" ……5577 هيييييه " ثم هب واقفا وقد رفع كلتا يديه في الهواء . إحداهما تمسك بإحدى الجرائد اليومية ، والأخرى أطبقها على إحدى شهادات الاستثمار ذات الجوائز . ارتطمت قدمه بالمنضدة الصغيرة التي كانت إلى جواره فسقط كوب الشاي على الأرض وقد تحطم . نظر إليه رواد المقهى بتعجب . أخذ يصيح " كنت أشعر بذلك ، كنت أعرف أنني سأربح " ، انطلق مهرولا ، حاول الصبي أن يلحق به حتى يأخذ منه حساب الشاي ولكن هيهات ؛ فقد امتزج بهذه الكتل البشرية التي تملأ شوارع القاهرة وقت الظهيرة ، وسرعان ما ذاب فيها حتى غاب عن أعينهم تماما .
حاول على عجالة أن يطوي الصحيفة دون أن يضيع في ذلك وقتا بالوقوف فأخذت أكتافه ترتطم بالمارة يمنة ويسرة وهو في غيبة عن ذلك ، أخذ يتمتم : " أخيرا يبتسم لي الحظ ، كانت تقول لي أنني خائب ، و أنني لا أفلح في شيء ، واتهمتني أنني سأكون سببا في ضياع الأولاد وتشردهم وجلب الفقر للأسرة بإنفاق أموالي على هذه الأمور ، الآن سوف أسد بالمال فمها الذي لا يغلق " .
السيارات سيل جارف ، وقف بجوار الإشارة : " هيا افتحي ، أريد اللحاق بالبنك " . أخير توقفت السيارات ، عبر الطريق مسرعا . " وأخي الذي يظن أنه أفضل مني ، أحاول بالأمس أن أقترض منه مبلغ بسيط فلا أسلم من لسانه ، ويعيش دور المصلح الاجتماعي ، الآن سأسد كل الأموال التي اقترضتها منه حتى لا أعطيه فرصة أخرى للتعالي علي ، إشارة مرور أخرى ، أرجو ألا يغلق البنك ، لن أسحب المبلغ كله ، سأفتح حسابا باسمي أضع فيه المبلغ وآخذ فقط قدر احتياجاتي وقدر سداد الديون ، وربما آتي بعد يوم أو يومين لأسحب المبلغ وأقيم به مشروع ما ، ولكن المشاريع الصغيرة لا تدر عائدا كبيرا الآن ، سأنتظر حتى ينمو المبلغ بأرباح البنك ، وللضمان سوف أفتح دفتر توفير باسم كل ولد من الأولاد والباقي ……… " .
سمع المارة صوت احتكاك إطارات سيارة بالأرض يليه مباشرة صوت ارتطام شيء ما بالسيارة ، نزل قائد السيارة مذعورا : " هو المخطئ ، عبر الطريق والإشارة مغلقة " . تجمع المارة حول الجسد المسجى على الأرض ، ذهب أحدهم ليستدعي الإسعاف ، تناثرت وريقات الجريدة لتدهسها أقدام المارة .
عندما أراد الأطباء أن يوقعوا الكشف على الجثة كانت اليد اليسرى مطبقة على ورقة مجهولة الملامح فقد أغرقتها الدماء ، وما تبقى منها تمزق أثناء تخليصها من يد ه
التعليقات (0)