مواضيع اليوم

صناعة الفشل .. ماذا أفصح توقيع هيثم مصطفى للمريخ؟

مصعب المشرّف

2012-12-24 21:20:34

0

صناعة الفشـل ... ماذا أفصح توقيع هيثم مصطفى للمريخ؟؟

زوبعة الفنجان بشأن تسجيل لاعب وكابتن الهلال العاصمي ومنتخب السودان " هيثم مصطفى " لنادي المريخ (غريم نادي الهلال التقليدي) ، التي جرى تضخيمها مؤخرا في مساحات واسعة من الإعلام الرياضي الورقي والفضائي جاءت قرينة إيجابية ومدعاة من جهة أخرى لتسليط الأضواء على مدى ما تخبئه أحشاء أندية ومجتمعات كرة القدم من سلبيات فيما يتعلق بالمفهوم والممارسة وردود الأفعال ..... وجاءت أكبر مؤشر على مدى (نجاحها) المنقطع النظير في صناعة الفشل البشـع.

هيثم مصطفى في رداء المريخ

أحد المشجعين المتعصبين للهلال ظهر على شاشة الشروق الفضائية وهو يقول: "تسجيل هيثم مصطفى لنادي المريخ يعتبر خيانة وطنية" .... هكذا إذن يفهم هذا المشجع الهلالي الخيانة الوطنية ويبسطها ويسطحها على هذا النحو الغوغائي ولدرجة قد يظن منها أن هيثم مصطفى قد إنتقل من نادي الهلال السوداني إلى نادي المريخ الإسرائيلي.
وفي لقطة أخرى ظهر أحد الشباب وسط جمهرة من مشجعي الهلال يبكي ويضرب بيديه الرأس ثم الأرض "على طريقة عجين الفلاحة المصرية" أسفا وحزنا وحمقا على توقيع هيثم مصطفى للمريخ.

إذا كان البعض من مشجعي الهلال موهوب في البكاء الحريمي واللطم الجاهلي على اللاعبين ؛ فلربما كان من الأجدر أن يزحف أمثال هؤلاء للإعتصام أمام النادي للتعبير عن إحتجاجه وعدم رضاه لما تعرض له هيثم مصطفى من ظلم فادح في ناديه الذي لعب له طوال 17 عام ، وكان خلالها ملء السمع والبصر وصاحب لقب البرنس و1000 صحفي ومقدم برنامج رياضي يمدحه ويطلق البخور أمامه ويلهج بفريد موهبته وسجوده وقيامه وصلاحه وتقواه....

الصحفيون المحسوبون على الهلال وغيرهم من المرتزقة تناسوا في خضم الجرسة المصطنعة (وتحت ضغوط التعليمات والأوامر) أنهم هم أنفسهم من كان ولا يزال يكتب ويتشدق ويلوك اللبان بإيجابيات الإحتراف ، وضرورته للخروج بالكرة السودانية من قوقعتها .... ولكن يبدو أن هؤلاء يهزون بما لا يقتنعون به ، ويرددون إكليشيهات مستوحاة من الفضائيات الرياضية العربية.
بعض هؤلاء الأبواق الصحفية علل إعتراضه على ضم هيثم مصطفى لنادي المريخ بأنه خرق لميثاق شرف غير مكتوب بين إدارتي نادي الهلال ونادي المريخ ..... وهو ما يجعل المرء يتساءل عن أي ميثاق شرف يتحدث هؤلاء وماذا يقصدون وكيف يفهمون ؟؟؟ .... وهل هناك ميثاق شرف يمكن أن يصاغ قولا أو كتابة يحتوي على بند يمنع النادي الآخر من تسجيل لاعب شطبه ناديه ؟؟ وهل هناك ميثاق شرف يعاضد على تشريد اللاعب ومعاقبته بالحرمان رغبة في إهانته وتحقيره والتشفي منه والإنتقام السادي؟؟
هل يعتبر هذا ميثاق شرف ؟؟ ..... ربما لو كان هناك مثل هكذا تفاهم لكان من الأجدر أن يسمى ميثاق قــرف.
هل يعنون بميثاق الشرف أن يقفل الباب أمام إنتقالات لاعبي الهلال والمريخ فيذروهم كالمعلقة بين الأسوار ؛ وكما والخصيان داخل غرف نوم الدار؟
ولكن إذا عرف السبب بطل العجب .. فقد عزز هذا الصحفي رأيه بالقول أن هيثم مصطفى كان قد أساء لرئيس نادي الهلال ودخل معه في خلافات مزمنة .
إنكشف الغطاء إذن وبان المستور ..... وبمعنى آخر فإن الذي يفهم من هذا الصحفي المحسوب على إدارة الهلال أن سبب شطب هيثم مصطفى من كشوفات نادي الهلال لم يكن كما أشيع بسبب كبر السن وتدني المستوى وعدم القدرة على العطاء . وإنما السبب الحقيقي إنما كان لخلافات هذا اللاعب مع رئيس النادي (وحاشيته بالضرورة) .. وأنه لهذا السبب فإن المراد إنما تأديبه وإذلاله والإنتقام منه بتشريده وإجاعته لجعله عبرة لمن يعتبر أو كأنّ رئيس النادي ذات ملكية ، وأن بطانته وحاشيته من أعضاء مجلس الإدارة والأقطاب إنما هم من أبناء العائلة الحاكمة !!!
هكذا إذن تدار هذه الأندية التي يظن غير المنغمس في مستنقعاتها الآسنة أنها واجهات إجتماعية وثقافية براقة وأسماء رنانة جديرة بالتقدير والإحترام.
من يظن أمثال هؤلاء وفي مقدمتهم هذا البوق الصحفي أنفسهم ومن يظنون غيرهم ؟ هل يظنون أن اللاعب هو عبد مملوك لهم إن كان مسجلا في كشوفات النادي ؟؟ وأنه عبد آبق إن تصدى لهم يحتج أو ذهب يفضح جناياتهم وسوء ممارساتهم ؟؟؟
إذا كان توقيع اللاعب هيثم مصطفى للمريخ يوجع هكذا ، فلماذا بادرت إدارة الهلال بشطبه ؟ وهل من المنطق أن يبكي الشاطب ويولول ويشق الجيوب ويلطم الخدود على من بادر هو بشطبه للتو؟؟ .... بالطبع لا . ولكنه الدليل القاطع على أن الأمر لم يكن سوى تصفية حسابات شخصية وليذهب النادي والبلاد إلى الجحيم قربانا لتأصيل وترسيخ قناعات وممارسات من يظنون أنفسهم أسياد الناس.
سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون .!!!!...
أحقاد وأمراض ومفاهيم ومسالك غاية في السادية والوحشية ، لاتصدر إلا عن نفوس مريضة مهووسة بتضخيم الذات ، والرغبة في تحطيم النجاح ، والإبداع في صناعة الفشل ... وربما لو ترك لها المجال وخلا لها الجو لباضت وأفرخت لنا محاكم تفتيش تتفنن في تعذيب الغير ومحاربتهم في أرزاقهم ومواهبهم وقناعاتهم ومثلهم وتقاليدهم.
........... رغبة غريبة في بلاط الأجهزة الإدارية للتشفي من كل من لا يتقدم لتقبيل الأيادي ولحس الأقدام والتطبيل والنفاق ؛ ناهيك عن المعارضين ، ومن لايرضى المهانة والضيم ، وكل من ينتقد ويتصدى ليقول كلمة حق ويعلنها ( لا ) مدوية صريحة.
مسلك رخيص لصحافة رياضية غائبة عن الوعي ضنينة بكل ما يفيد الصالح العام ، ليس بها مهني متخصص ولا مثقف مدرك ؛ وإنما قطيع إرتزاق لا همّ لأفراده في الواقع وخلف الستار سوى تلبية حاجاته الشخصية وطبيعته البيولوجية ، وتحقيق أحلامه وطموحاته في رغد العيش من الهبات والعطايا والإكراميات التي ينفحه بها الأثرياء من الأقطاب والإداريين إضافة إلى ما يعينهم به هؤلاء من نفوذ ودعم في دهاليز الواسطات والإستثناءات وتسلق المناصب وسط مولد صاحبه غائب.
عالم مريب يحف به الظلام وتفوح منه رائحة الطاعون الأسود ، لتجعلك في نهاية المطاف على قناعة بعدم الأمل في إصلاحه ، وأن الشخص الطيب الوحيد فيه هو الشخص الميت.
هو إذن سبب يدفع اللاعب الموهوب الغيور إلى القناعة بأنه لاتوجد قدوة صالحة تستحق عناء الإتباع . فما بالك بردود أفعال من يمتلك الموهبة من اللاعبين ولا يملك الغيرة ولايدرك معاني التضحية وواجبات وتبعات المواطنة؟؟
هو إذن جانب سلبي آخر شاءت الأقدار أن يسفر عن وجهه الكالح الكريه في مناسبة إنضمام هيثم مصطفى للمريخ . وليبين لنا سبب آخر نضيفه إلى أسباب ما تتعرض له الكرة السودانية من هزائم فاضحة مذلة في كافة المنافسات الأقليمية والقارية .... وتفسر لنا لماذا نحن االيوم في الذيل بعد أن كنا بالأمس في المقدمة .
وحين نجمع المعووج والسادي من قيادات الأندية الرياضية إلى المنافق وأبواق البطارية وموبايل الشريحة في الصحافة والفضائيات ، أو نقسم ونضرب نافوخ هذا في وجه ذاك ؛ فإن حاصل العملية في النهاية لابد أن يكون ما نراه الآن من صناعــة حقيقية للفشــل البشـع في مسيرة السودان الكروية .... وإلى ما يشاء الله .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات