مواضيع اليوم

ضمانات أبوجا لعمر البشير تظل وهمية

مصـعـب المشـرّف

2015-09-18 21:35:41

0

 ضمانات أبوجا لعمر البشير تظـل وهمية

 
مصعب المشرّف
18 سبتمبر 2015م

في تصريح جرى تداوله مؤخراً . ذهب "مصطفى عثمان إسماعيل" رئيس القطاع السياسي لحزب المؤتمر الوطني للزعم بحصول الرئيس عمر البشير على ضمانات كافية للمشاركة في القمة الأفريقية المخصصة لمناهضة المحكمة الجنائية الدولية ، المزمع إنعقادها شهر أكتوبر المقبل في أبوجا النيجيرية .
لم يوضح مصطفى عثمان إسماعيل ماهية هذه الضمانات .. والجهة التي منحتها ..


إذا كان يعني بهذه الضمانات أنها سياسية صادرة من الرئاسة النيجيرية . فلا يعني ذلك أنها ستمنع القضاء النيجيري من النظر في دعوى محتملة ؛ ترفعها إليه المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس عمر البشير.

أما إذا كان يعني بهذه الضمانات أنها قضائية . فيجب عليه أن يدرك أنه لاتوجد سلطة قضائية في العالم ومنذ فجر التاريخ تمنح ضمانات لشخص ما بعدم محاكمته .. وأن الضمانة الوحيدة الذي تمنحه الجهة القضائية لأي متهم هو "ضمان حصوله على محاكمة عادلة".

مثل هذا التصريح الذي صدر بهذا النص على لسان رئيس القطاع السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ؛ يأتي دلالة واضحة على أمرين لا ثالث لهما:

1)  أن رئيس القطاع السياسي للحزب الحاكم لا يعرف التوصيف القانوني لقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الصادر في حق الرئيس البشير .. وما  إذا كان واجب تطبيقه مرهون بقرار سياسي أم قضائي ؟

2)  أو ربما أراد رئيس القطاع السياسي للحزب الحاكم إطلاق بالونات إختبار خارجية . وذر الرماد في عيون الشعب للسوداني ولغرض الإستهلاك المحلي ؛ وحفظ ماء الوجه لا غير.

3)  كذلك فإن نيجيريا لا تزال منخرطة كعضو ملتزم في المحكمة الجنائية الدولية . وعليها أعباء ثقيلة في هذا الجانب ، بوصفها دولة من دول العالم الثالث عُـرْضَة للإملاءات الخارجية . ولاتمتلك الكثير من الخيارات في الساحة الدولية تحول دون تطبيق عقوبات على نظامها السياسي أو خضوعها لتحقيقات دولية ؛ كالتي تشير التقارير إحتمال تعرض حكومة دولة جنوب أفريقيا  لها بسبب إلتفافها على قرار القضاء فيها الصادر بمنع الرئيس البشير من المغادرة.

على اية حال . فإننا في كافة الأحوال لا نستبعد جهل القطاع السياسي لحزب المؤتمر الوطني بلوائح وقوانين وإجراءات المحكمة الجنائية الدولية ، والقاعدة التي تستمد منها قدراتها وشرعيتها ، وفي علاقتها القانونية مع الدول كافة ؛ سواء التي تنخرط في عضويتها أو تلك الغير منخرطة.

ونشير هنا إلى الإنتقادات اللاذعة التي وجهها الرئيس عمر البشير لحزبه .. والتي لو كانت قد صدرت من رئيس حزب في دولة من دول العالم المتحضر . لكانت كافية بمسارعة رؤساء القطاعات والأمانات لتقديم إستقالاتهم فوراً حفاظاً على كرامتهم . وإفساح المجال لتعديلات وضخ دماءاً جديدة تحمل رؤى متطورة ، وتطرح خطط وإستراتيجيات متقدمة ....... ولكن يبدو أن للكرامة معنى ومذاق آخر في أوساط أحزاب دول العالم المتخلف .. خاصة أحزاب السلطة في الأنظمة الشمولية ...... وأن الكنكشة هي القاسم المشترك الأعظم ؛ بسبب غياب الروح الوطنية وتغليب المصلحة الشخصية . ورداءة القوانين واللوائح التي جعلت من المنصب السياسي والتنفيذي مصدراً للتكسب والنوم في العسل ..... والثراء الحرام.

والذي ينبغي لفت الإنتباه إليه بقوة هنا هو أن  الدول الغير منخرطة في عضوية المحكمة الجنائية الدولية . لايعني عدم إنضوائها أن القضاء فيها سيتجاهل طلبات وملاحقات المحكمة الجنائية الدولية في حق أفراد أو جماعات (أجانب) متواجدون داخل حدود أراضيه...

ومن السخف أن نسمع بمحاولات البعض في الخارجية السودانية للحصول على ضمانات من وزير الخارجية الأمريكية أو الرئيس أوباما ؛ تمنع من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية للرئيس عمر البشير في حالة دخوله أراضي الولايات المتحدة ، تلبية لدعوة (كريمة) من ألأمين العام للأمم المتحدة.

إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما هو دخل وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض بالقضاء الأمريكي ؟ ...

هل يظن بعضنا أن الولايات المتحدة جمهورية موز أو دولة في أدغال افريقيا ، تختلط فيها المناصب السياسية بالقضائية والشرطية والأمنية والعسكرية والتجارية والمالية .. وهلم جرا كما تختلط الفضلات والغازات في مصران أبو كبير .. ويسجن الحاكم فيها من يشاء ... ويعـفـو ويطلق سراح من يشاء .. ويدين من يشاء ويبريء ساحة من يشاء بغير حساب؟

أحياناً كثيرة .. لا بل وفي كل الأحوال ... يعطي المنصب إنطباعاً وبريقاً ولمعاناً غير حقيقي لشاغله ؛ لاسيما في الأنظمة الشمولية وأخواتها .... وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى خراب سوبا.... وتطبيقا عمليا لقوله عز وجل من الآية رقم (2) في سورة الحشر: [يخربون بيوتهم بأيديهم].

ونؤكد لرئيس القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني ؛ وفي معيته كافة مستشاري القصر .. نؤكد لهم بضرورة العودة إلى القراءة والإطلاع .... وبضرورة أن يصبحوا أكثر وعياً وإدراكاً لما يدور من حولهم .
ثم  أن عليهم التفرقة بين الكيفية التي يتم بها تجاوز رؤساء الجمهورية وعموم الحكام في دول العالم الثالث للقوانين من جهة .. والكيفية المؤسساتية التي يتم بها النظر في إتهامات متعلقة بأرتكاب جرائم أو تجاوز للدستور أمام منصات القضاء في العالم الحـر.

إذن فليعلم رئيس القطاع السياسي لحزب المؤتمر الوطني الآتي:
1)   لا مجال لحصانة دبلوماسية بقرار سياسي في مواجهة تهم قضائية.

2)  أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية لن تتقدم لوزير خارجية أو رئيس جمهورية ما بطلب إعتقال الرئيس لبشير . وإنما ستتوجه مباشرة إلى القضاء في ذلك البلد.

3)  القضاء في نيجيريا (على سبيل) وفي ظل المناخ السياسي الديمقراطي السائد حالياً  ؛ لن يمتنع عن النظر في طلب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ؛ بغض النظر عما إذا حصل الرئيس البشير على ضمانات من الرئاسة النيجيرية أو عدمه.

4)  ووفقا لذلك فقد تذهب المحكمة الإبتدائية في أبوجا  أو المنطقة التي تعمل في نطاقها إلى إصدار قرار على وجه الإستعجال ، بمنع الرئيس البشير من مغادرة نيجيريا .


5)  سيتم رفع الأمر بعد ذلك إلى المحكمة العليا في نيجيريا . وهي التي ستقرر مدى دستورية نظر محاكمها الجنائية في طلب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ..

6)  في حالة إصدار المحكمة العليا قراراً قضائياً بقبول النظر في طلبات المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية . فستنعقد محكمة جنائية نيجيرية مختصة تصدر في نهاية المطاف قرارها بترحيل البشير إلى لاهاي قسراً ؛ أو السماح له بمغادرة نيجيريا والعودة إلى بلاده .
.............
هذه هي ملخص الإجراءات التي ستتبع ... ولكن لا يمنع ذلك من إحتيال الحكومة النيجيرية على قرارات محاكمها على ذات النسق الذي جرى في دولة جنوب أفريقيا.
..................................

ولكن المشكلة هنا ستبقى معنوية وليس في صالح هيبة رئيس الجمهورية ... وإذا كانت (فـلْقـة دماغ) جنوب أفريقيا قد عـدّت .. فإن تكرار نفس الفلقة في نيجيريا ستوجع الدماغ حتماً .... وستبقى المسألة ملطشة في حق هذا المنصب الدستوري الأعلى في البلاد. وتقليلاً من هيبته وسط الدول قاطبة... وهو ما لا يرضاه مواطن غيور على بلاده في المقام الأول ؛ بغض النظر عن أية إعتبارات أخرى.
تم النشر بواسطة 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات