طقوس شتاء قارس
للشتاء طقوسُ مميزة فكل مجتمع لديه طقوس يمارسها في ذلك الموسم السنوي ونحنُ كمجتمع سعودي لدينا ثقافة قد تشترك مع ثقافات أخرى، فشبة النار واقداح الزنجبيل والسمر يرافقنا طوال ذلك الموسم!
يختلف الطقس من منطقة لأخرى فسهول تهامة ملاذُ الباحثين عن الدفء والصحاري قبلة عُشاق المخيمات والسهر، ومع كل ذلك فهناك من يقضي ذلك الشتاء وهو يصارع قسوته إما باحثاً عن رزق أو متألماً من قسوته فضيق الحال جعل طقوس الشتاء ضرباً من المُحال.
في كل موسمِ شتوي تُخبرنا الأرصاد الجوية بأن هذا الموسم هو الأشد قسوه فالعالم الماضي كان قاسياً والذي قبله كان كذلك وموسمنا الآن قاسياً! للأرصاد حسابتهم الفلكية والطبيعة لكننا لا نرى أي قسوة مختلفة فالشتاء بطبيعته قاسياً جداً، الذي يميز موسمنا هذا هو تأخر هطول الغيث ولله في ذلك حكمه لا يعلمها إلا الله ومن فتحَ الله عليه.
بما أن السمر والسهر يحلو في الشتاء ويحضر الأدب الشفاهي في تلك المسامرات حضوراً خجولاً نظراً لطغيان التكنولوجيا الحديثة على الحياة ومظاهرها المختلفة فإن الشعراء القدامى والمعاصرين جعلوا من الشتاء أيقونة وتحفه أدبية لا نظير لها، وبما أن الجيل الجديد لا تهمه قصائد المتنبي وامرؤ القيس وعمر بن ربيعة والأصمعي والفرزدق وجرير الخ القائمة لأسباب متعددة بعضها مُضحك والأخر مُبكي فإن الشاعر الكبير نزار قباني الذي تعشقه الفتيات عشقاً جنونياً لأسباب لا علاقة لها بالمفردات الأدبية بل بالمتغيرات الفسيولوجية التي احدثتها مفردات ذلك الأديب بأجساد القارئات له، ولا ننسى أن ذلك الأديب الفسيولوجي قال عنه الوعاظ إنه ماجنُ وفي النارِ سيكون طاجن؟
يقول نزار قباني :
إذا أتى الشتاء..
وحركت رياحه ستائري
أحس يا صديقتي
بحاجة إلى البكاء
على ذراعي..
على دفاتري
وتقول أيضاً نازك الملائكة الشاعرة العراقية :
أمطري لا ترحمي طيفي في عمق الظلام
أمطري صبي علي السيل يا روح الغمام
لا تبالي أن تعيديني على الأرض حطام
وأحيليني إذا شئت جليدا أو رخام..
هذا أو هذه مقتطفات من تغني الشعراء بالشتاء، موسم العشاق والكلمة والمشاعر المتدفقه، سيبقى الشتاء وما يصحبه من بروده وأمطار وظواهر جوية مختلفة مصدراً للإلهام وباعثاً للفرح، نحنُ في بدايات الموسم الشتوي دعونا نغني ونقول (مطر..... مطر......) ونصدح بأنشودة المطر للعظيم بدر شاكر السياب..
التعليقات (0)