قبل أيام قليلة ماضية كانت الجماهير العاشقة للساحرة المستديرة على موعد مع إنطلاقة العرس الكروي العالمي ببلد المناضل (نلسون منديلا) الذي حظيت بلاده - لثقل وزنه - بسبق تنظيم أول مونديال بإفريقيا صاحبة الكنوز التي لاتنضب ، والأرض الدائمة الشباب التي لاتهرم ولا تشيخ ..
إفريقيــــا : قارة ساحرة بمتناقضاتها
جنوب إفريقيا أو رمز الميز العنصري الذي إعتمد على نظرة قاسرة للألوان ، فراح آلاف البشر ضحايا (الأبيض والأسود) ، لكن الغريب في (أرض) إفريقيا عموما هو حاجتها المستمرة ومنذ القدم لإراقة بعض الدماء لتتغلغل في مساماتها لتستمر في العطاء وفي التعذيب، في منح الحرية وفي الإضطهاد ، في الجمال وفي الفظاعة ، في النعيم وفي الجحيم !... هي إفريقيا : قارة المتناقضات ، وأرض السحر الفريد والمميز الذي يجعل منها قبلة للسياح الذين يفدون عليها وبأعداد هائلة ، غير آبهين بالمخاطر الأمنية ، ولا بالنزاعات العرقية ، ولا بالحروب الأهلية التي تتصاعد أدخنتها في سماء القارة في مشهد أزلي للنزاع من أجل البقاء ..
في بلاد منديــلا : كان الرمز أكبر حاضرٍغائب
حظيت جنوب إفريقيا بشرف إستضافة المونديال لإعتبارات كان أهمها وزن المناضل نلسون منديلا الذي يعتبره العالم أجمع رمزا من رموز السلام ، وكان من المقرر حضوره لمباراة الإفتتاح لكنه غاب بسسب وفاة حفيدته ، فكان الغائب الأكبر عن أضواء العرس العالمي بشخصه ، والحاضر الأكبر بنتيجة كفاحه التي جعلت من جنوب إفريقيا في مصاف الدول الكبرى في العالم من حيث البنية التحتية القوية ، والقدرة التنظيمية الكبيرة لمنافسات بحجم كأس العالم..
المونديال الإفريقي : هاجس الأمن ليس عائقا
إفريقيا غنية عن كل تعريف ، وحقيقية أوضاعها الأمنية لاتخفى على أي عاقل يتابع حركية العالم ومسارات الأحداث ، والوضع الأمني كان ولا يزال حتى اليوم هاجس وسائل الإعلام باعتبارها أيادي ظاهرة لشخصيات خفية تنظر إلى إفريقيا نظرة إزدراء واستعلاء ، وتحاول التقليل من جهود الأفارقة لمشاركة العالم بساطتهم ، وتلقائيتهم ، وطاقاتهم الإبداعية ، والأهم آمالهم وآلامهم .. تلك الشخصيات تتناسى بأنه لاتوجد رقعة على وجه الأرض آمنة مائة بالمائة ، وأن هاجسها ذاك طبيعي ولا يشكل عائقا أمام نجاح إفريقيا في تنظيم كأس للعالم رغم روائح الدماء التي لن تتوقف عن الإنبعاث من أراضيها يوما لأنها إن لم تكن دماء اليوم فهي بالتأكيد دماء الماضي السحيق من التضحيات والقرابين ..
الجزيــــرة الرياضية : حصان طروادة
إستطاعت شبكة الجزيرة القطرية حشد إمكاناتها لتغطية الأحداث الرياضية المختلفة وعبر العالم ، وهي مشكورة على جهودها لإيصال الحدث لأعين وآذان المشاهد العربي ، بل ويشرفنا وجود شبكة عربية بحجمها تنافس الشبكات العالمية في الجودة والإحترافية ، لكن ما أعيبه عليها شخصيا في إطار تغطيتها لمجريات المونديال الإفريقي هو ميلها إلى إبراز النقائص التنظيمية لجنوب إفريقيا ، وإشارات مذيعيها الصريحة والضمنية إلى تهويل الأوضاع العادية بالمنطق وبالنظر إلى حجم الحدث ، ومقارنتهم المجحفة بين آسيا وإفريقيا .. نحن نتفهم دوافع المشرفين على القناة لدعم ملف قطر في تنظيم مونديال 2022 ، ونحن كعرب ندعم ملف الشقيقة قطر لأن ذلك من شأنه أن يرفع رأس العرب قاطبة ويجعلهم ينخرطون في المنافسات العالمية وعلى مختلف الأصعدة السياسية والإقتصادية وحتى الرياضية ، ويحفزهم ذلك على النهوض ببناهم التحتية وبإقتصادات أوطانهم ومقارعة النهضة الحضارية بأسلوب عربي إسلامي خاص ومميز .. لكن دعم قطر لانرضاه أن يكون على حساب مجتمع جنوب إفريقي من حقه أن يفرح بتنظيمه للعرس العالمي وينتظر الدول التي من مستواه كقطر لتدعمه وتكون حصانا أسودا لاحصان طروادة ...
الممثل العربـــي : لو كان (مصريا) لأحدث الفرق
منتخب الجزائر أو الممثل العربي الوحيد في المنافسة القارية لم يدخل بعد في أجواء المنافسة إثر خسارته أمام فريق سلوفيني (متواضع) بهدف وحيد ، لكنه كان كافيا لوضع سلوفينيا في مقدمة ترتيب المجموعة ، ويقلص حظوظ الجزائر في ظل عقم الهجوم ، واعتماد اللاعبين على الإستعراض بدل التهديف ، وأقولها بكل صراحة وروح رياضية أنه لو كان الفريق المصري مكان المنتخب الجزائري - في المقابلة الإفتتاحية على الأقل - لأحدث الفرق ولخرج فائزا بثنائية على أقل تقدير .. لكنها البداية - على حد قول الشيخ سعدان - ونتمى أن ينهيها بـ : ومازال مازال .. وهو مقطع من أغنية حماسية جزائرية ..
لو لم أكن جزائريا : لتمنيت أن أكون ألمانيا
المنتخب الألماني هو الوحيد لحد الساعة الذي ظهر بمستوى يليق بالعرس العالمي وأثبت بأنه في مستوى الحدث إثرالنتيجة الثقيلة التي حققها على حساب المنتخب الأسترالي ، وهو منتخب يستحق بالفعل أن يكون كل محب للكرة الحديثة من متابعيه بل وحتى من مشجعيه ، ويستحق ترشيحه بجدارة لنيل اللقب على الأرض الإفريقية ..
ــــــــــــــــــ
تاج الديــن : 06 - 2010
التعليقات (0)