مواضيع اليوم

طيار تكساس ليس أرهابيا رغم أنوفنا

زين الدين الكعبي

2010-02-20 19:20:05

0

 

 ذكرت محطة "سي ان ان" الاخبارية ان مهندس البرمجيات جوزف اندرو ستاك وعمره 53 عاما واللذي صدم عمدا الخميس طائرته الصغيرة بمبنى يضم مكتب هيئة ضريبة الدخل في تكساس (جنوب الولايات المتحدة) بعدما احرق منزله ، في هجوم اوقع قتيلين و13 جريحا ، قد ترك رسالة ألكترونية يبن فيها بأنه فعل فعلته  لأنه "أراد أن يلقن المسؤولين عن الضرائب درسا." وأضاف أندرو في رسالته "بأن ((العنف)) ليس ردا فحسب وأنما هو الرد الوحيد" .

ومن خلال متابعة هذا الموضوع في الكثير من المواقع الصحفية العربية والغربية فأن هذا الأمريكي قد وصف في جميع أنواع الميديا وعلى أختلاف جنسياتها بأوصاف كثيرة وعديدة منها . الطيار الغاضب ، الطيار الأنتحاري ، الشخص الغريب الأطوار ، الشاذ . وكم آخر من النعوت المختلفة ليس بينها الأرهابي على الأطلاق .

أما الموقف الرسمي للحكومة الأمريكية من الحادث فيتلخص بأنه عملية أنتحار فردية قام بها شخص محبط ويائس . وقال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس ان مستشار الرئيس لشؤون مكافحة الارهاب اطلع باراك اوباما على الوضع . واوضح ان الحادث لا يدل على انه ارهابي وان وزارة الامن الداخلي ستجري تحقيقا.

أذا ما نظرنا الى تعريف  الاتحاد الأوروبي للإرهاب ، فأنه يعرفه بعمل عدواني متعمد يقوم به أفراد أو مجاميع ويكون موجه ضد دولة أو أكثر من دولة لغرض ممارسة الضغط على الحكومات بأن تغير سياساتها الدولية والداخلية والاقتصادية .

أما تعريف  الولايات المتحدة للأرهاب فهو . أي عملية عنف تشكل خطرا على حياة الإنسان والتي تنافي القوانين الجنائية للولايات المتحدة أو أية ولاية من الولايات الأمريكية ، وحدثت إما داخل حدود الولايات المتحدة أو خارجها مستهدفة لمصالح أمريكية . ويكون غرض العملية أثارة الرعب في المدنيين والتأثير على الحكومة لتغيير سياستها .

وأذا عدنا الى الرسالة الألكترونية اللتي تركها طيار تكساس على الأنترنت ، فسنجد أن كلا التعريفين ينطبق تماما على عمل هذا الطيار ، وعلى الأسباب اللتي ساقها هذا الأرهابي لتبرير فعلته في هذه الرسالة  .

يقول ستوك في رسالته بأنه "أراد أن يلقن المسؤولين عن الضرائب درسا" ، وذلك عبر ((العنف)) ، اللذي هو ليس ردا فحسب وأنما هو الرد الوحيد على السياسة الأقتصادية الأمريكية بحسب ستوك ؟! .

أي أنه عمل عدواني متعمد قام به فرد هو جوزف ستوك  ضد حكومة الولايات المتحدة من أجل الضغط عليها لتغير سياساتها الاقتصادية الضريبية . وهذا الأرهابي لم يرى ألا العنف سبيلا لتحريك الشارع الأمريكي ، ولأيصال رسالته الى الرأي العام في هذا البلد .

وقد نجم عن هذا الفعل جريمة قتل عمد لشخصين مدنيين بريئين أحدهما أب لستة أشخاص . كما أقترنت جريمته بتحطيم وأحراق متعمد لمباني حكومية . أي عملية عنف تشكل خطرا على حياة الأنسان منافية للقوانين الأمريكية ، مستهدفة مصلحة أمريكية عامة ، وبصورة تثير الرعب في نفوس المدنيين ، في محاولة لأجبار الحكومة على تغيير سياستها الأقتصادية الضريبية .

ألا أن كل هذا التطابق التام لجريمة جوزيف ستوك مع تعريفات الأرهاب المختلفة لم تكفي في نظر الأعلام العالمي لنعته بالأرهابي . اما لماذا فالسبب واضح لكل ذي علم بسيط بأمور السياسة وألاعيبها .

ترى ماذا كان سيكون وصف الميديا الأمريكية والغربية والعالمية لمرتكب هذه الجريمة لو أن أسمه كان أحمد أو محمد ؟ . بالتأكيد كان الوضع سيكون مختلفا كأختلاف السماء عن الأرض ، وحتى لوكان هذا الأحمد أو المحمد قد قام بعمل أقل شأنا بكثير من جريمة الأرهاب اللتي قام بها جوزف ستوك .

عملية تنميط صورة المسلم ووضعه في قالب الأرهابي مهما كانت جنايته بسيطة وعادية ، وحتى لو كان هذا المسلم أمريكيا أو بريطانيا أوفرنسيا أبا عن جدا قائمة على قدم وساق ، ليس فقط منذ أحداث سبتمبر 2001 بل ومنذ أنهيار الأتحاد السوفيتي وبحث الغرب عن عدو جديد لديمومة آلته العسكرية والصناعة المرتبطة بها . وبالتالي أستمرار النمو الأقتصادي اللذي يعتبر الأنفاق والتفوق العسكري أحد أهم دعائمه . بل أنه العنصر الأهم على الأطلاق .

ناهيك عن محاولات التشويه المتعمد للأسلام وحضارته في أطار الصراع الحضاري المستمر منذ قرون بين الحضارتين الأسلامية والغربية بشقيها المسيحي والعلماني .

هذه الشواهد الواضحة تفسر جليا لماذا لم يطلق لفظ الأرهابي على الجريمة الأرهابية اللتي قام بها ستوك واللتي لا تختلف بأي حال من الأحوال عن جرائم مرتكبي أحداث سبتمبر ، كما لم يطلق هذا اللفظ من قبل على تيموثي مكباي الأرهابي اليميني الأمريكي المتطرف اللذي فجر المبنى الفيدرالي في مدينة أكلاهوما ستي ، بالرغم من قتله لمئة وثمانية وستين نفسا مدنية بريئة وجرحه للألآف ، وأصرار وسائل الأعلام العالمية على تسميته "بمفجر أوكلاهوما" بدلا من أرهابي أوكلاهوما .

ومن الحقائق الأخرى اللتي أفرزتها حادثة الأرهاب الأخيرة في تكساس هي أستمرار تبعية الأعلام العربي المستمرة للأعلام الغربي . فكل ما يسميه الغرب أرهابا فهو أرهاب عند جميع وسائل الأعلام العربية .

أما أذا وصف الأعلام الغربي هذا العمل الأرهابي أو ذاك بالعمل الفردي أو العمل الجنائي أو أي تسمية أخرى غير الأرهاب فسنجد الأعلام العربي يتلقف هذه التسمية بلهفة وغباء ليرددها بدون أي محاولة لوصف الخبر بطريقة مهنية وقانونية صحيحة ، بعيدا عن التعتيم والأرهاب الأعلامي الغربي على شعوبنا ومؤسساتنا الأعلامية العربية .  

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات