رغم ان احدا لم يطلق عليها لقب الشاطر..ولكنها غلطة تعد بالف ما قامت به جامعة تكريت من خلال رفض لجنة علمية في كلية التربية التابعة لها، إجازة إطروحة دكتوراه حول الشاعر العراقي المعروف حسب الشيخ جعفر، لاسباب طائفية ومعتقدية ومناطقية..مما اثار استنكارا واسعا في الأوساط الأدبية والإعلامية ووضع الجامعة في موقف المدافع والمناجز عما نبذته الناس والايام من ممارسات العهد المباد..
حيث اصدر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق بيانا احتجاجيا على ما اسماه التسويغات الطائفية والفكرية المناقضة للدستور العراقي وللأعراف الأكاديمية ولحرية البحث العلمي جاء فيه: صعق الوسط الثقافي والأكاديمي لقرار احدى الجامعات العراقية في احدى المحافظات برفض تسجيل رسالة دكتوراه عن (الايقاع لدى الشاعر العراقي الكبير حسب الشيخ جعفر) في كلية التربية جامعة تكريت على خلفية تقرير كتبه احد اساتذة الكلية ذات العلاقة "وذكر البيان "وهذه الاسباب تتمثل في الزعم بأن الشاعر حسب الشيخ جعفر تنطبق عليه توصيفات: فهو اولاً شيعي، وثانيا شيوعي، وثالثاً ملحد، اما التهمة الرابعة فتجرده من القيم الاخلاقية ولا نريد إيرادها احتراماً للذوق العام."
ثم اضاف البيان تنديدا قاسيا بحق كاتب التقرير الناقد والدكتور محمد صابر عبيد حيث جاء فيه وبلهجة غير مسبوقة: ويبدو ان هذا الأكاديمي والناقد الحداثي قد قدم تقريره تملقاًَ للحس الطائفي، وربما لإذكاء هذا الحس، وتحريضاً سافراً ضد حرية الفكر والتنوع الثقافي التي كفلها الدستور، وربما كان يتخيل ان محافظته (صلاح الدين) ما زالت تحت وصاية القوى الارهابية والتكفيرية المتمثلة بتنظيم القاعدة وما يسمى بـ (دولة العراق الاسلامية)، وهو يفعل ذلك كما يبدو رغبة في إرضاء أصحاب النزعات الظلامية والسلفية والتكفيرية..
ولم تكن الجامعة موفقة بالمرة في تبريرها المتهافت لهذا السلوك المخزي والنهج الطائفي المقيت في تحديد شروط الدراسات والبحوث التي يجريها طلابها..حيث دافعت عن قرارها بعزوه الى تقليد جامعي زائف يقضي بعدم دراسة الشعراء المعاصرين.
في حين ان الدكتور محمد صابر عبيد كان اقل توفيقا في رده على اتهامات اتحاد الأدباء العراقيين حيث نشر توضيحا يفيد " إن قسم اللغة العربية اتصل بي هاتفياً وكان في اجتماع حول هذا الموضوع فطلبوا رأيي وأجبت عن أسئلتهم كالآتي، حسب شاعر عراقي مهم من الناحية الفنية، سألوني عن توجهاته الفكرية فقلت لهم شيوعي، وسألوني عن طبيعة موضوعات شعره فقلت إن شعره يمجّد الحياة واللذة الدنيوية " ويضيف في مكان آخر من الرد انه يحتفظ " بعلاقات نوعية مع كل أدباء الجنوب ".
الذي يهمنا هنا عدة اشياء انتشرت كالدمامل المتقيحة على جسد الحالة مدار البحث اولها عن جهل المجتمعين في قسم اللغة العربية بشاعر مهم من شعراء العربية له صوته العالي على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين ..وطبيعة الاسئلة السطحية والساذجة والغبية والمضمرة لسوء النية التي طرحت ..والتي تذكرنا باساليب التحقيق المخابراتي والجرودات الحزبية التي ملئت حياتنا في زمن الخراب البائد..وكذلك اتخاذ قرارات على ضوء خلفية وانتماءات الشاعر بغض النظر عن منجزه الشعري ..والاكثر اثارة للقرف هو تصنيف الابداع شعبويا ومناطقيا واتخاذ القرارات بناء على اتصال هاتفي بتدريسي آخر..مما يعتم اكثر من الصورة التي نتوقعها عن مستوى ومهام التدريس في جامعة تكريت العتيدة..
والاكثر اثارة للدهشة هو التقنية التي اعتمدها الكتور عبيد في مزج التشيع والشيوعية والالحاد في عنوان واحد مما يقدم نموذج لواقع تغول واولوية الهوية الطائفية للفرد وتمددها على مجمل الانتماءات المعتقدية الاخرى..فمن الغريب والسائد في آن.. ان يضطهد مفكر وكاتب مهم بقامة الشاعر حسب الشيخ جعفر بسبب معتقداته الفلسفية ونظرته الشخصية للوجود .. وكتناقض صارخ.. بسبب انتماء عائلته الطائفي وبسبب آرائه السياسية دون المرور حتى بقيمة منجزه الثقافي..مما يعطي صورة عن مدى التوحل والانحدار الذي يمكن ان ينزلق به المجتمع كانعكاس لمثل هذه الممارسات الطائفية المدانة ذات النفس المكارثي الواضح..
ونحن اذ ندعو رئاسة جامعة تكريت الموقرة الى الغاء هذا القرار كنوع من رد الاعتبار الى رسالتها العلمية السامية والى سمعتها التي تضررت بهكذا ممارسات تسئ لذاتها قبل ان تسئ الى الاديب والشاعر الشيخ جعفر..والذي نعلن تضامننا معه بدون ادنى تحفظ.. نطالب وزارة التعليم العالي بالعمل على تنقية الحياة الجامعية واعادة نقائها المفترض "كاحدى ساحات تلاقح الافكار والرؤى بعيدا عن الطائفية المقيتة التي جرت وماتزال الويلات تلو الويلات الى ابناء شعبنا "
وهنا قد يكون من المفيد ان نقتبس من بيان اتحاد الادباء مناشدته المثقفين بالقول: ايها المثقفون العراقيون الشرفاء... ايها الأدباء والفنانون والأكاديميون انتم خط دفاعنا الأخير ضد استفحال مظاهر التطرف والعنف والطائفية والظلامية، افتحوا عيونكم جيداً احفظوا شرف الثقافة العراقية وقيمها وتصدوا بشجاعة ضد قوى الموت والتخلف والرجعية التي تتربص بكم، وارفعوا اصواتكم عالياً لإلغاء هذا القرار الجائر ضد تسجيل رسالة دكتوراه عن ( الايقاع في شعر الشاعر حسب الشيخ جعفر) لأسباب طائفية وفكرية مقيتة، فالشاعر حسب الشيخ جعفر احد كبار شعراء العربية وهو رمز اصيل من رموز التجديد والحداثة والابداع في شعرنا العراقي، ولا ينبغي ان تمر، رغما عنا، مثل هذه القرارات والمواقف الرجعية المتخلفة وضيقة الافق.
ونختتم معه بالقول: حرية التعبير والبحث الأكاديمي ومبادئ حقوق الانسان امانة في اعناقكم فانتم صوت شعبنا النظيف ضد القبح والتخلف والظلامية
التعليقات (0)