مواضيع اليوم

طريق اللاعودة

صفاء أبو صالح

2009-03-20 08:54:13

0









تووووت .. توووووت

بخار ٌ يتصاعد

و صوت قطار الرحمه

يعلن انطلاقة اخرى

الى مجهول ٍ آخر

اتقدم .. حاملا حقيبتي

قاطعا تذكرة الابتعاد عـــنك

عل ّ اخرى تحتظنني

علـّها تأوي همومي

وتـُنسينني وهمــا عشته

عل واقعـا ينسيني دجلها

كذبها وتدليسها !!







كطفل ٍ في اول يوم ٍ دراسي ..

بخطوات ٍ متقاربه ..

ادخل القطار بحذر ..

متفحصا بصمت وجوه الجالسين ..

احمل حقيبتي الى صدري

واوي الى ركن ٍ بعيد !!

حيث كان راكب ٌ واحد ..

يغط في سبات عميق !!

وبجانبه محرك اقراص ..

وقد نسيه يعمل !!

موسيقى هادئه وصوت ابو نوره وهو يقول ..

(
علمتها عن كل شيء

ورسمت روعتها بيدي

علمتها بكل الفنون

ونزعت ستار الخوف عنها والظنون
)







بدا لي وكأن الكلمات تعنيني ..

اكثر من هذا النائم !!

ادرت وجهي - متجاهلا - الى النافذه ..

علي اشبع عيني .. بنظرات اخيره لهذه المدينه ..

التي لطالما استنشقتها حتى امتلئت رئتاي منها ..

وطالما احببتها حتى نطق بها قلبي ..

وطالما هويتها بجنون ..

حتى سكنت هي في !!

وكنت لها الجبل الذي تستند عليه ..

والبحر الذي تسامره وتمازحه.. مدًا وجزرًا ..

والمدينه .. التي تسكن بها مدينه .. بحجم مدينتي/ طفلتي !!

مدينتي كانت طفلة اويتها بقلبي ..

و سكنت ُ فيها .. بين اوردتها وشرايينها ونبضات قلبها !!

وظننت ُ انها الاخرى سكنـَت في !!

كنت ُ مدينتك حبيبتي ..

وجعلت ُ من قلبي

ميناء ً لم يرسو فيه غيرك

ولم يعرفه غيرك

وانتي ..!!

كنتي المدينه التي آلمتني !!

وضاقت ..

ثم ضاقت ..

ثم ضاقت ..

حتى إختنقت !!

ادرت ُ وجهي عن النافذه..

بتنهيدة ٍ عميقه ..

خارجة ٌمن الاعماق التي سبق ان اسكنتك فيها !!

مرخيـًا رأسي على المقعد ..

ناظرًا للاعلى ..

والموسيقى الهادئه تتألم ايضا وهي تقول :

(
كانت أفراحك أنا ..

وكانت همومك أنا ..

وكان الهوى في دنيتك كله أنا !!
)






بدأ القطار رحلته ..

وأخذ بسرعه لم اتوقعها ..

يبتعد - عــنــك ـ شيئا فشيئـًا ..

وكأنه يسلب روحي ايضًا ..

شيئا .. فشيئـًا !!

بسرعة تتزايد ..

ليكون طريق اللاعوده هذه المره حقيقيـًا !!

وبمسار ٍ واحد ٍ فقط !!

حيث لا توجدين انتي !!

واخذت اتسائل :

كيف ستكون مدينتي بعدي ؟

هل ستبدو جميله كما رأيتها اول مره ؟

أم مؤلمه وظالمه كما كانت الاخيره ؟





قطعت المضيفه الافكار

وهي تقدم كوبـًا من القهوه التي إعتدت ُ شربها معك

التي اعتدت ان ارتشفها من بين يديك الصغيرتين

وانتي تحملين كوبي بهما سويا !!

هذه المره حبيبتي ..

لم تكن القهوه بذات الطعم الذي اعتدته !!

كانت مرًا وعلقمـًا !!

ليس لان حاملها غيرك ..

بل لانها حملت الطعم الحقيقي لها .. ولــك ِ انتي !!

لم اعد ابالي بما سأكون عليه ..

بل كيف ستكونين بعدي ؟

فأنا راحل الى مدينة ٍ اخرى ..

اكثر جمالاً .. اكثر سحرًا ..

والاهم انها أكثر صدقــًا !!

أغمضت ُ عيني ..

وجاري يستيقظ ُ على صوت ِ المضيفة

مغلقا محرك الاقراص ..

وملقيـًا علي السلام ..

وانا اتمتم بـ آخر ماتردد من جهازه ..

(
علمتها ..

علمتها ..

وما علمتني هي

إنها تعرف تخووون !!
)







 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !