مواضيع اليوم

صور من كاميرا الشارع (01)

عبدالسلام كرزيكة

2009-10-19 13:17:28

0

 

01 - النقل العمومـــي :

إلتفتت وراءها بعصبية ، بعد أن شعرَت بإلتصاقٍ تتزايد شدّتُه بمرور الدقائق ، التي قضتها واقفة بعد صعودها متأخرة إلى حافلة النقل العمومي .. وكانت المقاعد المعدودات فيها قد مُلئت ... ليرتخي جسدها ، وتعلو ملامحها إبتسامة مُفاجئة ، وتسأله بهدوء :

- ماذا تفعلُ ياجدّي ؟

ويرفعُ رأسه المليءُ شيباً ، ويرُد بكلماتٍ رصينةٍ  - وبطيئة بشكلٍ مُلفت - تنساب من بين شفاهٍ لاتكادُ تُرى ، وقد غطاها شعر شاربين كثيفين ، منحاهُ مظهراً للقوة ، والثقة ، والهيبة :

- ماذا قلتِ ياابنتي ؟

- قلتُ ماذا تفعلُ ياجدّي ؟

- لاأفعلُ شيئاً ياابنتي ، حتى إنني لاأشعُرُ بشيء ..!

تنفجرُ ضاحكة بصوتٍ عالٍ وهستيريٍّ ، فاجَئَ سائق الحافلة ، وفرمَل بقوة ،  لترتمي في أحضانه وتقع شفتيها على شاربيه ، ودغدغاها ، وأخذت تحُك شفتيها بشاربيه بوتيرةٍ سريعةٍ ، أنستها المكان والزمان ، ولم تستيقظ من نشوتها إلاّ على صوت تصفيرات الرّكاب ، وهتافاتهم ، وتصفيقاتهم ، واحتفالهم بقبلة الجد  - وعروسه الشابة - المجّانية ...!

رفعت نفسها عنه ببطئ ، واستقرت واقفة تسوي شعرات رأسها فوق أذنيها ، واحمر وجهها خجلاً .. أما الجدّ فسوى سترته ، ومدّ إليها ذراعه بثقة ، لتمسك بها ، وينفتحُ باب الحافلة  ويترجلان منها ، وهي لاتزلُ ممسكة بذراعه وبقوة .

ـــــــــــــــــــــــ

[ تاج الديــن : 10 - 2009 ]

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات