طباعة الكُتب والنقد الأدبي
يهتم النقد الأدبي بالشعر أكثر من اهتمامه بالنثر، هذا في العصرين الجاهلي وعصر صدر الإسلام ومابعده، استمر ذلك الاهتمام إلى يومنا هذا على الرغم من تحول النقد من ممارسة يغلب عليها طابع الموهبة والذكاء إلى منهج واختصاص أكاديمي، النقد الأدبي حُشر بزاوية الشعر حشراً ويُعذر الأوائل فقد اهتموا بالشعر وبرعوا فيه وهم أهل اللغة لكن المتأخرين لا يُعذرون وإن حلفوا الإيمان المغلظه وتعلقوا بأستار الكعبة..
أصبح تأليف الكتاب عملية بسيطة لا تتطلب الكثير من الجهد العقلي أو النفسي، كل من آراد أن يؤلف عليه أن يتحسس جيبه فالتأليف بسيط المشكلة في الطباعة والتسويق فقط، إذا شعر شخصُ ما يتراكم المفردات بمعدته الخاوية فما عليه إلا أن يفتح جهاز الكومبيوتر ويبدأ مستعيناً بالهياط والخبال في الكتابة يرص الكلمات رصاً ويشطح بالعقل حتى يصل إلى النهاية، بين الموهبة والمعرفة وحب الظهور والشهرة خيطُ رفيع لايراه إلا من ادمن القراءة ومطالعة الكتب، أكثر شيء يُفزع العقل هو تناثر مؤلفات الهشك بشك وكُتب الشطحات المسماه زوراً وبُهتاناً بالكتب الأدبية بمعارض الكُتب وتهافت من اتخذ القراءة موضة عليها، فتلك الكارثة ليست سوى أثر من آثار غياب النقد وتواريه عن الساحة، تأليف كتاب حق مشروع لكل من وجد بنفسه القدره على ذلك لكن ليس من حق أي شخص رمي المكتبة العربية بنفاياتِ عقله الباطن، لقد ازدحمت ارفف المكتبات بكل ما فيه خواء وعوار فكري وادبي ولولا غياب النقد لما تكاثرت تلك النفايات وتصدرت المشهد الأدبي والمعرفي، لدينا مؤسسات أدبية (الأندية الأدبية) ولدينا مختصين اكاديمياً في النقد الأدبي ولدينا مثقفين ومثقفات لكن كل ذلك لم يضبط سوق التأليف والنشر، لعل أكثر شيء دمر المعرفة هو المال فبه تُشترى المباديء و تُغيب الحقائق وبواسطته تتناثر الحروف على كومه من الورق التي لو نطقت لصرخت قائلة دعوني ورب الكعبه.
التعليقات (0)