مع اقتراب شهر رمضان الفضيل ، يبدأ التجار بتطبيق تعاليمه في الرحمة والبركة ، لكن بطريقتهم الخاصة والمعهودة ، والتي يميزون فيها بينه وبين باقي شهور العام ، ففي مثل هذه الأيام من كل عام ، يُكشرون عن أنيابهم لإفتراس جيوب إخوانهم ، ويُظهرون دناءة نفوسهم وطمعها ، ويُشعلون فتيل الأسعار ما أمكنهم ، لجمع مبالغ طائلة من السحت مع نهاية الشهر ... ؟
هي مُفارقة أن يكون رمضان - وهو شهر القرآن ، وتعاليم القرآن - فرصة للإنتهازيين الذين يصومون عن الأكل والشرب ، لكنهم لايصومون عن مساوئ نفوسهم وأهوائها ، ويالها مِن أهواء .. ؟
فبركة الشهر ورحمته ليستا بالربح السريع الذي يسعى إليه هؤلاء ، ولا بطمع التجار الذي يوقظونه في نفوسهم ليسحقوا به أوضاع إخوانهم المادية ، بل إنهما في مساعدة الآخرين على تمضيته على حدٍ سواء مع بعضهم البعض ، لأن الله خلق وفرق ، وليس الناس جميعا قادرين على المصاريف الباهضة ، ما يعزز مشاعر الأثرة بين المسلمين ، ويقوي روابط الأنا الجماعي.
هذه هي بركة رمضان التي يجعلها الله في أموال التاجر ، إذا ساعد إخوانه على تمضية الشهر بما يتوافق مع إمكانياتهم ، لأن مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان يُجارُ عليها إذا كانت خالصة لوجه الله ، لكن أنى للتجار أن يفهموا ذلك والله أبعد ما يُفكرون به في هذا الشهر؟
ومالايعلمه هؤلاء أن شهر رمضان سيأتي وسيمضي ، وسيصومُ الفقير رغم شحة موارده المادية ، ففي النهايةِ هولن يموت من الجوع ولهُ ربٌ كريمٌ رزق الدود في الحجَر.
تاج الديـــن : 2009
التعليقات (0)