صناعة السلام بين الشعوب.. بقلم داني أيالون
يشهد الشرق الاوسط في الآونة الأخيرة أحداثا هامة ومشجعة تجعل كل محب لرغبة الشعوب وحقها بحياة ومستقبل أفضل، يقف اعجابا واكبارا امام هذا الصمود الذي تبديه الشعوب العربية التي حزمت أمرها على الاخذ بزمام امورها وتقرير مستقبلها بنفسها وانتزاع حريتها وكرامتها..
لكن في الوقت الذي يعلق الكثيرون آمالا على هذه الثورات بوصفها توفر بارقة أمل لنخطو جميعا نحو مستقبل أفضل، نجد ان ثمة من يتربص بهذه الهبات الشعبية مغتنما الفرصة لاحكام قبضته على كل ما تطال يداه من هذه البقعة الجغرافية .. فهذه ايران الخميني قد نجحت في ركوب موجة الثورة الايرانية التي نجحت لبرهة من الزمن بارساء نوع من الديمقراطية، لتحرف مسارها وترسخ نظاما قمعيا مستبدا يخضع لسلطة ولاية الفقيه، اما الديمقراطية فصارت في خبر كان..
والسيناريو ذاته تكرر في لبنان يوم سعت ثورة الارز عام 2005 الى طرد القوات السورية من لبنان واعادة بيروت الى سابق عهدها وازدهارها وانفتاحها بصفتها "باريس الشرق"، ليصحو الشعب اللبناني فيجد ان ثورته قد اختطفت ايرانيا بسواعد لبنانية ايرانية تسمي نفسها حزب الله.. لقد سُرقت الثورة اللبنانية وأحبطت وقُمعت وأصبح لبنان ايضا يخضع بشكل مباشر لولاية الفقيه (قدّس سرّه)....
وفي الوقت الذي يحتفل المصريون بنجاح ثورتهم المجيدة ويرسمون خارطة مستقبلهم في فترة ما بعد مبارك واعين خطورة المرحلة ودقة الموقف، نجد ايران قد شرعت كعادتها بالاصطياد في الماء العكر فأرسلت سفنها الحربية لتمر لاول مرة عبر قناة السويس ثم ترسي في ميناء اللاذقية في سوريا.. ولم تمضي سوى بضعة ايام حتى انطلقت من الميناء نفسه سفينة فكتوريا "التجارية" محملة بما لذ وطاب من الاسلحة الثقيلة في طريقها الى غزة هاشم... ولم يمض الا يوم واحد على اعتراض اسرائيل لهذه السفينة في عرض البحر حتى سمعنا عن اعتراض القوات المصرية لقافلة اسلحة أخرى كانت تشق طريقها الى حماس غزة قادمة هذه المرة من السودان.. وقبل ان تلتقط القوات المصرية أنفاسها شاهدنا تركيا هذه المرة تعترض طائرة شحن ايرانية محملة (ايضا) بالاسلحة والصواريخ...
لكن عمليات تهريب الاسلحة من والى ايران وحلفاءها لم تتوقف يوما بل اتسعت رقعتها منذ انطلاق الثورات في الوطن العربي.. بملاحظة ان اسرائيل هي المستهدف الاول والاكبر لهذه العمليات لكنها ليست المستهدف الوحيد على أي حال، ضمن هذا النشاط الدؤوب الذي ينشر القمع والتخلف في كل مكان تطأه قدماه.. هذا في الوقت الذي ما تنفك الدولة اليهودية تبسط كلتا يديها لكافة شعوب المنطقة سعيا لتحقيق السلام وتسعى لعيش كريم طبقا لما ورد في وثيقة استقلالها التي تؤكد على دأب اسرائيل واستعدادها للقيام بكل ما تملك من قدرات ضمن تعاون مشترك للرقي قدما بالمجتمعات المتوسطية في كافة ميادين الحياة...
علما ان دولة اسرائيل ومن خلال متابعتها لما يجري من ثورات شعبية في البلدان العربية وبناء على صدمتها من ضراوة وحدة ردة فعل الانظمة العربية تجاه هذه الثورات، قد خلصت الى نتيجة مؤداها ان سعيها الحثيث لسنوات لتحقيق سلام مع الدول العربية لا يجب ان يكون على حساب شعوب هذه الدول وطموحاتها، وان السلام الحقيقي لا يمكن ان يتحقق اذا اقتصر على الانظمة دون ان يلقى قبولا واسعا ومشاركة فعالة من الشعوب وبالتالي ان نعيشه واقعا في كل مجالات الحياة في اسرائيل والدول العربية على حد سواء... ومن هذه الناحية بالذات تنظر اسرائيل بقلق الى كل فعل من شأنه تأليب مشاعر العداء تجاه اسرائيل وتأزيم الوضع الاسرائيلي العربي باعتبار كل ذلك سيؤدي الى تسميم الأجواء المسممة اصلا وبالتالي يضيع ما تبقى من فرص لدفع العملية السلمية...
وفي الوقت الذي نسعى الى تحقيق سلام جاد ودائم مع الفلسطينيين، فاننا نحرص على اظهار محاسن هذا السلام بالنسبة للشعب الفلسطيني، من تقدم اقتصادي وحرية تنقل ورفع مستوى المعيشة، فتحقيق هذه الاهداف بات مطلبا اسرائيليا جادا وثمنا تدفعه اسرائيل بقلب سليم في سبيل تحقيق مصالحة تاريخية مع الفلسطينيين..
ونحن على يقين ان السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو ايجاد صيغة توافقية حول حل يتوصل اليه الطرفان من خلال عملية تفاوضية ويحظى بدعم كل من المجتمع الاسرائيلي والمجتمع الفلسطيني بكافة أطيافه لضمان نجاحه واستمراره.. فبدون هذه العناصر لن يكتب لنا النجاح، وسنترك الحبل على الغارب للخيارات القمعية والمتطرفة لتسد الفراغ.. فلقد أصبحنا اكثر وعيا بعد الاحداث الاخيرة...
تنويه: المقال ترجم بتصرف لزيادة الايضاح، هذا سبب عدم ادراجه ضمن المواضيع المنقوله فاقتضى التنويه
لمطالعة المقال الاصلي بالانجليزية:
www.sfgate.com/cgi-bin/article.cgi
التعليقات (0)