ضمير القاضي.....
مقوله معلومه للقاصي والداني وخاصه العاملين بساحات التقاضي فالقاضي هو الحكم بين الناس والقاضي هو الفيصل في المنازعات وحكم القاضي نافذ حتي في مواجهه رأس الدوله لأنه هو سيف العداله البتار…
ولكي يصدر القاضي حكمه في أي منازعه قضائيه يرتكز علي ركيزتين أساسيتين وهما
"القانون" ومواده ونصوصه وهي مرتكز ثابت لايتغير
"ضمير القاضي" والذي يرتكز ويركن اليه حال اصدار حكمه والذي يطابق ويتوافق مع نصوص وروح القانون والوقائع والمستندات المعروضه امامه....
فان كانت نصوص القانون ومواده ثوابت لا تتغير فهل ايضا ضمير القاضي ثابت لا يتغير؟؟
تصعب الاجابه بالسلب أو الايجاب .. فالقاضي بشر ككل البشر لا يملك عصمه الانبياء ولا عداله الاله .. بشر يخطئ ويصيب
لذلك نستطيع أن نقول يمكن لضمير القاضي أن يتحري القبول ويمكن أيضا لضمير القاضي أن يتحري الرفض....
وبمعني أكثر وضوحا …
لو افترضنا جدلا أن هناك دعوي من دعاوي الاثبات أو دعاوي النفي وعرضت نفس هذه الدعوي علي قاضيين مختلفين في دائرتين مغايرتين.. فهل سيصدر من القاضيين حكمين متماثلين ؟؟
بالتأكيد ربما ستكون الاجابه نعم ولكن ممكن ايضا ان تكون الاجابه لا...
فان كانت الاجابه نعم فلا جناح ولكن ان كانت لا فلماذا ؟؟؟
الاجابه سوف تكون من الصعوبه بمكان لان ضمير القاضيين هنا اختلف …
ولماذا اختلف والقانون واحد وكل المستندات واحده والمدعين والمدعي عليهم لم يتغيروا ولكن ضمير القاضيين اختلف لأن أحدهما تحري القبول والاخر تحري الرفض....
فهناك عوامل كثيره تتداخل في تهيئه ضمير القاضي فهيئه المتقاضين وهندامهم ربما يكون لها دخل وربما أسلوب الدفاع ومحاوله تبديل المواقف يكون له دخل وربما تكون لدي القاضي مشكله عائليه أو ذكري حسنه أو سيئه ربما أيضا يكون له دخل
وربما اتجاهات الرأي العام يكون لها تأثير وربما ثقافه أو مذهبيه القاضي أيضا يمكن أن تؤثر علي ضميره فالقاضي كما أسلفنا في الأول وفي الأخر بشر......
والقاضي الذي يتحري الرفض يبدأ أولا ببحث "الشكل " لا ليتأكد من اكتمال ركن الشكل في الدعوي ولكن ليبحث عن ثغره أو خطأ في الشكل يستطيع من خلالها أن يرفض الدعوي وهو قرير العين ...
فان اكتمل الشكل بدون ثغرات يبدأ في نظر"الموضوع" فالدعوي ربما تكون مكتمله الاركان "شكلا وموضوعا" وتنطبق عليها مواد من القانون تمام الانطباق ولا توجد بها ثغرات في الشكل ولا يخالف المضمون نص القانون ولكن ضمير القاضي الذي هو روح القانون يأبي ان يصدر الحكم بالقبول فيتحري نصوص قانونيه أخري ربما تتشابك أو تتماس أو تتعارض مع مضمون الدعوي وربما يمد أجل اصدار الحكم حتي يتحصل علي نص ما يتوائم مع ضميره وعندما يتحصل عليه...
هنا يصدر الحكم بالرفض وهو قرير العين لأن ضميره انتصر في النهايه في الصراع ما بين الرفض والقبول.....
أما القاضي الذي يتحري القبول يبحث "الشكل" وربما يجد فيه ثغره أو خطأ وينوه في حكمه أن هناك ثغره ولكن لم تلتفت اليها المحكمه ثم يبدأ في نظر الموضوع فان تطابقت الوقائع والمستندات مع مواد القانون التي يوردها الدفاع مستندا عليها في دفاعه مطالبا بتطبيقها علي دعواه ويركن ضمير القاضي اليها ويصدر حكمه بالقبول قرير العين.....
لذلك لم يغفل المشرع هذا الامر وانما شرع درجات للتقاضي لتلافي هذه المعضله وكلما انتقل التقاضي الي درجه اعلي يكون قاضيها أكبر سنا وأعلي رتبه وأكثر خبره وحنكه حتي لا تصبح مصائر الناس مرهونه بضمير قاضي واحد ربما يكون حديث العهد بالقضاء أو …..
فتكون الدرجه الأعلي مصححه لما قد يشوب الدرجه الأولي من ابتعاد عن روح القانون
مجدي المصري
التعليقات (0)