01 - النقل العمومـــي :
إلتفتت وراءها بعصبية ، بعد أن شعرَت بإلتصاقٍ تتزايد شدّتُه بمرور الدقائق ، التي قضتها واقفة بعد صعودها متأخرة إلى حافلة النقل العمومي .. وكانت المقاعد المعدودات فيها قد مُلئت ... ليرتخي جسدها ، وتعلو ملامحها إبتسامة مُفاجئة ، وتسأله بهدوء :
- ماذا تفعلُ ياجدّي ؟
ويرفعُ رأسه المليءُ شيباً ، ويرُد بكلماتٍ رصينةٍ - وبطيئة بشكلٍ مُلفت - تنساب من بين شفاهٍ لاتكادُ تُرى ، وقد غطاها شعر شاربين كثيفين ، منحاهُ مظهراً للقوة ، والثقة ، والهيبة :
- ماذا قلتِ ياابنتي ؟
- قلتُ ماذا تفعلُ ياجدّي ؟
- لاأفعلُ شيئاً ياابنتي ، حتى إنني لاأشعُرُ بشيء ..!
تنفجرُ ضاحكة بصوتٍ عالٍ وهستيريٍّ ، فاجَئَ سائق الحافلة ، وفرمَل بقوة ، لترتمي في أحضانه وتقع شفتيها على شاربيه ، ودغدغاها ، وأخذت تحُك شفتيها بشاربيه بوتيرةٍ سريعةٍ ، أنستها المكان والزمان ، ولم تستيقظ من نشوتها إلاّ على صوت تصفيرات الرّكاب ، وهتافاتهم ، وتصفيقاتهم ، واحتفالهم بقبلة الجد - وعروسه الشابة - المجّانية ...!
رفعت نفسها عنه ببطئ ، واستقرت واقفة تسوي شعرات رأسها فوق أذنيها ، واحمر وجهها خجلاً .. أما الجدّ فسوى سترته ، ومدّ إليها ذراعه بثقة ، لتمسك بها ، وينفتحُ باب الحافلة ويترجلان منها ، وهي لاتزلُ ممسكة بذراعه وبقوة .
ـــــــــــــــــــــــ
[ تاج الديــن : 10 - 2009 ]
التعليقات (0)