منذ قرون عديدة يحاول الانسان جاهدا تطوير الواقع باحثا عن الافضلية والمثاليه للمجتمع برمته وفي كل مناحي الحياة السياسيه والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وقدم الانسان الكثير من الافكار والفرضيات والنظريات التي تهدف الى الارتقاء بالبشريه ,على الرغم من ان كثير من النظريات لم يكتب لها النجاح رغم ملامستها للواقع, ولكن كما نعلم جيدا ان الشرط الاساسي لنجاح النظريه والفكر هو الممارسه فاذا كان هناك خلل في التطبيق فالفكر لا يتحمل ابدا مسؤولية هذا الخطا , ولكن ومع الاسف هذه الافكار غير موجودة في العالم العربي وهذا ما دعاني لكتابة هذا الموضوع .
نحن نعيش في واقع صعب ومؤلم ومرير همش الانسان وسحق حريته ومعالم كرامته وحجب عقله واهلك كاهل المجتمعات العربية, واغرقها في ظلمات الجهل والتخلف ,والصراعات العقائديه والسياسيه والاجتماعيه والقبليه فاصبحت العقلية العربيه عقلية ملوثه ومتخلفه, همشت العلم وافقدته قدسيته حتى اصحاب العقول النيرة لم يعد لهم مكان بيينا ,فهجروا بلدانهم بعد ان ضيقت عليهم الفرص بما رحبت ,واغلقت في وجوهم السبل ولسان حالهم يقول (بلادي وان جارت علي عزيزة واهلي وان ضنوا على كرام )
حتى المناهج الدراسية لم تخاطب عقلية الطالب وليس لها اي علاقة بالواقع الذي نغيشه اليوم فاذا لم تزيف التاريخ احجبته, واذا لم تقلب الحق الى باطل انكرته, واذا علمت الطالب على النطق فابدع وكتب وانتقد حتى اخرسته.. واذا لم تخرسه قتلته, لا غرابة في ذلك فهم يريدون عقليات مظلمة ,اما اصحاب العقول للاسف غير مرحب بهم عند مجتمعاتنا هذه هي العقلية العربية التي غلبت ثقافة العادات والتقاليد او ثقافة العيب بالاحرى, على ثقاقة العقل حتى اصبحت عبارة عن مجتمعات وراثية او تقليدية, تحتكم الى عادات وقوانين ورثوها عن ابائهم فاصبح لها قدسيه اكثر من الدين نفسه ,حتى انها تجاوزت الخطوط الحمراء التي رسمها الدين
حتى الاعلام العربي الهابط لم يعالج المعضلات المزمنة التي يعاني منها المجتمع العربي فالقنوات الاخباريه والسياسيه كلها قنوات موجهة وتخدم مصالح واجندة سياسيه معينة ,تحاول تشويه العقلية العربيه وتضليلها بعد ان تخلط الاوراق والافكار وتنتهج اسلوب التدليس والكذب اما القنوات الثقافية فهي لا تبث الا البرامج السخيفة التي تسخر وتستهزئ من الثقافة العربية ولا تحاول تنمية الثقافة العربية وصبغها بلون واقعي وتاريخي اصيل, اما القنوات الدينية وعلى راسها البعض من رجال الدين السفهاء الذي يقدمون برامج يوميه ويصلون اليل بالنهار من اجل الوقيعة العقائديه, بين المجتمعات العربية وزرع الفتنة واشعال نارها ,حتى البرامج التي يقدمونها هي برامج سخيفه ولا تعالج القضايا الرئيسيه او المركزية التي يعاني منها المجتمع العربي ,اما الفتاوى المضحكة والتكفير وتجريح الاخرين باسم الدين فحدث ولا حرج ,
حتى قنوات الافلام والقنوات الغنائيه هدفها دك بنيان الاسرة وتقويضه عن طريق افلام لا اعتبرها الا اباحية واغاني هابطة وسخيفه ,على الرغم من اني احترم الفن الاصيل والراقي ولكن هذا الفن لم يعد له مكان ولا اهمية ولا احترام عند هذه القنوات .
اما على الصعيد السياسي فالعقلية العربيه ليس لها ادنى علاقة بالوعي والفكر السياسي وتعتبره هاجس لا يجب الاقتراب منه, لان الوعي السياسي يجبر المرء على الارتباط بالواقع وحينئذ يجبر المرء على تحليل المشهد السياسي الداخلي والاقليمي وعلى التنظير السياسي, وبالتالي يعيش هذا الواقع المؤلم بكل مقوماته السلبيه والايجابية فتسود حالة اكتئاب نفسي لدى هذه العقلية ,الى جانب التعقيدات والمشاكل الاجتماعية والامنية التي قد يمر بها لهذا السبب العقلية العربية تفضل ان تنئا بنفسها جانبا بعيدا عن السياسيه او المقومات التي من شانها ان تغير الواقع العربي ,وتفضل ان تقضي جل وقتها وراء العهر والعاهرات حتى تصاب بالغثيان او حتى بالسعار الجنسي حتى لو بقيت في طور العبودية والحضيض ,
اما السياسات العربية الخارجية الداخلية فهي منقسمة ولم توحدها سوا الخزي والعار والذل والجامعة العربية ,او العبرية عفوا على مدى تاريخها لم تستطع حل مشكلات عربية سطحية وما هي الا اداة في يد اليهود والغرب والمجتمع الدولي ككل, اما السوق العربي اصبح سوق استهلاكي يستوعب كل الصادرات الغربية ,والبترول العربي اصبح بيد اليهود والغرب كل الثروات الطبيعية اصبحت بيدهم اصبحنا في القرن الواحد والعشرين والى يومنا هذا لا نستطيع سجادة صلاة واحدة !!لا نستطيع صناعة رصاصة واحدة والعالم كله يسعى جاهدا ويتنافس في سباقات التسلح !!من هو المسؤول عن كل ما يحدث ؟من السفاهة والجهل ان نصدر هذه الازمة برمتها ونلقيها على كاهل اليهود والغرب, ونزيل عن كاهلنا سلبيات واقعنا فبسطاء القوم يلقون لومهم على غيرهم, من الغرب واليهود ولا يحاولون ايجاد ايدلوجية معينة من شانها ان ترقى بهذا الواقع ويتباكون على امجاد العرب والمسلمين التي بادت واندثرت ويكتفون بتصدير ازماتهم الى غيرهم !!
الغرب واليهود اهم اعداء فلماذا نلقي اللوم عليهم !!؟؟يعيشون في مجتمعات حضاريه تحترم بعضها وتراعي قيم وحقوق الانسان فيما بينها ,وتعالج المشكلات الاقتصادية والسياسيه التي تمر بها بطريقة عقلانية وحضاريه وليس باشعال الفتنة وتصدير الازمة والتكفير والتخوين والحروب العقائدية !!!عندهم اجماع شعبي ورسمي وديني حول الايدلوجيات التي يتعاملون بها , لا يحاربون الافكار والايدلوجيات التي تعنى بتطوير الواقع !! يهتمون بالعلم ويقدسون العلم ودائما يبحثون عن الافضل ,عن طريق البحوث العلمية والتعلم من اخطاء الماضي وايجاد البدائل والخطط والتفيحص والتمحيص والتدقيق ,ولا يخجلون من استدعاء الخبراء والمفكرين للوقوف على المشاكل التي تواجهم رغم بساطتها ز
نحن ومع الاسف نكفر ونخون كل من يحاول ايجاد الافكار والسبل ,التي من شانها ان تغير المجتمع باسم الدين وسبحان الله عندما يخطئ رجل الدولة او السياسه العربي , ترى علماء الدين يلتزمون الصمت فيغلقون اذانهم, ويكتمون حناجرهم ,ويحجبوا عيونهم ,وما ان اجتهد مثقف عربي ودعا الى فكر يمس الدين والعقيدة ولكن من شانه ان يغير هذا الواقع تراهم يكفروه وينعتوه ,باشد واقذر الالقاب ويصفونه بالمرتد والكافر والزنديق !!هذه هي ازداوجية المعاير لدى علماء الدين الذي اهلكوا المجتمعات العربية, واظلموا عقليتها بافكارهم المتناقضة .
ايضا من السفاهة والسذاجة ان نلقي بلوم على الحكام والحكومات العربية على انها هي السبب في كل ما يحدث فكما تكونوا يولى عليكم !!ورحم الله امرء عرف قدر نفسه هل نريد من هذه الحكومات ان تغزو العالم والفضاء ونحن نكفر ونخون ونحارب بعضنا !!حتى بعد الثورات العربيه لن تصبح المجتمعات العربية مجتمعات مثاليه افلاطونيه .
حتى التيارات العلمانيه والليبراليه التي حاولت ان تغير الواقع العربية وتجسد القيم والمبادئ النبيلة التي تحترم الانسان وتوفر له الكرامة والعزة والتغير الجذري ,حاربوها بحجة انها ثقافة غربية كل التيارات التي تخالف التيارات الاسلاميه كفرت واتهمت بالخيانه ولم تستطيع ان تستنفذ هذه التيارات طاقاتها ,في سبيل خدمة العالم العربي بسبب الهجمات الشرسة التي تعرضوا لها من قبل رجال الدين والتيارات الاسلاميه ,على الرغم من ان التيارات الاسلاميه كلها لم تجلب لنا سوا الدمار والخراب والتخوين والتكفير وهم يتغنون بشعارات الدينية ويعزفون على وتر العواطف وكانهم هم جيش من الملائكة او اولياء الله الصالحين, ونحن شياطين الجن والانس فضاع الجهد العربي في هذه الصراعات وسادت حالة الاحباط والياس في قلوب الشرفاء الذي يحاولون بشتى الوسائل التوصل الى نظرية تغير الواقع العربي, فاصبحت طاقاتهم محدودة في محاربة الاحزاب والتيارات الاسلامية لا ادري لماذا يحاربون من يعارض فكرهم ؟لماذا لا يتم اصلاح الاخطاء ان فرضنا جدلا ان افكارهم خاطئة ؟لماذا لا يتبعون اسلوب الحوار الحضاري والعقلاني حتى يكون هناك اجماع شعبي ورسمي على ايلوجية معنية من شانها ان تقدم لنا اطروحات وخطط سياسيه واقتصادية ودينية نستطيع بارادتنا واجماعنا ان نجسدها ونترجمها على ارض الواقع حتى لو كانت مخالفة لمنهج الدين والعقيدة انا براي ليست مشكلة المهم هو ان نغير هذا الواقع ولا سبيل لتغير هذا الواقع الا اذا تخلصنا من الحركات والتيارات الاسلامية
التعليقات (0)