها لبدء صفحة جديدة مع الجيران وتأسيس تحالفات معها لمواجهة عدم الإستقرار مشيراً الى أنّها تشدن قواسم مشتركة كثيرة ومتنوعة فى الدين والثقافة والسياسة والجغرافيا نملك جميع المستلزمات لإقامة تعاون بناء ومفيد لجميع شعوبنا وشعوب العالم. فهل هذا الرجل الذي أقنع المرشد بالتوقيع على الإتفاق النووي حسب المصادر الإيرانية، لهو قادر على أن يقنع العرب بالقبول بعروض إيران و حسن نيتها تجاههم وأنها تريد تغيير سياساتها تجاه دولهم؟ ما سيحدث على الأرض من تغيير في سوريا والعراق واليمن من قبل إيران برأيي أكثر تأثيراً من الكلام وكتابة المقالات رغم تثمين محاولات الوزير الإيراني لكن عليه أن يقنع الحرس الثوري والمؤسسات الثورية والعسكرية الإيرانية بنفس الوقت بمحاولاته لإقناع العرب حتى تكون وقع هذه السياسات والتقارب العربي الإيراني مقبول و مؤمل للحدوث ولن يصبح أضغاث أحلام فقط.
التعليقات (0)