خرج احمد من منزلهم متجها الى حيث يلتقي اصحابه غالبا في مكان اطلقوا عليه مسمى المجلس ، وما ان قابل الباب اذ بالمنظر خير معبر عن الوجود الذي يضمه المجلس بين جنباته ، فالمكان يكتظ بالأحذية التي يتضح بها لكل ناظر التنوع السني بين اصحابها ، وقد غطت الأرضية بحيث انها تشكك الناظر اليها بوجود مكان يتسع لشخص بينهم ، بينما كانت الأصوات التي لايمكن لمن تصل اليه تمييز معناها او الصادرة منه ، ويتضح من الضوضاء ان الجو شبه عام او أنه مفتوح - وان كانت هناك عوامل خارجية يعلمها من اراد معرفتها تحكمه عن بعد - وكل ذلك ظهر اكثر لأحمد ما ان دفع الباب دفعا خفيفا حذرا لتوقعه ان احد الجالسين سيتخذ المكان مضطرا مجلسا له ومع ذلك لم يمنع الإحتياط الذي قام به من ان يندفع الجالس غاضبا بجسده ملتفتا الى احمد موجها اليه عتابا ذا لهجة قوية وان لم تصل الى مسامع من حوله الا ان اذن احمد قد وعتها بالكامل ولم يزد على ذلك شيئا اذ اطفأ غضب المنفعل بابتسامة وان لم يكن لها الدور الفعال في تهدئته اذ ان عاملا آخر قد استرعى انتباهه عنه ، خطى احمد بين الحشود بعد ان اوغل نظره بينهم بحثا عن مكان ، وتخير مكانا يتسع لواحد من اول وهلة تراه فيها ولكن صاحبه الذي وان كان متضايقا من جلسته ما ان رأى احمد متجها نحوه حتى جمع رجليه وجلس مضيقا على نفسه اكثر ، فحاول احمد ان يكون جلوسه مستحقا من ناحية وان لايضيق على الذي قد اوسع له مكانا واشركه فيه مع ضيقه الشديد ، يمم احمد وجهه نحو مايستقبله الجميع بأعينهم ان لم يأسر قلوب بعضهم واخذ يحدث نفسه :
ماذا لو كنت انا من يملك هذا المجلس وانا المسؤول الأول عن كل مايصدر او يفعل او يقال عنه او فيه غالبا ، مالذي ارغب في ان يلتزم الجميع به نحوي والمسؤلية التي على عاتقي وان لم يقدرها البعض ، كيف سأتصرف ام كيف ستكون ردة فعلي او موقفي ان قام احدهم بفعل امر اكون الملوم عليه ؟
ماذا لو كنت انا الجالس وجاء احدهم ليجبرني بطريقة ما وان لم تكن مباشرة في ان اقاسمه او حتى ان اترك مكاني الذي بالكاد اجمع انحاء بدني فيه له ، ترى ماذا لو ان رغبتي في مكاني اقوى من ان اواجهه بالقيام او ترك مكان له بجانبي ، هل انا مخير
في ذلك ام سيلجئني بأسلوبه الى القيام من اجله وترك المكان له ؟
قطع على احمد حديثه لنفسه نظرة من الناحية المقابلة التقت بعينه دون قصد الا انها نبهته مشيرة اليه بغمزة تتبعها ايماءة بالرأس فهم ما ترمي اليه ، اذ تُوجّه اليه حين يتجدد امر او للتعليق على
امر ما ، انتبه ملتفتا الى ما تعنيه تلك النظرة والإيماءة فأبعدته عن تساؤلاته ، لتلحق بالكثير من مثيلاتها اللاتي ذهبن ادراج الرياح ، مما جعل الإجابات عنها لاتتاح حتى حين تنطبق عليه التساؤلات ، كما نفعل في كثير من شؤننا لانتساءل عنها حتى تنتهي ومايتعلق بها وتصير قصصا نكررها ولانخرج منها بنتيجة او عبرة ولا حتى تساؤلات . .
التعليقات (0)