على كرسي طفولي صغير .. وأمامه منضدة ربما عليها بعض البسكويت وقلم رصاص وكراس تتفتح به بواكير الأحرف العربية .. وبأحد فصول مدرسة الشايع الابتدائية بالكويت.. حيث جاء وأسرته رفقة والده الذي يعمل مدرساً بجامعة الكويت وقف التلميذ المصري "باسم محمد فتحي" في الصف الخامس الابتدائي .. لم يتجاوز عمره العشر سنوات ..وسأل (المعلمة) بكل ما فيه من فضول الطفولة وبساطة البراءة .. لماذا لم تقم الثورة في الكويت ؟! كان هذا هو السؤال .. أما الجواب فكان في خطاب حملته يد الصغير بعد طرده من المدرسة ليسلمه إلى والده .. كان خطاب فصل التلميذ "باسم" من جميع مدارس التعليم الكويتي "قاطبة" حلوة قاطبة دي ..
صعق الأب .. ذهب في اليوم التالي إلى المدرسة ليسألهم لماذا فصلوا ابنه من التعليم "الكويتي" قالوا له لأنه يحرض على قيام الثورة في الكويت .. يحرض من يا جماعة الخير ؟! يحرض التلامذة بتوع الابتدائي طبعاً على الثورة .. ومش بعيد يكون زعيم لخلية إرهابية .. أو على اتصال بتنظيم القاعدة أو له علاقة بالراديكاليين من الجماعات الأصولية . لذا كان قرار السلطات الكويتية الحازم والحاسم والجازم والصارم بفصل التلميذ "باسم" من التعلم في جميع مدارس الكويت ..
منذ خمس سنوات في عام 2006 وفي شهر يونيو أيضاً " خللي بالك من يونيو" وفي مدرسة شربين الثانوية بنات بمحافظة الدقهلية بمصر .. وحينما قرأت التلميذة آلاء فرج مجاهد سؤال مادة التعبير الذي جاء به اكتب موضوعا إنشائيا عن " أهمية استصلاح الصحراء بالنسبة للاقتصاد المصري".. ولقد تصدت "التلميذة" لتلك القضية ووجهت أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأنها السبب في المشاكل الاقتصادية التي تمر بها مصر والعديد من الدول العربية وذلك لأنها تدعم الأنظمة الفاسدة ولا يهمها مصلحة الشعوب، بل كل ما يشغلها هو الحفاظ على مصالحها والبحث عمن يضمن لها النفوذ والكلمة العليا في مختلف العواصم العربية وعلى رأسها "مصر"..
وحينما قرأ مصحح اللغة العربية بكنترول المدرسة إجابة التلميذة "آلاء" ارتعدت فرائصه وتصعدت الأمور وانقلبت الدنيا على رأس التلميذة من المصحح إلى رئيس الكنترول إلى وكيل الوزارة إلى وزير التعليم إلى جهاز أمن الدولة والمخابرات كمان بالمرة..
في لحظات معدودات كانت التلميذة آلاء جالسة بجسدها العصفوري الصغير وسط كل هؤلاء ..وقعدوا يعصروا في "البنت" الصغيرة .. انتي تبع أي تنظيم ؟! ومين وراكي ؟!..ومين قدامك ؟! .. لغاية لما البنت أجهشت بالبكاء لأنها مش فاهمة حاجة من الأسئلة ومش فاهمة إيه الموضوع ومين الناس دول ..
وأخيراً صدر القرار من وزير التعليم شخصياً برسوب التلميذة ولاء ليس في مادة التعبير أو اللغة العربية فحسب بل في جميع المواد التي سبق أن امتحنت فيها ونجحت .. ودوت الفضيحة في أرجاء مصر ..وتطاير شررها إلى الصحف العالمية ولم يوقفها إلا تدخل مبارك وأمره بإعادة تصحيح أوراق إجابة التلميذة التي أكدت نجاحها وبتفوق في جميع المواد ..
كانت واقعة التلميذة المصرية"آلاء" إرهاصة احتاجت مصر معها خمس سنوات حتى تنتفض على هذه العقليات المريضة المرضية العفنة المتكلسة ليثور عليها الشعب المصري ..
فكم ستحتاج الكويت في واقعة التلميذ المصري "باسم" حتى تنتفض على هذه العقليات المريضة المرضية العفنة المتكلسة ليثور عليها الشعب الكويتي..
التعليقات (0)