طائفة السيخ وأفضال الحضارة الإسلامية
(الجزء الأول)
احتفل الهندوس والسيخ خلال الأيام الماضية بعيدهم العام المسمى (ديوالي) ... وقد كان لطائفة السيخ بغموضها وتقاليدها وملابسها وعمائمها الضخمة الملونة المبتدعة نصيب الأسد في جذب كاميرات السياح ووكالات الأنباء التي تهتم برصد مثل هذه المناسبات .....
وتعاليم طائفة السيخ خليط بين الديانة الاسلامية وتعاليم الهندوسية ... أسس هذه الطائفة شخص هندوسي إسمه "ناناك" عاش في منطقة البنجاب وعمل فترة طويلة لدى المسلمين . ويبدو أنه إطلع على بعض مداخل الشريعة الإسلامية فذهب فكره إلى الخلط بينها وبين تعاليم الهندوسية حيث يتبدى هذا الخلط جليا في المعتقدات والقناعات الروحية لهذه الطائفة التي تأسست في القرن السادس عشر الميلادي.
ومن أبرز ملامح تأثرها بالإسلام نجد أنها تؤمن بما هو شبيه بالأئمة الإثنى عشرية ولكنهم جعلوها عشرية فقط وأطلقوا على الواحد منهم مسمى (غورو) وتعني (المعلم) وأما المعلم الأول فهو "ناناك" نفسه بالطبع .... ويسمى التابع لهذه الطائفة "سيخ" وتعني (التلميذ) ... وتقبل الطائفة منخرطين جدد دون أن تشترط عليهم أن يكونوا حملة هوية أو جنسية معينة.
ومن الجوانب الأخرى المتأثرة بالإسلام تحريمهم الرهبانية والحث بدلا منها على طلب الرزق والعمل . كما يحرمون شرب الخمر والتدخين والمخدرات وصناعة التماثيل وعبادة الأوثان أو اقتنائها في البيوت على وجه الديكور والزينة يرفضون تعددية الآلهة وأنه في سبيل هداية البشر للحق يبعث هذا الإله الواحد فيهم الرسل والأنبياء .. لكن الطريف أنهم يرفضون حقيقة الوحي الذي تتنزل به الملائكة ويعتبرون أن "المعلم" غورو هو في الدرجة الثانية بعد الله ..... وواضح أنها طريقة ذكية من زعمائهم للتخلص من إشكالية الوحي وأن الله عز وجل هو الذي يختار أنبيائه ورسله ويعلم حيث يجعل رسالته وليس العكس.
وأما من ناحية تأثرهم بالهندوسية فهي تحريمهم أكل اللحوم على اختلاف أنواعها ويحرمون كذلك تعدد الزوجات..... ولاحقا حلل لهم الغورو أرجان أكل كافة اللحوم ما عدا لحم الأبقار ولحم الخنزير (لاحظ أن لحم الأبقار يحرمه الهندوس في حين يحرم الإسلام أكل لحم الخنزير).لكنهم بدلا من ذبح الخراف والدجاج فإنهم يضربون أعناقها بالسيوف.
وتكمن خطورة تعاليم هذه الطائفة بشكل أساسي في أنها تقدم نفسها بديلا للهندوسية والإسلام على حد سواء . وبالتالي تناصب الإسلام العداء السافر وتنادي وترفع شعار (لا هندوسية ولا إسلام) وتطالب بالعمل على هدمهما والقضاء المبرم عليهما إن عاجلا أو آجلا. وبالفعل فقد اصطدم الغورو الخامس (أرجان ديف) بالمسلمين المغول حكام الهند آنذاك فقبضوا عليه عام 1606م وأعدموه . فنشبت حرب ضروس بين الطرفين كان النصر فيها حليف المسلمين الذين طاردوا فلول السيخ حتى اجلوهم عن مناطقهم فلجاؤا إلى الجبال الشمالية فترة . وبعد احتلال بريطانيا للهند عام 1875م إنخرط السيخ في سلك الجندية تحت العلم البريطاني وأظهروا طاعة وبسالة خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية .
وفيما يتعلق بمبتدعات السيخية فهي تلزم أتباعها بإتباع قواعد خمسة جميعها تبدأ بالحرف (ك) ولذلك سميت بقواعد (5 كاف) وهي:
1) كيش (Kesh) وتعنى بإطالة شعر الرأس واللحية وعدم حلقهما ....... ويلاحظ هنا أن اللحية من السنة الإسلامية المطهرة .
2) كانقهي (Kanghe) ونعني امتلاك مشط يستعمل عند الضرورة لتصفيف الشعر . ... وهي أيضا من مستحبات الاسلام ولكن دون إلزام بالاحتفاظ بمشط .
3) كـاشا (kaccha) وهو لبس سروال متسع إلى تحت الركبتين .... وهو أيضا من مستحبات الاسلام أن يغطي الرجل بعد عورته المغلظة فخذه حتى الركبتين.
4) كـارا (kara) وضع سوار من الفولاذ حول المعصم ويحرم لبس جميع أنواع الحلى والجواهر .... وهذه الأخيرة أيضا من بين المسائل التي حرمها الإسلام أن يتزين الرجل بالذهب والمجوهرات.
5) كيربان (kirpan) التحلي بخنجر من الفولاذ لغرض الوجاهة والدفاع عن النفس . ولكن يحرم على السيخ استخدام الخنجر في القتال ضد سيخ مثله. ويبدو أنهم تأثروا بالمهاجرين من اليمن الذين استقروا بجزر أندونيسيا وماليزيا. وكان لهم دور كبير في نشر الاسلام هناك ولا يزال أحفادهم على ذات النهج.
كتب السيخ المقدسة:
الكتاب المقدس الأول هو "آدي جرانت" وهو الكتاب الأول والأكثر قداسة قام بوضعه وتأليفه الغورو الخامس للسيخ وإسمه (رام داس) .. ويحتوي هذا المؤلف على كل التعاليم السيخية . ثم اضيفت إلى هذا المؤلف أناشيد دينية من تأليف الغورو العاشر للطائفة "غوبند سينغ".
الكتاب الثاني إسمه "جرانت صاحب" وضعه الغورو العاشر للطائفة "غوبند سينغ". ويحتوي هذا الكتاب على تعاليم وآداب (الخالسا) وهم شباب آل على نفسه نهج نظام ديني ملتزم قاسي والدفاع عن الحق (وفق منظورهم) أينما كان بكافة الوسائل بما في ذلك القتال المسلح.
يبلغ عدد أتباع طائفة السيخ 23 مليون نسمة منهم 20 مليون في داخل الهند والباقي مهاجرين ومغتربين في كندا وأستراليا وأوروبا وجنوب أفريقيا ودول الخليج العربي. وحسب علمي فإنهم ممنوعون من دخول المملكة العربية السعودية منذ عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز طيب الله ثراهما.
عاصمة السيخ الدينية هي مدينة "أمريتسار" حيث يوجد مقر (الصاحب) مرجع الطائفة وكذلك المعبد الذهبي والبركة المقدسة التي يكفي الحج إليها والغطس فيها لمحو كل الذنوب والخطايا ولو كانت كمثل زبد البحر وعودة الإنسان نقيا طاهرا كما كان يوم ولدته أمه.......
المعبد الذهبي والبركة المقدسة لدى طائفة السيخ .... يعود الفضل في التصميم والبناء والزخرفة والطلاء بماء الذهب إلى مهندسين وبناءين وفنانين مسلمين جلبهم المهراجا رانجيت سينغ عام 1808م من مناطق باكستان الحالية
كان أبرز ملوك السيخ (رانجيت سينغ 1803 - 1839م) مغرما بالألوان والمنسوجات الفاخرة
فولكلور يجذب السياح من كل أنحاء الهند والعالم إلى عاصمة السيخ "أمريتسار"
أبْـشِــــــرْ يـا زول
يتبع جزء ثاني .....
التعليقات (0)