لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد الذين يتعاطون المخدرات في الأحواز ولا لعدد الأميين رغم انتشار مراكز الرعاية الصحية و مراكز التعبئة ومحو الأمية و الحرس الثوري في كل قرية وحي . لكننا تعوّدنا كثيراً على تصريحات المسؤولين الإيرانيين والتي تنشرها الصحف اليومية والمواقع الإجتماعية رغم تكرار مفاهيمها وهم يحذّرون من تفشّي ظاهرة تعاطي المخدرات ويتوعّدون المهربين بالعقاب الأشد وهو الإعدام بسبب دورهم في نشر هذه الظاهرة التي يعتبرها هؤلاء على أنها مسلخ للبيئة الإجتماعية للمواطنين كما أنّ عدائها الخطير للتنمية البشرية في المجتمع مسلّم وواضح لكن لا يوجد تقدم ملموس في هذا الخصوص.
يتهم المسؤولون الإيرانيون جهات خارجية محددة على أنها تقف وراء انتشار ظاهرة المخدرات في البلاد ويعتبرها هؤلاء على أنها تصبّ في إطار ما يسمى بإعلان الحرب على الشعب الإيراني من خلال نشرالمخدرات بكثافة و تضخيم المشاكل الإجتماعية المستعصية الأخرى في المجتمع مثل الفقر و الأمية.
يرى النظام الإيراني أنّ البلاد تواجه حرباً شرسة تتمثل بالغزو الثقافي و الإجتماعي للبيئة الثقافية للمجتمع الإيراني ولا تشنّ هذه الحرب الحديثة بطرق تقليدية مثل القصف بالمدافع الثقيلة أوالطائرات الفتّاكة ولكن تواجه البلاد هجوماً شرساً يتمثّل بالغزو الحضاري عبر تخدير الشعوب وإفراغها من هويّتها الوطنية والقومية عبر نشر ظاهرة إجتماعية مدمّرة مثل المخدرات التي لا تنتمي للواقع المُعاش في البلد إطلاقاً.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف يمكن انتشار المخدرات بهذه السهولة في ظل وجود أكثر من هيئة و تعبئة جماهيرية يقودها الحرس الثوري إلا أن تجّار المخدرات في مدن "عبادان والمحمرة والأحواز " ما زالوا يمارسون الإتجار في المخدرات بصورة علنية دون خوف من أحد.
في نفس السياق ينقل لنا أحد المصادر المقربة من مركز مكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية - محافظية الأحواز "شوراهاي هماهنگي مبارزه با مواد مخدر" أنّ عدد المدمنين وتجار المخدرات في محافظة الأحواز يتجاوز المليون وهو في تصاعد مضطرد وأنّ معظم من يتمّ القاء القبض عليهم من تجار المخدرات الكبار"دانه درشت" يتمّ إطلاق صراحهم فور دفعهم رشاواى للشرطة أو حتى قضاة الإقليم لكن عملية نشر المخدرات تبدو متعمّدة خاصة في المناطق الأحوازية حيث تصدر مراسيم للشرطة و هيئات معنية تحثهم على ترك الحبل على القارب بالنسبة لقضايا مثل المخدرات في الاحواز و هناك وثائق ذات صلة في حوزتنا سننشرها اذا اقتضى الأمر .
لكنّ الهيئات الرسمية بمكافحة المخدرات تشير الى صعوبة إعطاء إحصاءات دقيقة تشير الى عدد المدمنين في الأحواز بسبب وجود عقبات مجتمعية مثل الإطار القبلي الذي يحول دون معرفة عدد المدمنين بسبب إتجاه العوائل نحو إخفاء أمر الإدمان لذويهم أو حتى تكتّم المدمن نفسه ما يحول دون معرفة دقيقة لعدد المصابين لكن مجرد اعتراف السلطات المعنية بكشف كميات أطنان من المخدرات أو اعتقال عشرات العصابات الناشطة في مجال المخدرات كفيل بمعرفة عدد المدمنين في المنطقة.
لأنّ للمخدرات علاقة وثيقة بجهل المجتمع بأضرار هذه الظاهرة فعلى الحكومة أولاً السماح للمجتمع المدني ومؤسساته المستقلة والغير الخاضعة لإرادة الحكومة مباشرة أن تزاول نشاطها في مجالين ؛ الأول مكافحة الامية باعتبارها بوابة رئيسية للمخدرات والثانية تاسيس مراكز غير حكومية لمكافحة الإدمان .
ونقول إنّ القضاء على الأمية لا يأتي إلا عبر السماح بتدريس اللغة الأم للأحوازيين ألا وهي اللغة العربية و هذا الأمر لا يأتي فقط من قبل إرادة المجتمع المدني و مؤسساته المعدومة أصلاً لأنه مشروع ضخم يتطلّب الكثير بل هو بحاجة الى مساعدة حكومية و إن قلنا دولية لم نجاف الحقيقة بشئ . إذن على الحكومة الإيرانية ألا تعطي هذه المطالب آذاناً صمّاء فعليها الأخذ بها من منطلق حرصها على الوطن والمواطنين كما هي تدعي برعايته وإلا فسوف نلقي بكل المسؤوليات على عاتقها رغم أننا لا نبرّء ساحة مجتمعنا من هذه الأخطاء الجسيمة.
التعليقات (0)