مرة أخرى تظهر الوقائع الصلات الوثيقة بين طالبان وإنتاج الأفيون.
فقد صدر الأسبوع الماضي بيان مشترك عن مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة ووزارة مكافحة المخدرات في أفغانستان في كل من فيينا وكابول وإسلام آباد ، كشف أن مدخول زراعة الأفيون يبلغ على الأرجح أكثر من 1.4 بليون دولار ، ما يعادل 9% من الناتج المحلي الأفغاني عن العام الماضي. كما كشف استطلاع قامت به بشكل مشترك الهيئتان المذكورتان الارتفاع الملحوظ الذي بلغ 133 بالمئة في القيمة الصافية للأفيون مقارنة بالعام الماضي .
وبحسب الاستطلاع ، حوالي 90 % من الأفيون في العالم يأتي من أفغانستان. وقد شملت زراعة محصول القنب أكثر من 131000 هكتار عام 2011 ، أي 7% أعلى من 2010. كذلك ارتفع إنتاج الأفيون بنسبة 61% من 3600 طن إلى 5800 طن عام 2011.
الملفت أكثر هو المدخول المحتمل المستمد من إنتاج الأفيون . إذ يمكن أن تصل أرباح تصدير الأفيون الأفغاني إلى 2.4 بليون دولار – ما يساوي 15 بالمئة من الناتج القومي المحلي . وقد قال يوري فيدوتوف المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة :" لذلك يشكل الأفيون جزءا كبيرا من الاقتصاد الأفغاني ويؤمن تمويلا هاما للمتمردين ويغذي الفساد."
http://www.unodc.org/unodc/en/frontpage/2012/January/afghan-opium-prices-soar-as-production- rises.html?ref=fs1
يعتمد طالبان منذ زمن بعيد على الأفيون لتمويل عملياتهم.
عام 1996, كانت أفغانستان تنتج 2250 طن من الأفيون, وفي عام 1997 أصبح 2800 طنا. ثم قفز إلى 4580 عام 1999, وكان طالبان آنذاك يسيطرون على معظم أفغانستان.عام 2000 فرضوا حظرا تحت ضغط الأمم المتحدة ، وعلى آمل أن يتلقوا بالمقابل ملايين الدولارات تعويضا عن الدخل المفقود. ولكن ذلك لم يعن أن طالبان توقفوا عن تحقيق الأرباح من تجارة المخدرات، إذ تشير الدراسات والمقابلات التي أجراها الكاتب في الرابط أدناه , أن أسعار الأفيون قفزت بعد الحظر من 26$ للكيلو إلى 746$ عام 2001 ، وقد حقق قياديو طالبان أرباحا طائلة من خلال شراء الأفيون بأسعار منخفضة ومن ثم بيعها بأسعار مرتفعة.
عندما كانوا يسيطرون على البلاد فرضوا ضرائب على المزارعين والمهربين والناقلين وعلى معامل التكرير, وكانوا يطلقون اسم "العشر" 10% على هذه الضريبة.
بعد 2001 ، أعاد متمردو طالبان فرض هذه الضريبة بالإضافة إلى سياسة الابتزاز التي واصلوا اعتمادها في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. كذلك فرضوا رسوما مقابل تقديم الحماية لمحاصيل الأفيون عبر بناء المواقع الدفاعية وزرع الألغام حول الحقول.
www.usip.org/files/resources/taliban_opium_1.pdf
وتتباين التقديرات كثيرا حول الدخل السنوي لطالبان . إذ تتراوح بين 70 مليون دولار و 400 مليون دولار ، بحسب مسؤولي البنتاغون والأمم المتحدة.
وقد أفاد تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة عام 2008 أن التراجع في أسعار الأفيون وفي الإنتاج قد أدى إلى انكماش دور هذا المحصول في الاقتصاد الأفغاني. ولكنه مع ذلك واصل توفير مداخيل هامة لطالبان.، بحسب التقرير.
" على الرغم من انخفاض زواعة الأفيون وإنتاجه وانخفاض الأسعار ، تحصل طالبان والقوات المناوئة للحكومة مبالغ طائلة من المخدرات..."
http://www.unodc.org/documents/about-unodc/AR08_WEB.pdf
والمورد الأكبر لطالبان من أموال المخدرات يأتي من الدفعات المنتظمة التي يقدمها مروجوه إلى قيادة طالبان المتمركزة في مدينة كتا الباكستانية الحدودية ، أيضا تبعا للتقرير.
http://www.nytimes.com/2009/10/19/world/asia/19taliban.html
وقد قال المدير التنفيذي السابق لمكتب الأمم المتحدة ، أنتونيو كوستا ماريا : " ليس عجبا أن تظهر آلة حرب المتمردين هذه المرونة على الرغم من الضربات التي تتلقاها من القوات الأفغانية وقوات التحالف ، نظرا لهذا الدخل الكبير المرتبط بالمخدرات".
كما كتب الصحافي غريتشن بيترز :" إن فهم الرابط بين بين تجار المخدرات وطالبان يمكنه أن يساعد على بناء استراتيجيات لإضعاف المتمردين وتوسيع سلطة الدولة... إن هذا التقرير يناقش بأنه ليس من الممكن بعد الآن التعامل مع التمرد وتجارة المخدرات كشأنين منفصلين ، وأن يتولاهما بالتعاقب الجيش وقوات فرض القانون."
لقد أطلقت الأمم المتحدة برنامجا إقليميا طموحا في أفغانستان والدول المجاورة يركز على مكافحة المخدرات ، إضافة إلى برنامج جديد للبلد يدعم حلولا بديلة لمزارعي قنب الأفيون . وتعني التنمية البديلة تقديم بديل اقتصادي وقانوني ممكن عوضا عن نبتة الكوكا والأفيون والقنب . ويعمل مكتب الأمم المتحدة على تخفيض زراعة المحاصيل الممنوعة من خلال استراتيجيات تنموية متنوعة ذات توجه لتخفيض الفقر وللتنمية الزراعية بما فيها مبادرات زراعية .
ولكن طالبان لا يترددون بالرد عندما يتعرض مدخولهم للتهديد ، بل إنهم يعارضون الحلول البديلة أيضا. وهذا ما أظهروه عندما هاجموا مجموعة من المزارعين الذين تجمعوا لاستلام بذور وأسمدة وغيرها من المعدات المجانية كجزء من برنامج بريطاني لتشجيع المزارعين على زراعة محاصيل أخرى مثل القمح.
http://www.csmonitor.com/World/terrorism-security/2010/0331/Afghanistan-Taliban-bomb-attack-targets-anti-opium-drive
إن الإدمان على المخدرات يقتل ملايين البشر كل عام ويتسبب بالبؤس لعشرات الملايين الآخرين. كما أن حقن المخدرات ينشر فيروس نقص المناعة والالتهاب الكبدي. وهذه المشكلة لا تؤذي أوروبا وحدها أو الغرب بل أفغانستان أيضا.
ويظهر مسح أجري عام 2010 أن هناك حوالى مليون أفغاني بين سني 15 و64 مدمنون على المخدرات . هذه النسبة التي تعادل 8% من السكان هي ضعف المعدل العالمي.
كما يظهر هذا المسح تزايدا بنسبة 53% في عدد مستخدمي الأفيون ، من 150000 إلى 230000 وقفزة تعادل 140 بالمئة في عدد مستخدمي الهرويين ، من 50000 إلى 140000 مقارنة بمسح مماثل أجري عام 2005.
http://www.unodc.org/unodc/en/frontpage/2010/June/around-one-million-afghans-suffer-from-drug-addiction-unodc-survey-shows.html
إن طالبان الذين يبشرون بقيم أخلاقية رفيعة ويدعون بأنهم يحيون بحسب المعايير الإسلامية ، ليسوا سوى دعاة مزيفين يساهمون في هذه المشكلة، وهم شركاء في الجريمة الدولية ضد الإنسانية.هم يدعون أنهم يقاتلون من أجل الأفغان ومن أجل حماية شعبهم . ما يفعلونه في الواقع هو قتل شعبهم ليس بالهجمات الانتحارية وحسب ، بل من خلال هذه التجارة الممنوعة.
التعليقات (0)