صورة الله في عقل الإسلامي الحديث!
حلٌّ فردي ومجتمعي أقرب إليكَ من أرنبة أنْفِك؛ لكنك لا تنتبه له بعد سنوات من التسطيح، والتجهيل، والتديين، والتغفيل، والتنويم عن الله، جل شأنه، حتى اختفتْ ملامحُ الصورة الجميلة للمعبود، واستبدلنا بها اللاتَ في قالب كوميدي مهووس، وعصري!
فإذا تشكّل اللهُ الجديدُ في عقل الإسلامي المليء برمال الصحراء، وبول البعير، ورضاع الكبير؛ نكون قد ابتعدنا سنواتٍ ضوئيةً عن خالق الكون العظيم!
حاولتُ أنْ أرسم الخطوطَ العريضةَ للهِ(حاشا لله) في عقل الإسلامي؛ فكادتْ الريشةُ تتحطم، لكنني خرجت بخطوط أولية لعلها تُنْزِل الفزعَ في كل من أوتي من العلم، والتدبُّر، والتفَكُّر، ولو أقل القليل!
1 الله(حاشا لله) في عقل الإسلامي الحديث ليس هو الأكبر، فاهتمامات الخالق صغيرةٌ، ومُخجلةٌ؛ وتُبـْعِد أيَّ عاقل عن العبودية الحقة!
2 الله(حاشا لله) ليس لديه من عظمة الكون ما يشغله؛ فينزل إلى السماء الدنيا عبر ملايين السنوات الضوئية، ولا يعرف غير منطقة الشرق الأوسط، ولا يكترث لغير المسلمين، فيمشي في الثلث الثالث من الليل في الشوارع، والأزقة، والحواري ينادي كما يفعل البائع عمن يريد أنْ يتوب، فيمُرّ أمام البيت، أو الخيمة؛ ويترك الكونَ كلـَّه في حيرة، يُحَركه النظام الأزلي. طبعا لا يسمع أحد، في اليقظة أو في المنام، خطوات الله(حاشا لله) وهو يبحث عمن يعبده بعد التوبة.
3 الله(حاشا لله) لا يحب غير المسلمين الذين اتبعوا آباءَهم و أمهاتهِم؛ وجعل مصادفة الأرحام هي جواز الدخول لجنة الخُلد، ويجعل المُسلمَ في ركعاته السبع عشرة في اليوم يدعوه أن لا يجعله من الضالين أتباع دين ابن مريم عليهما السلام، ولا من المغضوب عليهم، وهم اليهود، وهذا التفسير ليس من هتلر أو جوبلز ولكن من شيوخ ودعاة أوهموا المسلمين أنهم مفسرو كتاب الموحدين!
4 الله(حاشا لله) وهو بديع السماوات والأرض والكون لم يعثر على أفكار لجَنّة الخُلــــْد تُبهج، وتُسعد من رضي عنهم إلا الجنس، فخلق لكل واحد منهم سبعين من الحور العين، وجعل بجانب كل واحدة سبعين من الوصيفات، وأصبح العضو الذكري للمسلم في الجَنّة منتصبـًا لملايين السنين!
5 الله(حاشا لله) في عقل الإسلامي الحديث لم يفكر في إسعاد من يُدْخله الجَنّة، فيجمعه مثلا بأحبابه، وأهله، وأصدقائه الذين عاشوا معه في الحياة الدنيا، ولا يعدْه بصحبة أبنائه، وأحفاده، وآبائه، وأجداده، وهو القادر على الإتيان بملايين الأفكار لبهجة الخلود في الجنة وفي مقدمتها مشاهدة وجه ربنا ذي الجلال والإكرام وشكره، عز وجل، على نعمة الجنة!
6 الله(حاشا لله) في عقل الإسلامي الحديث مثل الحاكم الفاشل الذي يختار أسوأ وأحمق جنوده لحمل رسالته، فبعد أربعة عشر قرنا من بِدْءِ خاتمة الرسالات السماوية يختار لنا متخلفين، وجاهلين، وبورنوجرافيين يفسرون دينَه الحنيفَ، ويقنعون المؤمنين المطيعين أمام المنابر بالامتيازات الجنسية التي وعدهم الله بها، حتى أن أحدَهم( الشيخ محمود المصري) يلتف حوله الملايين وهم يستمعون ببلاهة لوصفه القوة الفحولية الجنسية لنبينا الكريم، الذي أدّبه ربـُّه فأحسن تأديبَه، فجاء شيوخ ودعاة العصر الحديث لتقزيم الإسلام وتشويهه، زاعمين أنها توجيهات العلي القدير!
7 الله(حاشا لله) في عقل الإسلامي الحديث مليء بالكراهية والبغضاء، ومَثَله مَثَلُ الديكتاتور السادي الذي يتوعد بإنزال أشدّ العقوبة على أصغر الهفوات، والأخطاء، ظهور شَعْر رأس المرأة، ووجهها، وعدم المسح على عقب القدم لدى الوضوء، والتسبيح بطريقة خاطئة، وتهنئة غير المسلمين بأعيادهم، والتقاط صورة لأُمِّه لأن التصوير حرام!
8 الله(حاشا لله) في عقل الإسلامي الحديث علـَّم المؤمنين به والمدافعين عن دينه الشتائم والسباب واللعنات والاتهامات والتكفير، لذا لا تختلف مع أحدهم في رؤية أو تفسير او إنكار حتى يقذفك بشواظ من نار من لسانه القذر، ويتهمك في عِرْضك وأهلك وخُلقِك، بل ويحلل دمَك بدون أنْ يرفّ له جفن.
9 الله(حاشا لله) في عقل الإسلامي الحديث يكره المرأة كراهية شديدة، وقد أعَدَّ لأقل النساء عددًا أماكن لهن في الجنة؛ فأكثر أمهات البشر في النار يتعذبن مرتين: الأولى لأنهن إناث، والثانية بمراقبتهن أزواجهن وأبناءهن وأشقاءهن وآباءهن وهم يمارسون الجنس لملايين السنين مع الحور العين و.. وصيفاتهن!
10 الله(حاشا لله) في عقل الإسلامي الحديث يعشق الدماء، ويطالب أتباعه بالقتل والذبح والشنق لأي رأي مخالف، حتى المسكين الذي هداه عقله، الواعي أو الضعيف، إلى دين آخر، واستراحتْ نفسه، بغير إرادته، إلى عقيدة أخرى يُستتاب، فإذا أصَرَّ أنه يريد أن يعثر على نفسه في دين آخر قد يُسعده أو يعود إلى الإسلام مرة أخرى، يحكم عليه العقل الإسلامي الحديث بالموت بدون رحمة.
11 الله(حاشا لله) يخلق كل المشاعر وعَكْسَها في وجه المرأة، والحواس وآلياتها ، ويطلب منّا صناعة مجتمع الفضيلة في عبقرية التعرف والتعارف، فينتفض إسلاميو نصف القرن المنصرم رافضين المنطقَ الإلـَـهي، ومحتقرين المرأة، والقيام بتغطيتها ومنعها من الشمس والهواء النقي ومساواتها بالرجل، فهو يُثار إذا رأى وجهها، وهي عليها أن تكون باردة إذا رأت جسده ولو كان أجمل من يوسف، عليه السلام.
12 الله(حاشا لله)خَلق معجزة المعجزات في الذاكرة التي تستدعي أيَّ شخص قابلته، وجها وصورة وصوتا؛ لكن عقل الإسلامي الحديث يزيد من عقاب المرأة بأن يمنعها من الوصول لذاكرة الرجل حتى ابن عمها، وابن خالتها، وجارها، وزميلها في العمل، فالعقل الإسلامي الحديث لا يرى تعبيرات الكراهية والمحبة والإيمان والقسوة والتسامح والطيبة والشراسة والتحدي والذكاء والرفض والقبول وعدم الفهم والخُبث والإنسانية ومئات غيرها من تعبيرات المشاعر الإنسانية في وجه المرأة، إنما يرى شهوة الذكر وشبقه واستعداده للاغتصاب بمجرد أن يقع بصره على أنثى ولو كانت من عائلته، حتى أن شيوخا ودعاة أعلنوا أن الأب لا يجلس بالقرب من ابنته الجميلة خشية تسلل الشيطان بينهما. إنه العقل المريض، المتهتك، الحيواني والمفترس؛ فإذا زار شخصٌ ابنة عمه أو ابنة خاله وهي على فراش الموت فلا يرى وجهها وهو يودّع الدنيا لأن الذاكرة عنها منعدمة تماما، والعقل الإسلامي الحديث يخشى أن يقفز الذكر فوقها ويغتصبها و.. هي تحتضر!
13 الله(حاشا لله) عنصري في عقل الإسلامي الحديث، ويميّز بين الناس، وبين الأبيض والاسود، وبين الحر والعبد، وبين الغني والفقير بحجة أن الله خلقنا طبقات!
14 الله(حاشا لله) مشغول في عقل الإسلامي الحديث بكتلة بغضاء تنسحب على العقوبات في الصغيرة والكبيرة، حتى إجبار المرأة المسلمة على تغطية وجهها، وجد لها(حاشا لله) حلا ناجعا يناسب الانتقام من عبده(وخُلق الإنسان ضعيفا) فأرسل إلى سكان الكرة الأرضية بكافة أديانها ومعتقداتها فيروس الكوفيد 19 ليعذبهم به، ويقتل ملايين، واختار الضعاف والمُسنّين والمرضى بأوجاع سابقة وآلام مزمنة، والعاجزين في بيوت العجائز والمسنين، رجالا ونساء، فاضطروا لارتداء الكمامة لأنهم رفضوا النقاب، كما يعتقد ملايين من إسلاميي العقل الحديث!
15 الله(حاشا لله)يستعذب، ويستمتع، ويرضى، ويحب المسلم الكسول الذي يقضي يومه وشطرا من ليله يردد تسبيحات لا نهائية قد تُغني عنها عدة تسبيحات صادرة من القلب، فتتحول العبادة إلى عادة مُمِلــّة، لا تزيد إيمانَ الفرد ولا تربطه بالسماء.
16 الله(حاشا لله) لا ينتظر حتى تقوم الساعة، فالعقل الإسلامي الحديث يرى أن صبرَ الله ينفد، وأن وعده بـــ ( ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا) هو وعد مزيف تماما كوعودنا في حياتنا الدنيا؛ لذا اخترع عقل الإسلامي الحديث عذابَ ما قبل الحساب، ووصف فترة الانتظار التي قد تكون مئات أو آلاف أو ملايين السنين بأنها ستكون مليئة بعذابات لا قبل لأحد بها، وثعابين تحت الأرض،فيحيي اللهُ الموتى في البرزخ ليعذبهم كفتح شهية، قبل العذاب النهائي يوم القيامة.
17 الله(حاشا لله) في العقل الإسلامي الحديث لا يهمه أنك لم تقم باختيار دينك، وأنك ظللت وفيا لدين اختاره لك مولدُك ووالداك ومجتمعك؛ لكن حسابك عسير لأنك لم تؤمن برسالة الإسلام، رغم أن القرآن صريح في أن من جاء اللهَ بقلب سليم فقد أسلم وجهه لرب العالمين، لكن سادية العقل الإسلامي الحديث لا تقبل بديلا عن عذاب لايبقي ولا يذر!
18 الله(حاشا لله) في العقل الإسلامي الحديث يكره الجمال والنغم والموسيقى، ويحب القُبح والدمامة، فأشكال دعاة وشيوخ العقل الإسلامي الحديث منفّرة، ومليئة بالكراهية، وعدوانية، وُمقززة، وتتسع بها المسافة بينك وبين الإسلام الحنيف، الجميل، المتسامح! والله سيعاقبك لأن أذنيك التقطتا نغمـًا بديعا، وتلقفه الفؤاد، واستقبله الوجدان، واستقر في القلب فأنعش نشوة إنسانية تؤكد معجزة الله!
19 الله(حاشا لله) في العقل الإسلامي الحديث لا يقبل رأيا مخالفا، أو تساؤلات عن أشياء غير مفهومة، أو حيرة مؤمنين؛ فقد قبلها منذ البدء عندما تحدى إبليس الذي رفض أن يسجد لغيره، وتسامح مع ابراهيم عليه السلام الذي طلب رؤية كيفية إحياء الموتى، وكلـّم موسى عليه السلام الذي أراد رؤيته؛ لكن العقل الإسلامي الحديث يرفض التفكير، والتدبر، والرأيَ المخالـِفَ، والحوارَ، والنقاشَ، ورفض الشيء غير المنطقي!
20 الله(حاشا لله) داعم دائم للديكتاتوريات والطواغيت ومعذبي عباده؛ لذا فالعقل الإسلامي الحديث يبرر لكل مستبد تجاوزاته، ولكل سجّان نزلات سوطه فوق ظهور الأبرياء، ولكل طاغية استعباد قومه، لهذا فأكثر التيارات الدينية سلطوية، يحركها القصر في الوطن أو.. القصر في بلد آخر إذا كانت معارضة.
21 الله(حاشا لله) في العقل الإسلامي الحديث خلق الحيوانات الأليفة وهو يكرهها، وطلب عدم تربية الكلاب، أوفى وأجمل الحيوانات الأليفة التي تحافظ على الطفل وتحميه وتلعب معه وتعرف كيف تسعده، ويعتبرها العقل الإسلامي الحديث نجسا رغم أنها أنظف وأطهر من كثير من الناس.
22 الله(حاشا لله) في العقل الإسلامي الحديث لم يعد مؤيدا لدولة عصرية، كما حدث عشرات المرات منذ قرون، ويريد دولة عقوبية تطارد، وتقرصن، وتختطف من يختلف معها، وتُلوّح بأشد العذاب لمناهضيها، فالدولة الإسلامية في الدنيا كلها لا تخلو من سجون ومعتقلات وظُلم شديد، والعقل الإسلامي الحديث إذا رفض الظُلم في بلد يخادع حُكامُه شعوبَهم باسم الإسلام؛ فإنه يقبل الظُلمَ في بلد آخر.. يحكم بنظام غير إسلامي ولو كان يحقق العدل والحقوق !
23 الله(حاشا لله) في العقل الإسلامي الحديث يتحدث عن الترهيب أضعاف حديثه عن الترغيب، وإذا قلت بأن الله غفور رحيم، ينتفض صاحب العقل الإسلامي الحديث قائلا: ولكن الله شديد العقاب!
24 الله(حاشا لله)يتم ضمُّه عضوا أو رئيسا في كل التيارات الدينية(تقريبا) وفق العقل الإسلامي الحديث، فهو مع داعش وطالبان والحرس الثوري الإيراني والسلفيين والاخوان المسلمين وشباب الصومال ... وأي تيار ديني يستخدم العنف والتكفير، وإذا تأسست جمعية لحقوق الفرد وكرامته وحريته والدفاع عن الأبرياء المعتقلين وحقوق المرأة وحماية الطفل ودعم حرية الصحفي فالعقل الإسلامي الحديث يؤمن أنها ليست مدعومة من رب السلام والمحبة والتسامح.
إسلاميو العصر الحديث لم يتعلموا أن الله أكبر، لهذا فإن شيوخ ودعاة الارهاب والجنس والفتاوى الفجّة لهم الغلبة على الساحة، وسيظل المسلمون في انحدار، وسقوط، وضعف، ومهانة، وفي ذيل ركب الأمم ما داموا قد أسقطوا من إيمانهم عبقرية(الله أكبر) فهي الخلاص من القيد الذي قيدنا به معاصمنا وألسنتنا وقلوبنا وأناملنا، واسترحنا تحت أحذية مهرجي الدروشة الدينية ومُرشدي السلطة المستبدة في العالم الإسلامي.
إذا أردتم الحرية والعزة والكرامة واستعادة العقل فعليكم بوضع( الله أكبر ) في موضعها، وقاطعوا كل التيارات الدينية، المعتدلة والمتطرفة، وتوقفوا عن إدخال الذات الإلهية في صغائر الأزمات، واجعلوا رب الكون العظيم ربا للإنسان وليس فقط ربا للمسلمين، ولا تنصتوا أو تصدقوا شيوخ ودعاة العصر الحديث، ولا تعبدوا حُكامكم فكلهم أوراق هشة تذروها الرياح، ولا تصدقوا ولو كلمة واحدة عن المرأة في الدنيا أو في الآخرة يسمّم بها الشيوخ والدعاة آذانكم وقلوبكم، فأمهاتكم وأخواتكم وبناتكم وزوجاتكم أشرف وأطهر من كل شيوخ المنابر والخُطب واليوتيوب، فالمرأة حتما في الجنة و.. هُم غالبا في جهنم.
أغلب شيوخ ودعاة العصر الحديث أعداء لله وللمسلمين وللإنسانية ، وأكثرهم جهلة ومشوهون لدينكم الحنيف.
الطريق طويل.. طويل.. طويل حتى نصل إلى الإيمان الحقيقي بأن الله أكبر!
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
التعليقات (0)