مواضيع اليوم

طاووس الكيا!

علي جبار عطية

2009-04-23 07:41:07

0

علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــــ

aliatia123@yahoo.com

اعادتني شدة الازدحامات المرورية الى رخاء القراءة الواعية بعد ان سرقتني منها ضغوط العمل وتنوع مفردات الحياة الاعلامية بعد الزلزال الكوني في 9-4-2003 اذ اصبح من الصعب السيطرة على ساعات اليوم مع وجود عدة فرص للاستفادة المعرفية حتى قيض الله لنا هذه الفرصة من المطالعة الاجبارية في سيارة الكيا اذ يحشر المرء على مقاعد لا تتسع الا لتلاميذ الصف الاول الابتدائي بين ركاب لم يؤثر عليهم الحصار الاقتصادي ولم يتأثروا ببرامج الريجيم بل لايؤمنون البتة بفوائد انقاص الوزن الا اذا فرض عليهم ذلك كما فرض الترشيق على المديرين العامين وقادة الجيش والوزراء سنوات القادسية المجيدة وبرنامج (صور من المعركة)!
قبل ايام كنت مستغرقا بالقراءة مع كتاب شائق في احدى سيارات الكيا التي تتسع لعشرة ركاب لكن سائقها حورها لتتسع لاربعة عشر راكبا فانتبهت الى احد الركاب (المودرن) الجالس قربي وهو يتحدث فقطعت قراءتي محاولا ان استفسر منه عما يريده فوجدت رأسه مطرقا الى الارض فعرفت انه يتكلم مع نفسه بصوت عال.. فقلت ربما انزعج من كثرة الازدحامات وطول الانتظار وافضى بما في نفسه الا انه عاود الحديث وبصوت عال (وين مخلينها... بالباب... المفتاح هناك) قالها بطريقة توحي بانه امام بوابة في قصة علاء الدين والمصباح السحري (افتح ياسمسم)! واضطررت الى تأمله فوجدته يرتدي نظارة سوداء.. قلت: لعله اعور العين او اعور القلب واتضح انه اعمى الاحساس وقد وضع في اذنه سماعتين وظل يكرر الجمل غير المفيدة.. قلت: لعله أصم يحتاج الى صوت المتنبي ليسمع وهو القائل وأسمعت كلماتي من به صممَ!
لكن صاحبنا حسم ترددي فاخرج موبايله من خاصرته ووضعه امام فمه واخذ يكرر ذات الجمل غير المفيدة وبصوت اعلى افزع النائمين في السيارة!
اغلقت الكتاب لصعوبة مواصلة القراءة مع هذا الازعاج المتكرر وحين نزل الموما اليه من السيارة ظلت تجول في رأسي افكار منها: قد تكون قراءاتنا للواقع غير صحيحة وربما يكون هذا الشاب على حق حين مارس استهتاره واضطهد الركاب وفرض عليهم اشياءه واستعراضاته لكن بالمقابل شخصت ان الردع الاجتماعي لم يعد فاعلا وهذا ولب المشكلة في عصر تراجعت فيه مراكز القوى الاجتماعية الى مراتب متدنية مقابل صعود صاروخي لقيم التفاهة وياهو ابو باجر!.

كاتب وصحفي عراقي




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !