بقلم:محمد أبو علان
منطقة "البرج" 10 كم إلي الشرق من مدينة طوباس، المدخل لمنطقة الأغوار الشمالية، منطقة زراعية ورعوية هجر أهلها بفعل سياسية الاحتلال وإجراءاته التعسفية ضدهم، تسكن في محيطها عشرات العائلات التي تعتاش على الزراعة وتربية المواشي، عائلات تعيش هناك رغم أنف الاحتلال الإسرائيلي الذي يطوقها بالحواجز العسكرية ومعسكرات التدريب والمناطق العسكرية المغلقة لجيشه، والمستوطنات الزراعية الإسرائيلية التي قامت جمعيها على حساب سكان الوطن الأصليين وأرضهم وموارد رزقهم.
منطقة على الرغم من بساطتها وبدائيتها وقسوة العيش فيها إلا أنها تمتاز بمناظر طبيعية جميلة تبدو للعيان وكأنها رسمت بريشة فنان بارع، لكن هذه الطبيعة الجميلة تكسرها أجسام غريبة دخيلة عليها وهي كتل استطيانية جمعوا ساكنيها من شتى بقاع الأرض ليحرموا سكان الأرض من كل مواردهم ويجعلوهم يعيشون كالغرباء على أرضهم تحت قوانين ومراسيم عسكرية وضعها الاحتلال الإسرائيلي بهدف تفريغ الأرض من سكانها.
من على قمة جبل "البرج" تكتمل لديك الصورة حول بشاعة الاحتلال الإسرائيلي الذي قلب معادلة الجغرافيا الطبيعة ليجعل المسافات في حدود الوطن الواحد تقاس بعامل الزمن وليس بوحدة القياس الطبيعة للمسافات، فعلى بعد كيلومترات من هناك تترآى لك منطقة الأغوار التي قد تحتاج أحياناً لساعات لكي تصلها بسبب الإجراءات الاحتلالية وحواجزه العسكرية التي قد تقطع طريقك دون سابق إنذار، وعلى أرض الواقع لا تفصلك عنها إلا دقائق معدودات في وضع طبيعي بعيد عن منغصات الاحتلال الإسرائيلي.
ومن على قمة جبل "البرج" تسقط ناظريك على مساحات زراعية شاسعة كانت تزرع بالحمص والقمح والعدس وعباد الشمس تحولت في غلفة من الزمن لمناطق استيطانية إسرائيلية.
مناطق "الملقبة" و "سمرا" و "والطبقة" مناطق ألفنا العيش فيها منذ كنا أطفالاً، وحرمنا منها ونحن كبار، فلم نعد قادرين الدخول إليها، وبتنا ننظر لها من بعد عدة كيلومترات كسائح غريب يكتشف معالم المنطقة لأول مرّة.
وهذا الواقع هو جزء من واقع أشد وأصعب وقعاً يعيشه سكان مناطق "المالح" والفارسية" عدة كيلو مترات إلى الشرق من منطقة "البرج"، تجمعات بدوية يعيش أهلها في بيوت من "الفل والخيش" دون مدرسة أو عيادة صحية، في الوقت الذي يعيش فيه الدخلاء المستوطنين في مستوطنة "مسكيوت" و مستوطنة "ميحولا" ظروف معيشة على قدر عالي من الراحة والرفاهية.
على الرغم من الضجة الإعلامية الفلسطينية حول الحرص على هذه المنطقة ودعم صمود أهلها فلا زالت المنطقة تعيش نفس الظروف رغم مرور سنوات على وجود من يدعون الحرص على هذه المناطق، فمن زار هذه المنطقة منذ سنوات ويزورها اليوم لا يلحظ أية تغير في معالم المنطقة أو مستوى العيش لسكانيها، وما تحتاجه المنطقة أكثر من سلة غذاء أو كسوة أطفال في موسم الشتاء.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)