إن الانبعاثات الكربونية تؤثر على الاقتصاد بطريقين اثنين: الأول هو كمية الطاقة اللازمة لإنتاج مايعادل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي(GDP), بينما الثاني هو كمية الانبعاثات الكربونية الناتجة عن استهلاك وحدة طاقة واحدة حيث من المؤكد أن الكربون يتصدرها يليه النفط يليه الغاز بينما نسبة الانبعاثات فيما يتعلق بمصادر الطاقة البديلة تقترب من الصفر.الفحم في الصين مسؤول عن 80% من الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها بينما تبلغ تلك النسبة 50% في الولايات المتحدة وبالتأكيد أقل من ذلك في دول الإتحاد الأوروبي. كما أن كل دولار مساهمة في الناتج الإجمالي المحلي في الصين تستهلك أربعة أضعاف الطاقة مقارنة بالولايات المتحدة. استهلاك الفحم في الصين يؤدي إلى زيادة الانبعاثات الكربونية بمقدار الثلث لكل وحدة طاقة. دول مثل الصين والهند يجب أن تكون مهتمة بمشكلتي الاحتباس الحراري والتغير المناخي حيث أنها تعاني من تبعات المشكلتين خصوصا نقص المياه الصالحة للشرب كما أن هناك أخبارا تشير إلى إختفاء أنهار جبال الهيملايا الثلجية بحلول سنة 2035.
في الولايات المتحدة والتي على الرغم من عدم توقيعها على اتفاقية كيوتو لمكافحة التغير المناخي إلا أن هناك اتجاها عاما بعدم بتقليل الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري خصوصا الفحم على الرغم من توفر كميات ضخمة في مختلف الولايات الأمريكية. في ولاية تكساس والتي تعد مركزا رئيسيا لصناعة النفط فقد تم إلغاء عدد من الطلبات لبناء محطات كهربائية تعتمد على الفحم وبلغ مجموع الطلبات التي تم إلغائها لبناء محطات مماثلة بين عامي 2006-2009 إجمالي 83 طلبا. كما أن تطور تكنولوجيا مايعرف بإسم(Fracking) والتي على الرغم من أضرارها البيئية فإنها أدت زيادة في كميات الغاز الذي يتم استخراجه مصاحبا للنفط أدت بالتالي إلى زيادة إستهلاك الغاز في محطات توليد الطاقة الكهربائية وتخفيض الانبعاثات الكربونية. في بريطانيا لم يتم بناء محطات توليد طاقة كهربائية تعمل بالفحم منذ سنة 1986 وفي كندا فإنه هناك ثلاثة محطات في ولاية أونتاريو تعمل بالفحم سوف يتم تحويلها للعمل بالوقود الحيوي.
الانبعاثات الكربونية الناتجة عن استهلاك النفط في الدول النامية قد زادت بنسبة 50% منذ سنة 2000 كما أن الدول النامية قد ساهمت بما نسبته 90% من الزيادة في تلك الانبعاثات على مستوى العالم. كما أن زيادة استهلاك الفحم بسبب إنخفاض ثمنه مقارنة بالنفط قد أدى إلى إزدياد حجم المشكلة لأن الكربون يؤدي إلى ضعف الإنبعاثات الكربونية لكل وحدة طاقة مقارنة بالغاز و 20% مقارنة بالنفط. إرتفاع أسعار النفط سوف تؤدي إلى الاتجاه نحو الاعتماد على الفحم الذي يصنف أنه أرخص من النفط بل وحتى أرخص من الغاز مما يجعله مغريا كمصدر رخيص لتوليد الطاقة. من المتوقع زيادة استهلاك الفحم في الفترة 2005-2030 حيث سوف يكون نصيب الصين والهند من تلك الزيادة 80% على الأقل. فمنذ سنة 2000 ازداد حجم مساهمة الصين في الانبعاثات الكربونية إلى الضعف. وفي سنة 2006 فإن الصين قد تجاوزت بما نسبته 10% بالزيادة عن الولايات المتحدة فيما يتعلق بحجم الانبعاثات الكربونية.
إن نصيب الفرد في الصين أو الهند من مجمل الإنبعاثات الكربونية مقارنة بالدول المتطورة حيث يقل كثيرا وتفسير ذلك له علاقة بعدد السكان في كلا البلدين. ولكن في الوقت نفسه فقد لا يسمح الوقت بالوصول الى نصيب متساوي من الانبعاثات الكربونية لأن ذلك يعني أن حجم المشكلة وصل لمستوى كارثي لا يمكن بعده من التعامل معها. الحكومة الصينية أدركت ذلك وبدأت بالفعل إتخاذ جهود لها علاقة بمعايير السلامة البيئية وتخفيض نسبة الانبعاثات الكربونية حيث يتم إلزام المنشآت الجديدة بمستوى مرتفع من معايير السلامة البيئية وخصوصا كيفية التخلص من مخلفات التصنيع وفي الوقت نفسه التعامل مع المنشآت القائمة وفق جدول زمني صارم وحتى في تصميم مباني صديقة للبيئة في المدن وزيادة نسبة المساحات الخضراء.
هناك الكثير من العوامل التي ساهمت في تخفيض الانبعاثات الكربونية في الكثير من الدول الأوروبية التي توصف بأنها متقدمة(Developed Countries) ولعل أهمها قد يكون إرتفاع أسعار النفط من 20 دولار للبرميل إلى 70 دولار للبرميل سنة 2007 ووصل سعر البرميل في الفترة التي تلت الأزمة المالية 2007\2008 إلى 140 دولار للبرميل تقريبا. العامل الثاني يتعلق بزيادة إستهلاك الغاز والذي يعني تخفيض الإنبعاثات الكربونية إلى النصف تقريبا. العامل الثالث هو الطاقة النووية التي وعلى الرغم من التراجع في الإعتماد عليها إثر كارثة مفاعل فوكوشيما فإنها بقيت الخيار الوحيد تقريبا في حال الرغبة في تخفيض الإنبعاثات الكربونية بنسبة مؤثرة حيث أن فرنسا تعتمد عليها بنسبة 75% من الطاقة الكهربائية التي تستهلكها. كما أن دولا كألمانيا أو الدانمارك تعد رائدة في مشاريع الطاقة البديلة. وعلى الرغم من استحالة استبدال مصادر الطاقة الأحفورية بالطاقة البديلة بنسبة 100% ولكن بعض الدول قد نجحت في الوصول لنسب مؤثرة خصوصا تصدير تكنولوجيا الطاقة البديلة التي تشكل نسبة لا بأس بها من الناتج المحلي الإجمالي(GDP).
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
https://science-culture-knowledge.blogspot.com/2019/05/blog-post_31.html
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
التعليقات (0)