صورة أم بصمة
بين فينة وأخرى يغلب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر هاشتاقات مطلبية حقوقية يٌشارك فيها الأفراد كلٌ حسب طاقته وقدرته ومدى وعيه , تلك الهاشتاقات تٌنبئنا بحقيقة غياب مؤسسات المجتمع المدني عن أرض الواقع وتٌخبرنا بعدم حيادية المؤسسات الرسمية خصوصاً في قضايا الحقوق والحريات للأفراد , لم يكن هاشتاق إسقاط الولاية الأول ولن يكن الأخير فإسقاط الولاية تعني إلغاء اجراءات إدارية وإعادة تفسير النصوص الشرعية بما يتلاءم مع الزمان والمكان وفق أليه الوضوح والتخلي عن عباءة الايديولوجيا والقصور المعرفي الغالب على كثير من الأطروحات والتفسيرات الشرعية للنصوص التي ليست بحاجة لتفسير قدر حاجتها لفهم قبل التفكير في التطبيق ؟
إسقاط الولاية حقٌ فهي قيد حان وقت تفكيكه وتمزيقه بوعي وبعدالة ومساواة وهذا ما يرجوه قطاعٌ عريض من المجتمع المؤمن بالمرأة كإنسان وليست شيئاً أخر , بالأمس القريب أطلق البعض هاشتاق يٌطالب الأحوال المدنية باستبدال صورة الوجه الخاصة بهوية المرأة بالبصمة , قد يكون هناك دافع أيديولوجي وراء تلك المطالبة التي أظنها ردة فعل على مطالبات اسقاط الولاية لكن وإن كان البعض يتستر وراء أيديولوجيا معينة لتبرير مطالبه أو تمريرها على المجتمع فإن من حق المجتمع اختيار ما يٌريد ومن حقه أن يعيش وسط حياد مؤسساتي .
بصمة بدل صورة الوجه المكشوف حقٌ لمن أرادت , والعكس كذلك , من حق المرأة اختيار ما تراه مناسباً لها ومن واجب المجتمع حماية حقوقها ومن حقها على المؤسسات الوقوف بحياد , فرض رؤية معينة أو هيئة معينة على الأفراد تحت أي مبرر ليست صواباً بل انتهاكاً للحريات والحقوق وهذا ما ينبغي أن يزول من على الواقع , على المؤسسات الرسمية العمل باستقلالية فكرية والتخلي عن الايديولوجيا أياً كانت تلك الايديولوجيا التي هي ثقافة وممارسة وخطيئة في غالب الأحيان , الوقوف على الحياد واتاحة الخيارات للأفراد وحمايتها بسلطة القانون جميعها ستفضي لحقيقة طالما افتقدها المجتمع السعودي وهي التعددية فالتعددية الحقيقة ممارسة وتطبيق على أرض الواقع وليست خيالاً أو فكرة تنتظر من يدفعها إلى الواقع .
لو أن الأحوال المدنية استجابت لطلبات استبدال صورة الوجه بالبصمة فإن هناك من سيغضب ويرمي المجتمع بالتخلف ! , لكن ماذا لو استجابت واتاحة الخيار للمرأة وفق ما تريد هي ككائن وليس وفق ما تٌريد التيارات الفكرية المتصارعة ؟ النتيجة ستكون بصالح الحريات وبصالح حماية الحقوق وبصالح ثقافة اتاحة الخيارات التي نحن بحاجة لها لتموت الايديولوجيا الضيقة وتختفي ولو مؤقتاً حالة الصراع والعراك على حقوق وحريات شخصية هي بحاجة لمن يحميها ويصونها ويدافع عنها إذا تعرضت للقسر أو التهميش أو القولبة المرضية لفئات دون أخرى ؟
التعليقات (0)