مواضيع اليوم

طالب القرب رواية قصيرة

الدكتور صديق

2011-06-20 14:21:50

0

طالب القرب رواية قصيرة
(1)
ملك يُسري مُهندسة تبلغ من العمر ثلاثين سنة وكغيرها من الفتيات لم يمر بها قطار الزواج بعد حاولت البحث عن عريس بكل الطرق التقليدية المتاحة لها ولأسرتها مثل الصالونات والخاطبة وزميلات العمل ولما لا وهذا حق من أهم حقوقها ودون الدخول فى الأسباب والتفاصيل التى جعلتها تصل إلى محطة الثلاثين من عمرها وهى بلا عريس وبالتالى بلا ونيس من ولد أوبنت
قررت ملك استعمال الشبكة العنكبوتية فى تحقيق حلمها القديم والمتجدد ولما لا ألم تفعل هذه الشبكة العجائب عندما أوقعت مبارك وأعوانه وجاءهم الفيسبوك والتويتر من حيث لم يحتسبوا وظنوا أن جمالهم وبغالهم وحميرهم مانعتهم من ثورة الشعب فحاق بهم الذل فى طرة
(2)

ما أكثر مواقع الزواج على الشبكة العنكبوتية وقع اختيارملك على موقع " ابن الحلال" بدءت فى التسجيل والدخول الاسم «ملك» آنسة العمر ثلاثون سنة – تعمدت ملك أن تستخدم لفظة سنة بعد سنين عمرها الثلاثين بدلاً من لفظة عام لأنها تعلمت على يد والدها الشيخ الأزهرى المدرس بالمعهد الأحمدى بطنطا أن السنة تعبير عن الشقاء والمشقة أمّا العام فيحمل معنى السعادة والخير- مهندسة كيميائية تعمل بوظيفة مرموقة بشركة غزل المحلة الكبرى من عائلة ميسورة الحال ولا تمانع فى مساعدة زوج المستقبل تبحث عن عريس جامعى متدين يقدس الحياة الزوجية ولا مانع إن كان أرمل أو مطلق
(3)
تابعت ملك البريد الالكترونى الخاص بها باحثة عن رسائل من موقع ابن الحلال اليوم الأول لاشئ اليوم الثانى هكذا بدأ اليأس يتسرب إلى نفسها قائلة حتى الشبكة العنكبوتية لم تستطع اصطياد عريس وقالت فى حزن هو الحظ عارف صحابه
(4)
فى اليوم الثالث وبينما كانت قادمة لتوها من العمل متعبة و مرهقة دخلت إلى غرفتها مباشرة لتبدل ملابس الخروج المشدودة على جسدها - مثل الدرع الذى يلبسه المحارب عند دخول المعركة الحربية ليقيه ضربات الأعداء- جاكيت بدلة وجيبة من الجنز السميك
بملابس البيت المريحة الفضفاضة التى تعود بها من شخصية المحارب ودرعه السميك إلى الأنثى الرقيقة اللطيفة التى تبحث عن شريك حياة يجدد فيها الأمل ويشبع رغبتها الفطرية فى الحب ويوقظ فيها غريزة الأمومة بعد بيات شتوي اضطراري طال أمده
نادتها الأم من الصالة :ملك الغداء جاهز تعالى بسرعة وهاتى معك زجاجة ماء من الثلاجة
ملك : حاضر يا ماما
وكعادة أدمنتها منذ زمن فتحت باب اللاب توب ( الكمبيوتر المحمول) لتري مالديها من رسائل مغلقة فى بريدها
نادته الأم مرة ثانية :ملك الغداء جاهز تعالى بسرعة قبل مايبرد وهاتى معك زجاجة ماء من الثلاجة
ملك وهى تتصفح عنوان المرسل : حاضر يا ماما
عشرة رسائل من موقع ابن الحلال ولم تمهلها أمها حتى تفتح رسائلها التى ربما تحمل لها البشري السارة التى انتظرتها طويلا لتروي ظمأها المتواصل والمتوثب للرشف من الماء العذب الزلال وتعيش الحياة الطبيعية
مرت سريعاً بنظرة خاطفة على عنوانين الرسائل التى مازالت مغلقة
جذب نظرها عنوان واحد تكرر ثلاث مرات هو "ملك روحى "
أغلقت باب اللاب توب - كما تغلق جدتها صندوقها الخشبى الأبنوسي القديم على مجوهراتها النفيسة - تركت عقلها داخل صندوق الرسائل
(5)
و خرجت - على مضض- إلى الصالة حيث السفرة والتي جلس إليها الأب والأم و قد سبقاها فى تناول طعام الغداء صنية بطاطس مع الفراخ خرجت من الفرن للتو تفوح منها رائحة مميزة لا تخطئها أنوف الجيران والمارة فى الحارة السد الذين يعرفون جيداً مهارات أم ملك في الطهى
الأم :فين زجاجة الماء يا ملك
جلبت زجاجة الماء البارد وجلست على السفرة شاردة الذهن لم تعلق على الطعام كما تفعل كل مرة وخصوصاً مع الأكلة المحببة لديها
داعبتها الأم قائلة : مفيش تسلم الأيادى ياماما
تنبهت ملك من شرودها : تسلم الأيادى يا ست الحبايب
انهت غداءها على عجل لاحظ الأب ذلك فنظر إلى الأم نظرت المتسآل عن السبب فقالت له الأم معللة قيام مللك بسرعة : ربما جاءت متعبة وتريد أن تأخذ قسطا من النوم سكت الأب وهويهز رأسه موافقة على الإجابة لكن غير راض عن حال ملك
(6)
دخلت غرفتها وأغلقت الباب من الداخل على غير العادة وأسرعت بفتح صندوق رسائلها ووجهة السهم نحو أول رسالة تحمل عنوان " ملك روحى" ياتري ماذا تحوي هذه الرسالة
( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اسمي مصطفى عبد المنعم أعمل مهندس مدنى قرأت طلبك علي موقع ابن الحلال وأرغب فى مزيد من التعارف )
هذا هو محتوى الرسالة الأولى
انتقلت بلا تفكير إلى الرسالة الثانية " ملك روحي 2"
(عزيزتى ملك نسيت أن أخبرك أننى أسكن بمسجد الجندى شارع عمر بن عبد العزيزالمتفرع من شارع البحر – طنطا وعملى بشركة خاصة بالأسكندرية )
انتهت الرسالة الثانية
انتقلت سريعاً إلى الرسالة الثالثة " ملك روحي 3" وهى تقول لنفسها أبشري يا ملك الأمور تسيرعلى مايرام - حتى الآن - مهندس من طنطا ومتدين بدليل أنه بدأ رسالته بتحية الإسلام كاملة لكنى أريد معرفة المزيد عنه عمره وأشياء آخرى كثيرة
(عزيزتى ملك أريد أن أخبرك أننى من مواليد 1977 سبق لى الزواج لكن لم يكتب لنا الاستمرار لأسباب ربما أقصها عليكى فى المستقبل إذا قدر الإله لنا الارتباط )
استبشرت وأشرق وجهها وارتسمت على محياها السعادة كأن السرور يدخل إلى قلبها للمرة الأولى منذ أن جاءت إلى الدنيا
(7)
فكرت أن ترسل له رسالة لتعرف منه المزيد عن حياته واستعداده للزواج لم تكمل الفكرة حتى وقعت فى صندوق البريد رسالة جديدة ملك روحي 4
(عزيزتى ملك لم أتلقى منك أي رد بالقبول أو الرفض أنتظر رسالتك )
الكرة الآن فى ملعبى يا ملك لابد أن أحدد ماذا أريد أتقدم وأستمر فى هذه التجربة حتى نهايتها فهى وإن قدر لها الفشل فلن أخسر شيئاً لأنها سرية ولا أحد يدري عنها شيئاً حتى أقرب المقربين أمي وأبي
أم أتراجع وأنتظرابن الحلال التقليدي الذى يدخل من الباب وليس من شباك الانترنت ظلت فى هذا الصراع الداخلى بين الإقدام والإحجام
وأخيراً قررت أن ترسل أول رسالة لابن الحلال
( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قرأت رسائلك الأربع وعرفت منها بعض المعلومات عنك ومازال الوقت مبكراً حتى أقرر الرفض أو القبول وكل ما أريده الآن المزيد من المعلومات عنك تقبل تحياتي ملك يسري )
(8)
تلقى مصطفى الرسالة الأولى من ملك "ابن الحلال 1"
ورد عليها ب"ملك روحي 5"
(عزيزتى ملك تلقيت رسالتك الأولى وأنا فى غاية الفرح وينتابنى شعورغامر بالسعادة لم أشعر به منذ دخلت فى نفق الشقاق مع زوجتى الأولى واليوم فقط أرفع رأسى لأرى ضوء الشمس الساطع بعد مسير طويل فى النفق المظلم اليوم فقط يتجدد لدي الأمل فى الحياة فقط أريد منك تحديد نوعية المعلومات التي تريدين معرفتها عني وليكن ذلك فى هيئة أسئلة فكما تعرفين أن حياتنا العملية فى مجال الهندسة علمتنا الدقة والوصول إلى الهدف من أقصر السبل وهو الخط المستقيم فى انتظار أسئلتك على أحر من الجمر تقبلى تحياتى م. مصطفى عبد المنعم )
قرأت ملك الرسالة وتنهدت تنهيدة طويلة تنم عن ارتياح عارم لأسلوب مصطفى المرتب والمنمق والهادئ فى الرد على رسالتها وتأكيده على العامل المشترك وهو التفكير العلمى
وبدأت تفكر فى تحضير قائمة بالأسئلة التى تريد إجابات صريحة وواضحة عليها منه ليكون الارتباط بينهما على بينة ونور
وبعد تفكير طويل شعرت بالارهاق فقال لم لا أخذ قسطا من الراحة لأعود بعده فى حيوية وانتعاش يسمحان لى بكتابة قائمة الأسئلة المرادة
(9)
الساعة السابعة مساءً طرقات خفيفة على باب غرفة ملك إنه الوالد الحاج يُسري المحلاوي حاول فتح الباب إنه مغلق من الداخل تعجب أول مرة تغلق الباب من الداخل لابد أن هناك أمرما
يا أم ملك :خير يا حاج ملك أغلقت الباب من الداخل - لم تكن الأم تعرف السبب لكن الجواب كان حاضراً كالعادة- لعلها خشيت أن يعبث أحمد ابن أختها بأوراقها وأدواتها
رد الأب : ربما وقال فى نفسه جواب يبدو مقنع لكنه مرتجل
فى داخل الغرفة استيقظت ملك من نومها الذى امتد لساعتين شعرت خلالهما بالاسترخاء ورأت فيما يري النائم فارس على حصان أبيض
جاء إليها وهى تجلس على شاطئ البحيرة ومد إليها يده ورفعها خلفه على الحصان الذى طار بهما بعيدا إلى السماء الزرقاء ليتختفيا فى سحابها الأبيض ً
نهضت من نومها فرحة متفائلة بما رأته من حلم سعيد تمنت أن تراه من قبل
فتحت باب الغرفة المغلق وجلست بجوار أمها التى تشاهد مسلسل ريش نعام وسألت عن أبيها فقالت الأم إنه ذهب إلى صلاة المغرب فى جامع أبو الفضل بسوق اللبن وسيمكث حتى يصلى العشاء كعادته وبعدها يشترى بعض الفاكهة والخضروات من السوق المجاور للجامع ويعود للبيت
لم يجذبها المسلسل وذهبت للمطبخ لتصنع كوبين من الشاي لها ولأمها
خرجت من المطبخ وفى كل يد كوب من الشاي وضعت أحدهما أمام أمها والآخر حملته معها إلى غرفتها لتشربه على مهل مع تصفح بريدها
(10)
وجدت فى بريدها " ملك روحي 6
(عزيزتى ملك سامحك الله جلست فى انتظار أسئلتك على أحر من الجمر لمدة ساعة لكن يبدو أنك انشغلتى عنى فى أمور أخري أكثر أهمية ويبدو أن طلبي للقرب منك ليس على قائمة أولوياتك تحياتى )
قرأت الرسالة واصابتها الدهشة والذهول كيف يقول ذلك كل الموضوع أننى أحسست بالتعب والإعياء فأخذت قسطا من النوم والنوم كما يقولون سلطان فردت عليها نفسها اللوامة وهل يعرف هو ذلك ؟ الرجل قال لك فى انتظار أسئلتك على أحر من الجمر وأنتى خلتي إلى النوم ولم تعطيه وقتا محدد للرد وبالتالى فهم أك تعدي قائمة الأسئلة وسترسليها فى وقتها
لابد من اخذ حبوب الشجاعة والاعتذار له عما بدر بحسن نية قالت لها نفسها الآمارة فى تعجب ممزوج باستنكار واستنكاف : أعتذر هذا تنازل من ناحيتك لا مبرر له وتخلت نفسها المطمئنة لتنهى الجدل الدائر بين اللوامة والآمارة لا أن تتحلى بالشجاعة الأدبية وتعتذري مابدر منك وتردي عليه بشكل عملى بقائمة الأسئلة التى تريدين منه أن يجيب عليها لتعرفي مزيداً من المعلومات عن حياته
(11)
( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ’ عزيزي مصطفى – مسحتها لم تعجبها جرأتها أن تصفه بالعزيز ومازالت لا تعرفه إلا من سويعات قليلة– ثم كتبت الأخ مصطفى – ومسحتها ثانية أخ إيه هو من اللإخوان من المسلمين ولا من السلفيين – ما رأيك في يا أيها الرفيق مصطفى – أنتى خلتيه شيوعى – إذن كيف أبدأ حسناُ سأبدأ مباشرة
أولا:ُ أعتذر منك عما بدر مني عن غير قصد فتقبل أعتذاري
ثانياُ: بالنسبة لقائمة الأسئلة فأنا حالياُ أعمل على إعدادها وسأرسلها لك عندما أنتهى من كتابتها كاملة
ثالثاُ : لي رجاء أن تجعل مايدور بيننا من رسائل طى الكتمان
تقبل تحياتي ملك يسري )
(12)

وصلت الرسالة إلى بريد مصطفى الساعة الثامنة مساءً ويبدو أنه خارج البيت فلم يري الرسالة الإ عندما عاد وفتح بريده فى تمام العاشرة والنصف مساءً
وملك تتحرق شوقا لتعرف رده على رسالتها واثناء دقائق الانتظار المائة والخمسون أخذت تنقل نظرها مابين قائمة الأسئلة التي تعدها وبريدها لعل وعسي رسالة جديدة منه تقع فى صندوقها طال الانتظار والترقب والتوتر وطالت معه قائمة الأسئلة حتى وصل عددها عشرين سؤالاُ
وبينما هى حائرة فى الاجابة عن سؤال عنّ لها عن الأسئلة هل ترسلها دفعة واحدة أم علي دفعات
جاءت الرسالة المنتظرة ملك روحي7
(عزيزتى ملك وصلتني رسالتك فكان لها وقع الماء البارد على جوف ظمآن فى يوم شديد الحرارة أو أثر البلسم الشافي على جرح عليل أو النسيم العليل على وجه عجوز في ليلة صيف حارة
أتقبل بكل سرور اعتذارك وأنحنى تقديراً أمام شجاعتك الأدبية التي استطاعت أن تفرق بين الكبر والكبرياء أما بالنسبة للأسئلة فأرجو ألا تتعبى نفسك في إعداد قائمة فقط دعي الأسئلة تتدفق ولترسلي فى كل مرة خمسة أسئلة وأخيرأ ثقي تماما فيّ حتي لو كتب علينا أن يمضى كل واحد منا في طريقه في الحياة فستبقي رسائلك فى سرية تامة تقبلى تحياتى ومودتي م. مصطفى عبد المنعم )
(13)
والبقية تأتى
د صديق الحكيم
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !