مواضيع اليوم

طعنة قُبلَة

صابرين الصباغ

2010-08-25 10:40:57

0

ظلت روضتي بلا زهرة طفل يزرع بابتسامته ربيع عمري ..قطعت مسافات كبيرة لأصل إلى مدن الإنجاب في كل مرة يعطيني الطبيب حلماً أعيشه لأفيق على وهم كاذب .!
صرت حقل تجارب تجرعت الألم فاستسغته لأرتوي بقطرة من رضاب فم طفل .!
مرت علىَ الليالي الطوال ، وأنا أتحسس بطني ، أسالها متى يسكنك أروع ساكن .؟ متى أشعر به يضرب جدرانك بقوة .؟
يخرج فأضمه إلى صدري المشتاق للقائه .؟
بعد حروب طويلة خرجت منها مهزومة واهنة تقبلت قضاء الله.. لكني كنت أرى في عين كل طفل نهراً يروي ظمأ روحي .
يوماً ...
سمعت عن مشروع بوزارة الصحة للأمهات البديلة لأطفال فقدوا ذويهم مقابل راتب شهري .
هرعت إلى هناك وأمام مكتب الإخصائية الاجتماعية شعرت أن خفقاتي مسرعة تكاد تصطدم بكل جدران حرماني ومن يقترب منى يشم أبخرة أمومة تتصاعد من بوتقة لهفتي ..ويراني كنبتة ذابلة تنتظر قطرة طفل لتعود إليها نضارتها .!
جلست تتحدث عن المشروع والراتب غير عابئة بروحي التي تكر وتفر داخل أوعية جسدي راغبة راهبة .
- لا أريد الراتب الشهري.
- لا يمكن أن تتركيه لأنه أساس  العمل.. إن لم تكوني في حاجة له أشترى به ملابس له أو ادخريه إلى الطفل .
وافقت على كل حديثها على أن يكون المكان الذي سيعيش فيه الطفل صحياً وستزورنا في فترات محددة للإطمئنان على الطفل.
كنت أختصر حروف الموافقة بإيماءة من رأسي ، عيناي تتوسلان إليها أن تنهى تلك الحوارات القاتلة ، تسلمني الطفل .
وقًَََعت على كل الأوراق التي رقت لحالي بعدما لامست يدي وقد أغرقها عرق شوقي .!
تدخل سيدة تحمل طفلاً صغيراً فرت روحي منى ، هفت إليه فتركت باقي جسدي ملقى على كرسيه ولم تعد إلا بعد تقبيله .!
- ها قد أحضرت الطفل متى أحضر آخذ طفلاً ثانياً.
- عندما أحتاجك سأرسل في طلبك.
هًمت لتقبله .
سأشتاق إليك يا بنى أقسم بالله إنك كنت مطيعاً لم أكِلُ منك أبداً ..لكن ستذهب كما ذهب إخوانك من قبل هذه هى الدنيا نتلاقى لنفترق.
انظر إليهما حائرة ما هذا الذي يحدث .؟ من تلك المرأة ، ما علاقتها بالطفل الذي معها .؟ هل هو ابنها .؟
أنظر إلى الطفل أرى عينيه زائغتين تناشدان المرأة ألا تتركه وترحل، بمنتهى القسوة أجدها تخلعه خلعاً منهاوتلقيه للإخصائية الاجتماعية غير عابئة بصراخه الذي كان كسكين حاد يشطر قلبي.
تفر منه وهي تمسح دمعتين كاذبتين على وجنتين لم تروهما يوماً دمعة حقيقية .
رأت الإخصائية دموعي هاطلة لتطفئ نار وجنتي .
خرجت مسرعة ليقطع خروجها حبل أسئلة تحيرني.!
استأذنتني لتحضر لي الطفل .. أسرعت بالطفل الباكي شعرت أن قلبي يتمزق عليه.
لا أدري كم من العمر مر ..لعلهاغابت تسعة أشهر .؟
ينفتح الباب لتبشرني بولادة طفلي .
نهضت عندما رأيت ملاكاً يستلقي على ذراعيها باحثاً عن وسادة حنان ..سلبته منها حتى أنها تعجبت .!
احتضنته بشدة أشعر أنى غطيته بجلدي ليذوب بين ضلوعي فصار صدري موطنه شممت رائحته وطبعت ملامحه على صفحات عيني .
هممت إلى الخروج , الهروب به لتفترسه أمومتي الجائعة فأنهال عليه بفيض من القُبل .
فإذا بالإخصائية تطعنني في ظهري بخنجر كلمات ادخرتها لقتلى .
- عفواً سيدتي سنأخذ منك الطفل وعمره عامان .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !