طالبان ولدت كذلك

إذا طارت الدجاجة فإن طالبان ستتحول تدريجياً إلى الوسطية وتتدرج في سلمها الطويل لتصل إلى مفهوم فصل الدين عن إدارة الدولة وحصر وظيفتها في الشأن السياسي كحركة سياسية يحق لها ممارسة العمل السياسي بقواعده المدنية والعصرية!

ماسبق ليس تشاؤماً أو أمنية بل حقيقة ثابته تدعمها الأدلة والبراهين وقد يكون هناك استثناءً، فوجود جيل جديد يقود تلك الحركة جيل نشأ على فهم الواقع و استشراف المستقبل يمتلك قدرات معرفية ودبلوماسية عندئذٍ يمكننا أن نقول يمكن ذلك أن يحدث وبصعوبة كبيرة، وهذا في المدى القريب مستبعد فالحركة تُديرها شخصيات متشددة وجيل الشباب في الميدان ينفذون ما تقوله تلك الشخصيات ونسبة المتعلمين بصفوف المنتمين للحركة تكاد تنعدم فالتعليم ينحصر في الثقافة الدينية ولا غير ذلك.

نشأت حركة طالبان وعلى ذمة من بحث في الشأن الأفغاني نتيجة دعم المخابرات الباكستانية لعرقية الباشتون فباكستان آرادت أن يكون لها موطأ قدم بالداخل الأفغاني ابان الغزو السوفيتي ووقوفه بجانب الحكومة الشيوعية آنذاك!

طالبان باشتونية يحكمها نظام قبلي صارم مع خليط من التعاليم الدينية الحنفية والديوبندية والتي هي خليط من الطريقة الصوفية والحنفية المذهبية والماتريدية عقيدة بينها وبين السلفية خلاف كبير في مسائل التوحيد والتلقي والاسماء والصفات!

تلك الحركة ذات الخليط الفكري والنظام القبلي، بدأت بعد عودتها إلى السلطة تمارس أشد أنواع التضييق على الشعب الافغاني الذي لم يتوقع عودتها إلى المشهد من جديد، منعت النساء من ارتياد الأسواق والذهاب إلى صالونات التجميل، ومنعت الفتيات من التعليم وفي كل مرة تبحث عن منع آخر فالحياة اليومية للشعب الافغاني تحت رحمة تلك الحركة التي لا يتورع قادتها ومنظريها عن ممارسة شتى أنواع التضييق على الافغانيين بإسم الله وفي سبيل الله كما يزعمون!

البنية الفكرية والتنظيمية بُنيةِ قبلية صارمة وبالتالي مهما كانت المحاولات فإنها ستبقى متطرفة لأنها ولدت كذلك، ومن يدعوها لتغيير سلوكها كمن يُصفق للدحاجة أن تطير..