طالبان العودة من جديد
بعد سنوات عده هاهي حركة طالبان تعود إلى السلطة وتبسط سيطرتها على أفغانستان في أيام قليلة، تلك الحركة حكمت أفغانستان حتى تم اقصائها في العام ٢٠٠١م بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر! فهي لم تهاجم الولايات المتحدة الأمريكية بل قامت باحتضان تنظيم القاعدة وزعيمه آنذاك أسامة بن لادن وعلى هذا الأساس تم غزو أفغانستان والإطاحة بتلك الحركة و تبشير الأفغان بحكم ديموقراطي وحرية وعدالة ومشاركة شعبية وتنمية وازدهار لا مثيل له.
بعد عشرين عام من الإقصاء وبعد أربعة عشر شهراً من توقيع اتفاق السلام بين الحركة والولايات المتحدة الأمريكية بالدوحة خرجت أمريكا من أفغانستان تاركةً الجمل بما حمل، وفاتحةً الأبواب لتلك الحركة الحنفية ذات العادات والتقاليد والتوجه القومي البوشتوني لتدخل متى شأت ..
عندما كانت أمريكا تفاوض طالبان برعاية قطرية لم يكن للحكومة الأفغانية أي دور فهي تحت رعاية الاحتلال الأمريكي وكان أركان الحكومة يظنون أن أمريكا ستبقى ولن تتخلى عنهم، لكن عندما دخلت طالبان العاصمة الأفغانية كابول لم تخرج أمريكا تحذر الحركة من المساس بالحكم الديمقراطي ومؤسساته فهذه هي أمريكيا دولة براغماتية تبحث عن مصالحها وتحمي ماء وجهها وتتعامل مع الواقع بذكاء، طالبان اليوم هي التي تحكم وفق نظرية الأمر الواقع فهل نحنُ بزمن المليشيات المسلحة الأيديولوجية الحاكمة؟ أم بزمن المفاجآت!
اعتقد أنه بعد عشرين عاماً على غزو أفغانستان والإطاحة بحركة طالبان وعودتها وبقوة إلى المشهد بشكلِ دراماتيكي نستطيع أن نقول أن تلك الحركة تمتلك حس يختلف عن جميع الحركات بمعنى أنها قادرة على إدارة المعركة واستخدام كل الوسائل لتحقيق غايتها فضلاً عن تعزيز جبهتها الداخلية والانفتاح المعرفي الذي بدأ يلحظه المراقب فمن الوهله الأولى طمأنت الحركة الشعب الأفغاني وبقراءة ما بين السطور فطالبان ٢٠٢١م ليست كطالبان ١٩٩٦م....
الشأن الأفغاني شأن داخلي يهم الأفغان، فالشعب الأفغاني لا يريد ديموقراطية مستورده ولا حكومة تقمعه بإسم الحرية أو بإسم الدين بل يريد الكرامة والتنمية والعدالة والمساواة، هناك درس يمكن الاستفادة منه لا يستطيع أحد أن يحميك ويقف معك فمن كان بين أحضان أمريكا بالأمس سيكون بالغد هارباً!
القوة الحقيقية ليست بالعتاد العسكري أو التعداد السكاني القوة الحقيقية تكمن في العقيدة فلكل مجتمع عقيدة سواءً كانت عقيدة دينية أو قومية مهما تكن تلك العقيدة فهي السلاح الذي يمكنه تغيير كل شيء ومجتمع بلا عقيدة كجسدِ بلا روح، بقي تساؤل هل ستعود أفغانستان إلى مستنقع الأصولية الإسلامية وتعود مرتعاً للجماعات التكفيرية وملاذاً آمناً للمتطرفين؟ أم أن حركة طالبان ستلتزم بما تم الاتفاق عليه في الدوحة! ..
طالبان ٢٠٢١ ليست كطالبان ١٩٩٦م إلى ٢٠٠١م! فقد جلست على طاولة المفاوضات ووقعت اتفاقية السلام وتحركت بفاعلية على الأرض وسط صمت من كان يراها بالأمس عدوه فهل ستكون أقدار أفغانستان أكثر اشراقاً من ذي قبل أم أن الدموية ستكون قدراً لا مفر منه.. ..
التعليقات (0)