كان من الممكن أن نصدّق بأن المملكة المُتحدة ، مدفوعة بإنسانيتها حين هبّت لنصرة الشعب الليبي الذي إستغاث بعدما إستفاق بغتة ، ذات سابع عشر من فبراير الماضي ، بالملائكة وبالجان وحتى بالشياطين .. لتخليصه من مكبوتات ، وصمت ، وقهر، وأغلال ، أربعة عقود ماضية كاملة ، من ظلم وجبروت الطاغية المجنون !.. وكان من الممكن أن نتحدث عن الكرم الإنجليزي في سبيل الحق والحرية ، لذلك أُنفق مايزيد عن أربعمائة مليون دولار ، على قصف البنى التحتية الليبية .. لو أن بريطانيا إلتفتت إلى (شقيقها) اليوناني المُفلس ، ولو بنصف ذلك المبلغ ؟!..
أتراه الشعب الليبي ، أغلى لدى بريطانيا من الشعب اليوناني الذي تجمعهما أشياء كثيرة مشتركة غير الرقعة الجغرافية الأوروبية الواحدة ؟!.. لذلك رفضت ـ وبشدّة ـ العرض الإيطالي بوقف العمليات العسكرية على ليبيا ، حتى يتم تزويد المدنيين بالمٌساعدات الإنسانية ؟!..
هل يمكن أن يكون إنقاذ ليبيا العربية ، البربرية ، الهمجية ، الإرهابية ، أولى لدى بريطانيا وباقي حلفاءها الأوربيين .. من إنقاذ اليونان الشقيق من محنته التي تهدد أوروبا برمّتها ؟!..
هل يمكن أن تكون دماء الليبي أغلى من دماء اليوناني ؟!..
الحقيقة أن العقلية البراغماتية ، هي ما يدفع الغرب للوقوف إلى جانب الشعب الليبي الواقف على ثروات لاتعد ولا تحصى ، تستطيع تعويض تلك الخسائر وزيادة !.. وهي ما يدفعهم إلى التنكر للشعب اليوناني المُفلس والمُنكسر رغم أنه الأقرب ؟!..
هي ليست إنسانية إذن ، ولا إنتصارا للحق ، ذلك الإصرار العجيب لدى الغرب على مساعدة الشعب الليبي .. بل هو الطمع في نيل مكافآت سخية بعد هدم مساجد ليبيا ، ومدارسها ، ومستشفياتها !..
والطمّاع في عرفنا وفي بعض أمثالنا الشعبية يبيت ساري .. أي يخرج صفر اليدين بعد تعب مُضني !.. وسيناريو الحرب في ليبيا يؤشر لخيبة أمل كبيرة مُقبلة !.
وأتساءل عمّا سيحدث للمساكين الليبيين بعد خيبة أمل ورحيل الطماعين الأوروبيين عن أجواء ليبيا ، وبقاء نظام الطاغية القذافي دون رحيل ؟!..
23 . 06 . 2011
التعليقات (0)