مواضيع اليوم

طريق الانحدار .. ومصاعد النفس

بطبيعة النفس البشرية خاصية فريدة في عالم الكائنات الحية ، وهي خاصية الندم ، وتلك الخاصية ميزة ايجابية تعيد الانسان الى التوازن بعد كل انحراف ، او تغيير المسار ، من منا لم يراجع نفسه قبيل النوم ، من منا لم يحاسبها ، ما لها وما عليها ، يقيم ذاته ، ويقومها ، ربما يعاقبها او يجازيها خيرا ، بهذا تستقيم النفس ، وتتوازن مشاعر الانسان .

ربما يبادر الانسان بعد يوم حافل ولحظة ان يصفو ويعود الى ذاته ، الى الاعتذار لذاته عما بدر منه او ليقرر ان يعتذر عما سلف لاحد الخلق في مسيرة الحياة اليومية الصاخبة .. التي ربما تأخذ الانسان بعيدا عن ذاته وتذهب به الى ابعاد هو لا يرضاها ولا يقبلها ... ولكنه مشى فيها بدوافع الصحبة والصداقة ومجاراة الناس فيما يذهبون اليه ظنا منه ان ذلك يرضيهم .. ولو كان على حساب قناعاته ومعتقده وطريقة حياته .

ليس هذا فحسب بل نجد من يتنكر ليس لذاته بل لمجتمعه وناسه وبلده وموطنه وعقيدته ودينه وفكره ، ظنا من ان ذلك يقربه من الاخر زلفا ..وما يدري انه يسقط في عيونهم لانه لم يحفظ ودا لمن هم اكثر اولوية الى الود ، واولى به من غيرهم لاسباب كثيرة .. ( الاقربون اولى بالمعروف )  .. فنجدهم ينحدرون من اعالي ذواتهم الى حضيض الاخر .. يغير قاناعته ويمارس ما يمارسون من سلوك اقل ما يمكن ان يقال عنه انه بالنسبة لثقافته سلوك شاذ ..منافي للقيم والعادات والتقاليد ..

بل نجدهم في لحظات الهروب الى الاخر ..  والتغريد  خارج السرب .. يبررون لانفسهم ما يقومون به .. ربما يدللون على مصداقيتهم .. بقصص ونصوص .. وايمان ... ليستتقيم لهم الامر في دواخلهم وهم ادرى الناس بعمق الهاوية التي ينحدرون اليها . وسحيق النزول الذي ينزلون اليه .. فلو قدر لهم ان ينظروا الى انفسهم من دواخلهم نظرة الصادق القانع المؤمن الواثق.. لشاهدوا مسخا لا يمت لهم بصلة .. ولما تعرفوا على انفسهم ...

ربما تطول لحظة المراجعة والندم عند البعض ..وفي اطالتها فساد كبير ... وانحدار اكثر ... وقد تصبح طريق العودة اكثر صعوبة .. بل قد تاكل تلك الطريق المنحرفة .. هذه النفس فلا تبقي فيها ..ما فطرها الله تبارك وتعالى عليه .. ومن النفوس من هي اشد قسوة من الحجارة ... حتى ان الحجارة تلين .. وقلوبهم قد لا تلين ..

لكن ان جاءت لحظة الندم موافقة لوقفة معينة في طريق الانحدار ..وفي لحظة من الصفاء الذهني والعاطفي والروحي .. تفعل اللحظة فعلها ... تندم النفس .. وتخجل من نفسها امام ذاتها ... فتتم المراجعة والتقويم والتقييم ..وتنظر النفس الى الخلف ، فترى الدرب شائكة .. ملتوية .. صعبة ... منحرفة ... تعاود النظر الى الامام فترى الدرب كما وصفها الرب ... فتهون مصاعب الصعود على هوان وسهولة الانحدار ..

تلك هي النفس اللوامة التي اقسم الله تبارك وتعالى بها .. فلا اقسم بالنفس اللوامة ... لانها هي القادرة على ان تعرف مسيرتها وطريقها ...

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !