العصر اليوم يتسارع في جنون ، وفي الوقت الذي تستلقي فيه لتريح أعصابك وتنام يتحرك أناس في مكان آخر من الكرة الأرضية إلى أعمالهم ليطوروا ويبتكروا ويضيفوا إلى العالم أشياء جديدة ، فلابد للمربي لن يقرر الاهداف النهائية لأفراده الذين سيعيشون في عصر آخر وسيواجهون تحديات مختلفة وعليه ان يصوغ مجموعة من الأهداف الثقافية التي ترقى بافراده إلى مستوى أرفع ، الذي سيضعهم بلا شك في طليعة أبناء جيلهم ، وسيمكنهم من تجاوز الواقع الذي عاشه آباؤهم وأسرهم،
و ما نقصده هنا هو تأسيس التفكير على المنطق السليم وكيفية إثبات الحقائق والحكم على معقوليتها ( وهو ما يقوم به علم المنطق)، ثم بمعرفة العلوم وماهيتها والعلاقات فيما بينها وماذا تبحث وما الذي تتناوله ( وهو ما يقوم به علم فلسفة العلوم)،ثم بمعرفة طرق وأساليب البحث المناسبة لكل نوعية من البحوث( وهو ما يقوم به علم مناهج البحث) ، ثم بمعرفة بعض المفاتيح المهمة التي تفتح للمرء أبواب المعرفة من التعرف على التقسيمات الشائعة للمعارف البشرية وطرق الوصول لمصادر المعلومات، يمكن أن نوجد من خلال هذا المزيج ثقافة علمية منهجية متينة ذات أصول موضوعية ستكون أهم ما يرقى بالمجتمع وينهض بالأمة. وستكون جميع التطورات التنموية أمراً ميسورا وفي متناول الشعب العاقل المفكر المنطقي المنهجي الموضوعي، وستتلاشى مشكلات كثيرة تلقائياً ، إذ سيرتفع مستوى الخطاب المجتمعي تلقائياً.
ولتكوين الفرد لابد من دراسة فرع من العلوم يسمى بـ" علم العلم" أو الابستمولوجيا (epistemology)ويطلق عليه أيضا علم المعرفة أو المعرفية ، أو فلسفة العلوم .
و الابستمولوجيا هي العلم المتخصص في درس كيفية تكوين المفاهيم وتحولها ، وكيفية تبادلها بين علم وعلم ، وكيفية تشكل حقل علمي. ودراسة الأحكام والقواعد التي يعاد بمقتضاها تنظيم المفاهيم للعلم.
ويتناول هذا العلم البحث في أهداف العلوم وحدودها وعلاقاتها ببعضها البعض
والقوانين التي تحكم تطورها
وفلسفة العلم أو ابستمولوجيا العلم ليست جزءا من العلم ذاته
لأن فلسفة العلوم تأتي في صعيد وحدها لأنها حديث عن ذلك العلم وتعليق عليه وقول عنه ، فعندما نقول عن علم الاجتماع أنه علم وصفي لا يكون هذا القول من علم الاجتماع وداخل ضمن قضاياه بل حديث عن علم الاجتماع، ويتناول علم العلم أو فلسفة العلم الموضوعات التالية :
1-الأسس النظرية لكل علم
2-المبادئ العامة لكل علم
3-ظروف تبلور كل علم وتطوره
4-أساليب كل علم
وحتى نصبح مجتمعا علميا يجب أن نهتم بهذه المجالات الأربع الآتية وأن ندمجها قدر المستطاع في حياتنا وفي مناهج تعليمنا ومناهج التدريب وفي طروحاتنا الفكرية والتربوية بل حتى في انشطتنا الترفيهية وهذه المجالات أو العلوم هي :
1-علم المنطق ، أو التفكير المنطقي، وفيه يتعلم المرء أسس التفكير وكيفية بناء الفروض والتحقق والبرهنة وما يصح تبنيه وما ليس لايمكن التأكد منه، وهذا مهم في صناعة الإنسان المفكر
2-الابستمولوجيا،أو فلسفة العلوم وتوصيفها والتفريق بين مجالاتها وبيئات عملها. وهي مهمة في صناعة الإنسان الموضوعي
3-الميثولوجيا، علم مناهج البحث ، وفيه نعرف طرق البحث في كل نوعية من العلوم وكيف نصل للحقائق في هذا المجال ، فالباحث في المجلات الأدبية يستخدم مناهج وتقنيات وأساليب تختلف عن الباحث في الفيزياء مثلا. وهذا مهم في صناعة الإنسان المنهجي
4- تقنيات بحثية مثل ، مصادر المعلومات وحقول المعرفة ،وهذه مهمة في صناعة الإنسان العلمي.
التعليقات (0)