مواضيع اليوم

طوبى لدير شبيغل..

جمال الهنداوي

2011-07-06 11:47:17

0

 لو استثنينا هواؤه العليل ووجوه اهله الباسمة..فسيكون اجمل ما في لبنان..واكثر ما يميزه عن سواه من البلدان ..هو كونه من اكثر اراضي الله الواسعة التي يسهل قراءته ولا يصعب توقع النتائج المنتظرة من اي فعل او رد له يقع في حدود ارضه الطيبة..فكما الطقس واتجاه الرياح..وكما نتائج برامج تلفزيون الواقع الذي يجيدها اللبنانيون اكثر من غيرهم ..وكما مباريات كرة القدم المتفق عليها..لا مفاجآت ولا نتائج دراماتيكية..فكل شئ محسوب ومتوقع..و في السياسة..يمكنك ان تتوقع الازمات في لبنان قبل حدوثها بكثير وكذلك الحلول..ويكفيك مرور سريع على عناوين الصحف لكي تستبق ما سوف ينطق به هذا المسؤول او ذاك وما سوف يتخذه من اتفاق او ممانعة او الاكتفاء بالتسالم على تل الانتظار والترقب..

لم يكن القرار الاتهامي حول جريمة اغتيال الرئيس الحريري مفاجئا لاحد..ولم يشكل صدمة لاي من اطراف القضية المفتوحة كجرح غائر في جسد السياسة اللبنانية والاقليمية منذ اعوام بعد ان تلقمته القوى الفاعلة على الارض اللبنانية كجرعات صغيرة وتسريبات اعلامية ساعدت على ازدراده من قبل جميع الاطراف حتى من كان يفترض ان يغص به..

ولم يكن مستغربا كل هذا التواتر في المواقف والتصريحات التي تدافعت من افواه ومنابر جميع القوى السياسية ولكنها –كما هو متوقع-لم تتعدى ما رسم لها سابقا من خطوط ودوائر حددتها التوقعات المبنية على ما لا يمكن الفكاك منه من توازنات اللحظة والواقع والتاريخ ولم تتجاوزها الا ارضاءً للتصعيد الاقرب للولولة الذي ابدته القوى الاقليمية المهتمة حد الهوس بالشأن اللبناني والمأزومة برهاب المواجهة المفتوحة امتداد الصحراء الموحشة والعناد القديم لذهان الكتب المغبرة ..

ثلاثمائة عام ليست كافية لكي تصل المحكمة الى المتهمين..يقول السيد حسن نصر الله بقوة وثبات ..ولكنه لا يصل بالامر حد الجهر بالرفض البواح لتسليمهم الى الجهات القضائية مقاوما بذكاء الرغبة في اطلاق الشعارات النارية التي قد ترتب عليه وحزبه تبعات مجانية على الهواء قد يصعب التملص منها في مستقبل قريب لم تتحدد ملامحه بعد.. وهذا ما قد يحيل النصر المنتظر والمشتهى والمؤمل الذي احرزته قوى الثامن من آذار ومن تبعهم باحسان من دول الاقليم الى الانحصار ضمن عناوين الصحف ونشرات الاخبار..

وهذا المستقبل المشوش وهذا الامل المنتظر قد يكون هو السبب الذي حدا بسماحة السيد الى تجنب الهجوم المباشر على القوى المنادية باولية المحكمة الدولية وهو ما ادى في المقابل –وربما لنفس الاسباب-الى الخطاب الهادئ والمسؤول والحذر الذي ابدته قوى الثامن من آذار-الا بعض الراسخون في الارتباط -والدعوة الى الابتعاد عن التشنج والانفعال والذي تجلى في التثقيف القاعدي تجاه التفريق بين العناصر المطلوبة وبين حزب الله تفاديا لنزاع وفتن طائفية قد تكون منتظرة ومخطط لها من قبل بعض الاطراف مع التمسك التقليدي بتنفيذ القرار ووضع الحكومة امام مسؤولياتها..

وهذه العقلانية قد نستطيع تلمسها في التمنع الاقرب الى الرفض من جميع القوى السياسية تجاه تناول الاحداث المقبلة والسيناريوهات التي قد تعقب مرحلة الثلاثون يوما الثقيلة وفي الرغبة في التهدئة التي تبديها مختلف الاطراف والتي ادت الى موجة من التصريحات الاقرب الى التبرم من قبل القوى الاقليمية الوالغة في الشأن الداخلي اللبناني..

طوبى لدير شبيغل وتسريباتها التي تقاطرت خفافا وتتابعا وكفت اللبنانيين شر المفاجآت وما تحملها من ردود افعال قد تكسر القواعد التي اعتادت عليها السياسة الداخلية..ورحم الله الشعب السوري البطل الذي استطاع بثورته العارمة دفع الزعماء الى التفكير المطول بمغبة المضي بالصراعات الداخلية الى منزلقات غير مأمونة الجانب او المسار او المغامرة بالولوج الاعمى المنتفخ في دوامية التدويل المتعجل والمخاطرة بالتخلخل المتوقع لحالة التوازن المحكوم بشبكة العلاقات التي قد تعصف بها المتغيرات الاقليمية التي تضرب باطناب المنطقة في اي وقت..

لن تكون الامور ما قبل القرار الاتهامي كما بعده..ولن يكون لبنان بعد ان تنقشع الاحداث عن مستقراتها كما كان من قبل..ولكن قد تكون صعوبة اللحظة وتاريخيتها ومفصلية الظروف الاقليمية والدولية المحيطة والمتداخلة معها هي التي ستطلق العنقاء اللبناني من رماد الارتباطات والتبعية للخارج التي انهكت المشهد السياسي واضرت بالنسيج المجتمعي واساءت لمقدسات العيش اللبناني المشترك..وقد تكون هذه المعطيات الزاعقة هي من ستستدعي الحكمة والصبر والحنكة التي عرف بها البلد الذي كان ولم يزل منارا للحضارة والتمدن والتنوير العربي وتدفع به بعيدا عن ما يخططه له البعض من تشظية وتقزيم والغاء..وهذا ايضا هو ما نتوقعه من لبنان..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !