يصادف هذا الاسبوع صيام التاسع من آب العبري وفيه يستحضر الشعب اليهودي ذكرى خراب بيت المقدس اليهودي الاول قبل حوالي 2600 عام ، والثاني قبل حوالي ألفي عام .
ويرافق صوم التاسع من آب قراءة سفر إيخا (مراثي النبي يرميا) وهو أحد أسفار التناخ العبري (التوراه وأسفار الأنبياء وكتوبيم)، الذي يصف حال مدينة أورشليم وخراب معبدها في القرن السادس قبل الميلاد .. فما أن يقع ناظريك على الآيات الاولى حتى ينفطر فؤادك من الحال الذي آلت اليه أورشليم عروس البلدان :
" كيف أصبحت أورشليم وحيدة بعدما كانت عامرة بأهلها.. كيف صارت أرملة بعدما كانت تاج البلدان.. كيف سقطت في وحل العبودية بعد إذ كانت زهرة المدائن.. تبكي أورشليم في الليل وتنزل دموعها على خديها.. ولا عزاء لها من كل محبيها.. طعنها مريديها في الظهر وناصبوها العداء.. يهودا هجرها أهلها بعد ان سقطوا في وحل الفاقة والعبودية.. تشتتت يهودا في الآفاق ولم تجد لها مضجعا آمنا.. ضاقت عليها الدنيا ونال منها ملاحقيها.. حتى السبل المؤدية الى صهيون صارت تخيم عليها أجواء من الحداد ولا زائر لها في عيدها.. مداخلها مقفرة ولا يسمع فيها الا تنهدات كهنتها.. صبايا المدينة تبدلت فرحة العيد عندها بحزن كئيب. والمدينة كلها تغرق في جو من الأسى والمرارة.. أعدائها صاروا في الصدارة.. أصبحوا مطمئنين من بعدها.. الرب سلّط عليها الغم بسبب معاصيها.. وأوقع أطفالها أسرى في أيدي من لا يرحم.. ابنة صهيون فقدت هيبتها وبهائها بعدما خلت من وجهائها الذين كانوا تاج جمالها.. صاروا مثل أيائل بلا مرعى لا حول لهم قدام ملاحقيهم.. تذكرت أورشليم في محنتها أيام عزها الغابر .. وكيف سقط أهلها في قبضة أعدائها ولا معين لهم.. وكيف شمت بها أعدائها وفرحوا لما أصابها بعد ان خلت من أهلها .. "
بهذه العبارات يصف النبي يرميا حال أورشليم درة المدائن بعد أن جاس البابليون في شوارعها وأزقتها وفتكوا بأهلها وأحرقوا معبدها واستباحوا المدينة نهبا وبطشا وسبيا حتى صارت خرابا.. فقدت أورشليم مكانتها المرموقة بين الأمم وصدارتها للمدائن.. وفرح أعدائها للمصيبة التي حلت بها.. واستغلوا محنتها لينتزعوا منها الصدارة والريادة.. عانت أورشليم سنوات عصيبة تحت حكم البابليين الذين رحّلوا أهلها.. لكنها استعادت مجدها الغابر بعد رحيل البابليين فشمر أهلها عن سواعدهم وأعادوا بناء بيت المقدس درة تاج أورشليم.. الا ان دوام الحال من المحال في بلد تكالب عليه الغزاة الطامعين.. فعرفت أورشليم صراعا مريرا مع الأغريق ثم مع الروم من بعدهم فسقط بيت المقدس مجددا في قبضة جند الروم وتكرر مشهد الهدم والقتل والحرق.. وكان ذلك أيضا في شهر آب وفق التقويم العبري...
التعليقات (0)