تحقيق: تهاني روحي حلمي
ظاهرة ازدياد عدد المقاهي والكوفي شوب المنشرة حول الجامعات الاردنية هي ظاهرة قديمة ، الا ان الجديد فيها هو تسابقها لتقديم خدمات خاصة للطلاب لاستقطابهم للدراسة فيها، فمنهم من اعلن عن نظام لا سلكي ( wireless) مجاني للطلبة الجامعيين ، ومنهم من اعلن عن اوقات لتقديم المشروبات باسعار مخفضة جدا ، ومنهم من خصص مقاعد وثيرة وزوايا خاصة للدراسة. تلك المغريات التي تتيحها المقاهي والمطاعم جعلت الطلبة يهجرون الدراسة التقليدية في المكتبات الجامعية ، واصبحت خالية تماما من الباحثين ، ولم لا ان كانت محركات البحث للكمبيوتر الذي يحملونه اسرع بكثر من التنقل ما بين رفوف الكتب المملة على حد قولهم.
لكن هل يجد الطلبة في هذه الأماكن وسطاً حقيقياً للدراسة والتركيز أم هروباً من جو المكتبات الصارم ، أم أنها الصرعة الجديدة للدراسة ؟؟ هذا ما سنتعرف عليه خلال هذا التحقيق ،،،
يرتاد بديع غليلات (طالب في الجامعة الأردنية – دراسات عليا) هذه المقاهي ذات الأجواء الهادئة - بحسب رأيه - والتي تسمح له بالدراسة ومتابعة واجباته الجامعية عبر الكمبيوترالشخصي، حيث ان المكتبة العامة للجامعه تتيح له الفرصة للنوم بدلا من الدراسة، كما ان البيروقراطية في المكتبة لا تتيح لنا تصوير الكتب بكميات كبيرة ، ولا يسمح لنا بالحديث أثناء الدراسة كما ان التنقل ما بين الطوابق هي عملية مزعجة للدراسة.
وتؤيد كاثي(طالبة تدرس اللغه العربية) ارتياد المقاهي والكوفي شوب للدراسة وتفضلها عن مكتبة الجامعه معلله بذلك ان الطلبة يتهامسون كثيرا في المكتبة ، كما ان بعض الطلبة لديهم فضول لايقافها باستمرار في المكتبة وسؤالها عن جنسيتها وسبب دراستها للغه العربية الأمر الذي يشتت ذهنها للدراسة ، كما انها ترتاح جدا في تلك المقاهي على حد قولها فهي الى جانب تقديم خدمات متميزة للطلبة أهمها اتاحة نظام اللاسلكي لاستخدام الكمبيوتر بحرية ، وخدمات المشروبات الساخنة والموسيقى الهادئة ، وهي أجواء مريحة جدا للدراسة فضلا عن سماحها للطلبة بالتدخين بحرية والتحدث بالهاتف الجوال وهذان الاخيران ممنوعان في مكتبات الجامعه .وتقضي كاثي ما بين 6-7 ساعات يوميا في تلك المقاهي للدراسة في أيام الامتحانات .
وتفضل الطالبة صبا (طالبة صحافة واعلام) كثيراً الذهاب إلى تلك المقاهي، معللة ذلك بافتقارها إلى وسائل الراحة والهدوء في السكن الذي تتشاركه مع أقرانها، وتجد أنه لا ضرر من لجوئها لتلك المقاهي التي كثيراً ما توفر وسائل الراحة للطلبة. ولكنها تعترف بان ارتيادها لتلك المقاهي بغرض الدراسة فقط للمواد الدراسية السهلة والتي لا تتطلب تركيزا كبيرا ، وهي أيضا تعترف بانها لم تجرب قط الدراسة في مكتبة الجامعه الرئيسية ، خاصة وان الاغلبية من الطلبة يرتادون المقاهي للدراسة فهي لم تعد ظاهرة غريبة او مستهجنة.
أما علي خير الله (طالب جامعي) قال إنه ينهي فروضه مع زملائه في كوفي شوب خاص متعارف عليه بين زملائه ، وحيث انه ايضا مكان لالتقاء الطلبة باساتذة الجامعه ، وسبب تفضيل علي للدراسة في نفس المكان هو انه يقدم لهم الخدمات الراقية وتزويد الطلبة باماكن مخصصة للدراسة مع الانترنيت اللاسلكي المجاني بحيث يستطيع البحث في الانترنيت بدلا من البحث ما بين رفوف المكتبات المملة . اما من ناحية الجدية في الدراسة فهو يشدد على ان الطالب المجتهد الذي يريد الدراسة والتركيز فلا يهمه المكان . ويفضل علي ارتياد تلك المقاهي في حال قرر واصدقاءه الدراسة الجماعية ، فمن الصعب التجمع في المنزل حفاظا على خصوصيته وايضا من المستحيل ان يقوموا بالدراسة الجماعية ذاتها في المكتبة التابعه للجامعه خاصة ان كان هناك مشاريع جماعية مع طلاب الدفعه فتلك المقاهي هي الافضل لانجاز تلك المشاريع .
وتقول ريما الجنيدي ، وهي مديرة لمطعم وكوفي شوب يرتاده الكثير من طلبة الجامعه في عمان : من خلال مشاهداتي هنا داخل الكوفي شوب ، اجد ان بعض طلاب الجامعات يأتوا هنا للدراسة الجادة ,يمكثوا ساعات طويلة في الدراسة والبحث الجاد ، واحيانا اجد بعض الطلبة عينهم على الكتاب تارة وعلى الزبائن تارة أخرى ، وهناك من يقضي ساعات طويلة جدا وبشكل شبه يومي حتى ان بعض الطاولات صارت تعرف باسمهم.
ويمكن ارجاع اسباب عزوف الطلبة عن الدراسة في المنازل اوالمكتبات كما تقول ريما الى ان عدم توافر الهدوء والأجواء المناسبة في بيوتهم يدفعهم للدراسة خارج المنزل، إضافة إلى مجاراة بعض الطلبة لبعضهم وتقليد بعضهم البعض .
وتعلق ايضا ريما على ان المقاهي تتميز بوجود عدد من المغريات التي تدفع العديد منهم للذهاب لها سواءً التدفئة في الشتاء أو المكيفات في الصيف، ونوعية الخدمات المقدمة، الموسيقى الهادئة التي نحرص علليها لتوفير الاجواء المناسبة للدراسة ، خاصةً للطلبة الذين يهوون الدراسة في أجواء مريحة بعيدة عن الإزعاج ، وحين يطلب الطالب فترة الاستراحة من دراسته فسرعان ما نقدم له خيارات متنوعه من قائمة الطعام ، ومن ثم يعاود الى الدراسة من جديد . وعن سؤالها ان كان هناك تحرشا من قبل الطلبة الشباب بالشابات ظن فتضحك ريما قائلة: " احيانا ان دخلت فتاة جميلة فسرعان ما يلقي الطلاب بكتبهم جانبا ويأخذون قسطا من الراحة."
التعليقات (0)