متفرقات
صنعاء مدينة مفتوحة
إلا
26 سبتمبر (155) 19/9/1985م
بقلم/ أحمد الشرعبي
أي ضرورة هذه التي جعلت من صنعاء مدينة مفتوحة.. وهل خلت الدار من أبنائها؟
سؤال يفترض إبرازه. أما الإجابة عليه فهي إلى حد ما تشغل اهتماماً بالغاً في مختلف الأوساط الرسمية والشعبية.
أما السؤال الآخر فيأتي كمدخل لحديث متسع وطويل.. ترى..
هل باتت الحياة معقدة إلى درجة الاعتقاد بأن اليمني لا يصلح لشيء مما تفتقر إليه اليمن؟!
لقد باتت أغلب المهن حكراً على العمالة الأجنبية.. الذين ينفذون مشروع تحسين العاصمة هم من غير اليمنيين وأما الفنادق فتعلن المقاطعة التامة لليمنيين.
وعن الخبراء تحدث ولا حرج..
مرة أخرى.. أي ضرورة هذه التي جعلت من صنعاء مدينة مفتوحة.. أي الحاجة.. لكن حتى متى..؟ وحتام ونحن نلبس مما لا نصنع؟ ونأكل مما لا نزرع؟ ونولي مسئولية ترميم منازلنا على الغرباء..!!
إن إحساسنا الصادق بضرورة التعامل مع إمكاناتنا وقدراتنا المحدودة وطاقاتنا الوطنية المعطلة أن لك أفضل بكثير من أن نظل عالة على الآخرين.
أليس كذلك؟
إنه حديث متشعب لأنه الألم المطرز بالأصداف العاجية.
لنتساءل..
هل ثم أجدر من اليمني تجاه قضايا اليمن؟
إن كان ثمة أجدر فكوني عاقراً يا أرض اليمن..
وإذا كان هناك رأي آخر تطرحه بعض الجهات المسئولة مثل الحاجة إلى الخبرات الفنية فلكل حادث حديث.. وحديثنا عن هذا الجانب.. أن الثورة تأتي عامها الـ 22 فما هو دور الأجهزة التربوية التعليمية المعول عليها إرساء معالم النهضة اليمنية وفي مواجهة أعباء الغد المشرق وفي صنع جيل ثوري يواجه مسئولياته التنموية والاقتصادية بشجاعة متميزة يستمدها من نوعية سلاحها ومهاراته وقدراته ومستوياته العلمية.
اعلم أن السياسة التعليمية في هذا البلد كانت بوصلتها وما تزال متجهة نحو هدفين رئيسيين.
الدين، والسياسة، فهل نعلم من هذا أن هناك أموراً فرضت نفسها في تعديل الحديث النبوي الشريف "المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف".
إن جيشاً من القضاة والمحامين والقانونيين والكتاب والشعراء. هذا الجيش الكاسح لن يقصم ظهر البعير لأنه قشة، ولن يبني المستقبل..
ولسوف يكون أعجز من مجذوع الأنف في شتى المسئوليات التي تترتب عليها علمية البناء والتنمية الاقتصادية بكل قنواتها لذلك..
فالسؤال القديم الجديد.. أي دور ينتظر من أجيال سبتمبر إذا لم تتجه صوب الثورة التربوية ثورة الانتصار على النفس ثورة والأيادي الفنية و العقل الاقتصادي المدبر..؟
إننا نقول أيها الناس قليلاً من الوعي.. صنعاء لن تكون على الإطلاق مدينة مفتوحة..
والاتفاقيات التي تجعل منها شبه مدينة مفتوحة لا بد من عقلنـتها حتى لا يكون في بناء الوطن سر غامض.
إننا بدأنا التجربة مع الخبرات والخبراء عرباً كانوا أم أجانب على أساس أن وجودهم سوف يثري من عطاءاتهم في خلق كوادر يمنية متأثرة ومستفيدة ومحاكية.. وكانت النتيجة أن هؤلاء الوافدين استثمروا حاجة البلد إليهم وتعاملوا معها من منطلق مصلحي.. وظهورا أشد حرصاً على استمرار حالات الفراغ كما سعوا إلى عدم يمننة بصماتهم حتى لا يحال بينهم وهذا الثدي المدر.
إن أحداً لا ينكر حاجة اليمن إلى العملة الصعبة بفعل مشروعية استلابها عن طريق العمالة الأجنبية.. والبحث في سبل الثبات الاقتصادي لا ينحصر في إجراءات حضر استيراد محدد ولا في رفع الرسوم الجمركية على السيارات لأن عملية الخرق الكبرى تتم بشكل مجحف وغريب في مسألة العمالة، فالعمالة بشكلها الحالي أهم من كل المناحي الاستهلاكية الأخرى.
إذ ينبغي الأخذ بعين الاعتبار إلى أن الاتفاقيات التي تبرم بطرق مخالفة للقانون في بعض الأحيان تعتبر من أهم العوامل المهيأة لاستمرار العمالة.. لذلك نلفت النظر إلى أهمية التكامل بين المؤسسات الحكومية والدعوة إلى إلغاء الاتفاقيات التي تتم بين جهة ما وبين شركة أجنبية إذا لم تشترك فيها باقي الجهات المعنية بتنفيذ أي بند من بنود هذه الاتفاقية أو تلك.
كل هذا لأن صوت الثورة العملاق يصرخ.. أن كفى عبثاً.
ففضيلة الاعتمال على النفس تجسد سلوكنا الحضاري وارتباطنا الوطني بالأرض والثورة..
وما لم نتعب ونجهد فيما يتحقق من المكتسبات التنموية فأننا بذلك لا نملك أبسط ضمانات الحفاظ على هذه المكتسبات وما لم يعجن التراب الوطني بحبات العرق اليمانية فإن أحداً لن يهمه التعريض بما تحقق للهدم والتشويه وأن التاريخ لا يذكرنا بيد أجنبية أياً كانت وراء بناء سد مأرب وإشادة قصر غمدان.
لكنه أي تاريخ سيذكر بحروف ساخطة، ذلك المسئول الذي يعتبر من العمالة الأجنبية قداسة دينية لا يجوز طرحها على طاولة النقاش ويحرم تناولها "وللناس فيما يعشقون مذاهب".
التعليقات (0)