أعترض الكثير من المسلمين (وأنا منهم) على رئيس الوزراء الفرنسي اللذي هاجم النقاب بشدة , وعلى محاولات فرنسية وأوربية بفرض قوانين تمنع أرتدائه . وكان سبب أعتراضنا هو أن أوربا تخالف مبادئها العلمانية اللتي ألزمت بها نفسها . فالحريات الشخصية في كل شئ هي أمر مقدس بالنسبة لهذه المباديء . ومن هذه الحريات حرية الملبس . صحيح أن أجبار المرأة على أرتداء النقاب يعتبر مخالفة صريحة لمباديء الحرية الشخصية العلمانية , ألا أن التنقب الطوعي للمرأة يعتبر من صميم الحرية الشخصية , تماما كحرية المرأة اللتي تلبس ملابس أقرب منها الى الملابس الداخلية منها الى الملابس الأعتيادية , واللتي حاربت أوربا من أجل أن ترتديها نسائها .
ليس مخالفة الأوربيين لمبادئهم العلمانية بحد ذاته هو ما أثار حفيظتنا . فهذه دولهم وقوانينهم يفعلون بها ما يشائون . ألا أن أستهداف فئة معينة أو مجموعة دينية معينة بهذا التدخل دونا عن باقي المجتمع هو ما يدعونا الى الأعتراض . ومبدأ أعتراضنا هنا هو القاعدة اللتي تقول بأني ألزمك بما ألزمت به نفسك .
قد تكون أعتراضات أوربا على النقاب مفهومة ضمن الصراع الحضاري بين الغرب والأسلام . ألا أن ما أثار دهشتي هو خبر "أجبار شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي إحدى الطالبات المنتقبات في الصف الإعدادي الثاني، على خلع نقابها، لاعتباره "مجرد عادة لا عبادة"، مؤكداً نيته إصدار قرار رسمي بمنع دخول المنقبات إلى المعاهد الأزهرية" .
وقعت الحادثة خلال جولة تفقدية لطنطاوي للاطلاع على استعدادات المعاهد الأزهرية لمواجهة انتشار فيروس انفلونزا الخنازير .
ففي معهد فتيات أحمد الليبي بمدينة نصر، فوجئ طنطاوي بطالبة في الصف الثاني الاعدادي ترتدي النقاب داخل الفصل، ما أدى إلى انفعاله بشدة، وطالبها بضرورة خلعه قائلاً "النقاب مجرد عادة لا علاقة له بالدين الإسلامي من قريب أو بعيد، وبعدين إنت قاعدة مع زميلاتك البنات في الفصل لابسة النقاب ليه؟"، بحسب ما نقلت صحيفة "المصري اليوم"، الاثنين 5-10-2009. ولم تجد الطالبة أمامها وسيلة أخرى في مواجهة إصرار شيخ الأزهر على خلع النقاب سوى تنفيذ الأمر بخلعه وكشف وجهها، فعلّق طنطاوي قائلاً: "لما إنت كده أمال لو كنت جميلة شوية كنت عملتي إيه؟".
وردت إحدى المدرسات بالمعهد قائلة إن الطالبة تخلع نقابها داخل المعهد لأن كل المتواجدات فيه فتيات، "ولم تقم بارتدائه إلا حينما وجدت فضيلتك والوفد المرافق تدخلون الفصل".
لكن شيخ الأزهر طلب من الفتاة عدم ارتداء النقاب مرة أخرى طوال حياتها، فقالت إنها تقوم بارتدائه حتى لا يراها أحد، فرد طنطاوى منفعلاً: "قلت لك إن النقاب لا علاقة له بالإسلام وهو مجرد عادة، وأنا أفهم في الدين أكتر منك ومن اللي خلفوكي".
على الفور، أعلن طنطاوي عزمه إصدار قرار رسمي بمنع ارتداء النقاب داخل المعاهد الأزهرية، ومنع دخول أي طالبة أو مدرسة المعهد مرتدية "النقاب وشملت جولة طنطاوي التفقدية أيضاً مجمع معاهد مدينة نصر، وفتيات المنطقة السادسة. وشدد خلال جولته على ضرورة لصق الإرشادات الخاصة بمواجهة فيروس الانفلونزا في الأماكن الظاهرة بالمعاهد الأزهرية، والاهتمام بغرف الرعاية الصحية والنظافة الدائمة في الفصول الدراسية ودورات المياه، مع التأكيد على عدم تجاوز الكثافة المسموح بها داخل الفصول".
الحقيقة أنتابتني حالة من الضحك وأنا أقرأ الخبر , ليس بسبب غرابته , وأنما بسبب الأسلوب الفض لشيخ الأزهر في دعوة الفتات الى التخلي عن النقاب . واللذي يربأ عن أتباعه رجل شرطة في الشارع . وهذا اسلوب ليس غريبا على طنطاوي , فلا زلت أذكر سبه للصحفي اللذي سأله عن صحة أفتائه بخلع الحجاب بكلمة (( يا ابن الكلب )) .
بالرغم من أني مع لبس المرأة للحجاب بنسبة مئة بالمئة . ومع أصدار قوانين ملزمة بذلك في الدول المسلمة أعتمادا على تشريعات القرآن . ألا أني ضد النقاب أيضا بنسبة مئة بالمئة . لأني أراه معيقا حقيقيا لحركة المرأة . ولا أعرف نساء ترتدي النقاب من عائلتي الكبيرة أو من عشيرتي الأقربين . مع أن ما لايقل عن 80 بالمئة منهن محجبات . وسبب أعتراضي على النقاب المعيق مبني على الرأي اللذي ذكره طنطاوي للفتاة . وأعني أن النقاب ليس مفروض شرعا . بل هو تطوع . أي ان تركه لا يعتبر مخالفة لأمر شرعي موجب للعقاب الألهي . تماما كالألتزام بالصلاة المكتوبة وترك الصلواة المستحبة والنوافل . أذا فما الداعي للتنقب ؟ .
(( جاء اعرابي الى مسجد الرسول وسأل من محمد فاجابه الصحابة انه ذلك المتضجع هناك بين رفاقه . وما ان وصل الي الحبيب حتى قال له يا محمد اني سائلك ومشدد عليك . فأنتصب الرسول جالسا وبدأ يسمع . فقال الاعرابي من الذي رفع السماء , فأجابه الرسول الله . فقال الاعرابي من الذي بسط الارض , فأجابه الرسول الله . فقال الاعرابي من الذي نصب الجبال , فأجابه الرسول الله . فقال الاعرابي اسألك بالذي رفع السماء وبسط الارض ونصب الجبال . االله بعثك الينا بالحق رسولا , فأجابه الرسول اللهم نعم . فقال الاعرابي وفرض علينا خمس صلوات وحج البيت وصوم رمضان والزكاة . فقال الرسول اللهم نعم , فقال الاعرابي يامحمد واللذي بعثك بالحق . لن اصلي الا الخمس صلوات ولن اصوم الا رمضان ولن احج الا مرة واحدة ولن ازكي الا بما يتسع لي . وترك الاعرابي المسجد وخرج , فنظر اليه المصطفى وقال لرفاقه . ان صدق دخل الجنة )) .
لست أدعو الى ترك المستحبات هنا بالطبع , فمن منا يضمن صحة صلاته وصومه وباقي عباداته اللتي نجتهد لأكمالها بالتطوعات والمستحبات . ولنفس الأسباب لا يجب أن نهاجم المرأة اللتي تريد التنقب تطوعا . فهذه حرية شخصية لاتخالف الشرع ولا القانون . ألا أننا لا بد أن نعترض على طريقة شيخ الأزهر في أيصال الفكرة الى الناس .
نعم أوافقك يا سيادة الشيخ في أن النقاب ليس فرضا شرعيا . ونحن نطالب بأصدار قوانين تمنع أي أحد من فرض النقاب على المرأة اللتي لا ترغب بالتنقب أعتمادا على الشريعة . ألا أن أجبار النساء المتطوعات بأرادتهن على خلع النقاب يجعلك وساركوزي في خندق واحد . كما أن الدعوة لعدم التنقب تكون بالحكمة والموعظة الحسنة . لا بالتهكم على شكل البنت ووجهها .
ألا تعرف ياشيخ بأن هذه هي خلقة الله , والتهكم عليها حرام ؟ . كما أن التهكم على شكل البشر وعيوبهم الخلقية ليس من الأنسانية ولا من الأدب ولا من الأخلاق في شيء . ولن أتكلم عن عبارة "اللي خلفوك" بشيء . فالعبارة تدين نفسها بنفسها . فهل هذه هي أخلاق المسلم اللتي تذكرها كل يوم في خطبك . أم تراك نسيت أن الله جل جلاله ما بعث محمدا صلوات الله وسلامه عليه , ألا ليتم مكارم الأخلاق .
من اللذي يعظ من هنا ؟؟؟ .
http://www.alarabiya.net/articles/2009/10/05/87014.html
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=228178
التعليقات (0)