يثير الظلم فى اى بلد فى العالم مشاعر السخط والحنق والرغبة فى الانتقام الا فى بلادنا العربية خاصة والاسلامية عامة فالظلم يثير الضحك وانا فى تقديرى ان هذا الضحك يأتى ليس لبساطة فعل الظلم ولكن لشدته وقسوته وكتعبير ساخر عن مدى جبروت الجلاد من جهة واستكانة واستسلام الضحية المجلودة والتى بدأت تستطيب الجلد والجلاد من جانب اخر.
وكانت من اكثر الاشياء التى اثارت ضحكى أو سخريتى فى الاونة الاخيرة ما تناقلته وسائل الاعلام عن وجود احزاب وجمعيات ونحو الالف شخصية عامة فى تونس وقعوا عريضة تطالب الرئيس زين العابدين بن على بالترشح لفترة رئاسة رابعة وتعديل الدستورالذى يمنع ذلك.
والاكثر اضحاكا ان تلك الدعوة انطلقت قبيل انتهاء فترة ولاية الرئيس بنحو اربع سنوات وهى الفترة الكافية لتمكين السلطات بمحاسبة و"تطيين عيشة" من لا يوقع على تلك العريضة .
ويبدو ان المسئول الذى خطط لهذه الوقائع كان يريد اظهار ان الشعب هو الذى اجبر الرئيس - وليس العكس - على الاستمرار الى ما لا نهاية فى حكم هذه البلاد الا انه نسى ان هذه الحيل لا يمكن ان تنطلى على الشعوب العربية التى تكتوى بنفس جموح النزوات للنظم الحاكمة.
المضحك ان النظام التونسى طور فى الطريقة وكأنه يريد ان يقول لاقرانه انه الاذكى مع ان الجميع يعلم ان تونس هى الدولة العربية الوحيدة التى يعاملها رئيسها كشركة "قطاع عام" بحيث يروح يدفع للصحف والصحفيين فى العالم العربى لينشروا خبر افتتاحه اى شىء حتى لو كان لمحل "طرشى" ولذلك لا يمكن ان تجد صحيفة واحدة تهاجم نظامة اللاخلاقى الذى انفرد استبداديا بالتدخل بين العبد وربه وجعل الصلاة فى المساجد بتذكرة وحرم الطلاق واحل الزنا وقام - بحسب ما تواترت الروايات- بالظهور بطلعته البهية عبر شاشات التلفزة وقام باحتساء الخمر فى نهار رمضان حاثا موظفى الدولة على الافطار والا فالعقاب .
هذه صورة لاخطر النظم الاستبدادية فى عالمنا العربى الذى يكرس للقيم العلمانية الاتاتوركية التى تقريبا انقرضت فى بلدانها.
أما ثانية صور المساخر ففى مصر وهى تتمثل فى قيام خمسة اشخاص يتزعمهم سائق نقل ثقيل والثانى صحفى لم يكتب طوال حياته الصحفية عشرة اسطر والثالث مساعد مخرج فاشل كما فشل من قبل كـ"طبال"والرابع شخص كل امانية قيد اسمه فى جداول نقابة الصحفيين رغم اته ذا مؤهل متوسط والخامس "سمسار" متواضع للغاية للرخص الصحفية الاجنبية وقام الخمسة بتكوين حركة لدعم السيد جمال مبارك لحكم مصر اسبغوا عليها صفة الشعبية وقامت المنابر الاعلامية المصرية بـ"اللت والعجن" فى الموضوع الذى موله رجل اعمال "شرقاوى" ينتمى للحزب الوطنى.
ومع ذلك فهذا لا يعنى اننا ننكر حق السيد جمال مبارك الترشح لرئاسة الجمهورية فى اجواء انتخابية صحية وديمقراطية.
ومن المساخر التى هى حقا تؤلم اى عربى نظرا لمكانته العالية فى النفوس ما يحدث فى اليمن فالجميع يتذمر ويطلب المزيد من نظام لا يوجد معه ما يقدمه , فالجميع يعانى التهميش ولم يقل هذا الحزب او ذاك من هذا الذى لا يعانى ايضا وعلى رأسهم النظام "الحاكم" نفسه , فالمشكلة ان اليمن بلد فقير ولا رفاهية فيه لحاكم او معارض.
اليمن يحتاج الى جهود التوحيد والعمل والانتاج وليس الى جهود التجزئة والتفتيت والتى تصنع كانتونات قزمية تضيف مأساة جديدة الى مأسينا القائمة خاصة فى هذا البلد الذى يلقبونه بالسعيد مع انه لم يكن سعيدا بالمرة.
ومن المساخر ايضا علاقة الجزائر بجبهة البوليساريو ذات النزعة الانفصالية عن المغرب.
ولا ادرى ما شأن الجزائر قى ذلك وما علاقتها بتلك الجبهة وماذا ستستفيد من انقسام المغرب الى دولتين احداهما شمالا وعاصمتها الرباط والاخرى جنوبا وعاصمتها العيون .. وقد يقول قائل ان جبهة البوليساريو تدعم الدخل الجزائرى عبر اجراءات جمركية لصادراتها ووارداتها ولكن اى حكيم يقول وهل يكون المقابل تقسيم دولة عربية جارة ولماذا لا تطرح ان تأخذ مزايا مغربية مقابل دعم الاتحاد والوحدة لا الانفصال والتشرذم؟
ألم تجد الحكومة الجزائرية معركة قومية اكثر نبلا من معركة لا ناقة للجزائريين فيها ولا جمل؟!!!
وعدوى المساخر العربية انتقلت الى البلاد الاسلامية وعلى رأسهم باكستان التى تعد بكل معنى الكلمة دولة فاشلة تفتقد فيها كافة مقومات الدولة فالجيش الوطنى يقف عاجزا امام كل ازمة والجيش الامريكى وحركة طالبان المتنازعان لهما اليد الطولى فى معظم اقاليم الشمال.
المدهش انه حينما ضربت السيول البلاد طولا وعرضا وعرضت حياة نحو 20 مليونا للموت فى ابشع كارثة انسانية يشهدها العالم تفردت حركة طالبان " طلاب الشريعة" بمهام الانقاذ واطعام الجوعى وعلاج المرضى فى حين ظل الجيش لفنرة طويلة عاجزا عن التحرك , وبدلا من ان يتم تقديم الشكر للحركة تم حظر مساهمتها فى اعمال الانقاذ وهو ما يذكرنى بمثل شعبى مصرى يقول "لا يرحم ولا يدع الرحمة تنزل".
التعليقات (0)